الجيش اليمني يبدأ زحفا على مواقع للحوثيين.. واشتباكات قرب الحدود السعودية

الحوثيون يعلنون صد الهجمات والإستيلاء على مواقع عسكرية

احد المباني المنهارة اثر المعارك في صعدة (رويترز)
TT

بدأت قوات الجيش اليمني زحفها على الحوثيين في مديرية حرف سفيان بعد الضربات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية في الأيام الماضية من نشوب الحرب السادسة مع الحوثيين. من جانبهم أعلن الحوثيون، أمس، عن قتلهم لعدد من الجنود والاستيلاء على أحد المواقع العسكرية بالكامل، في الوقت الذي اتهمت فيه السلطات اليمنية الحوثيين بتدمير آلاف المنشآت في محافظة صعدة، فيما أعلن وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد عن تكبد الحوثيين خسائر كبيرة وعن اعتقال عدد من عناصرهم. وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن مواجهات شرسة شهدها العديد من المواقع والمناطق في مديرية سفيان من محافظة عمران وقد قتل وجرح العشرات في هذه الهجمات المتبادلة بين الجانبين، مؤكدة مقتل 26 من الحوثيين وجرح العشرات ومن القوات الحكومية قتل 8 جنود، بينما قالت مصادر أخرى إن القتلى من الحوثيين 40 قتيلا و15 جريحا وقتل من قوات الجيش 5 جنود حتى فجر أمس.

وأشارت المصادر إلى أن هذه المعارك احتدمت في منطقة الحيرة والشقراء والمجرعة والكولة والحمة واتجهت قوات الجيش زاحفة صوب الحوثيين من المواقع العسكرية الثابتة في الجبل الأسود والوحدات المتقدمة من اللواء 109 مشاه إلى مدينة سفيان عاصمة المديرية التي تعتبر الجبهة الأمامية والدفاعية للحوثيين خارج محافظة صعدة مكتسحة مواقع الحوثيين، حسب هذه المصادر. وأكدت المصادر أن القوات المسلحة وصلت إلى منطقة العمشية باتجاه صعدة. بينما أكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» وقوع اشتباكات بين القوات المسلحة والحوثيين في مديرية الملاحيظ القريبة من الحدود السعودية قُتل فيها العديد من الحوثيين، قدّرتهم المصادر بالعشرات من القتلى والجرحى، وقُتل من الجنود الحكوميين 6 أفراد وجرح عدد آخر من قوات الجيش. وذكرت المصادر استئناف القوات الجوية عمليات القصف لمواقع الحوثيين في العديد من المواقع والمديريات على منطقتي مطره والنقعة وهما من المعاقل المهمة للحوثيين في محافظة صعدة وقصفت المدفعية والصواريخ والطائرات مواقع الحوثيين في جبل قمامة وسوق الليل والمهاذير والخفجي، وقُتلت أعداد من أنصار الحوثي في هذه الهجمات الصاروخية والمدفعية والطائرات، فيما قالت المصادر إن الحوثيين يباغتون القوات الحكومية على شكل حرب العصابات ويعمدون إلى أسلوب القنص ضد الأفراد من قوات الجيش، ونجم عن ذلك مقتل وجرح للأفراد من قوات الجيش. وقال الحوثيون إنهم قتلوا تسعة جنود وجرحوا عشرات آخرين وذلك في مواجهات دارت في منطقة «الملاحيظ، المنزالة» قرب الحدود اليمنية ـ السعودية.

وذكر بيان صادر عن مكتب عبد الملك الحوثي، القائد الميداني للحوثيين في صعدة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن من سماهم بـ «المجاهدين» أفشلوا زحفا كبيرا للقوات الحكومية في الملاحيظ وأنهم ألحقوا بها «خسائر فادحة» وقاموا بإعطاب دبابة وطقم عسكري وعربتي همر عسكريتين.

وأضاف الحوثيون أنهم استولوا على موقع «طنان» العسكري في منطقة «سوق الليل – المهاذر»، بكامل معداته، مبررين إقدامهم على ذلك باستمرار الموقع في «الخروقات والتعدي»، مشيرين إلى أنهم أفشلوا أيضا محاولة للقوات الحكومية لاسترداد الموقع، وقالوا إن القوات الحكومية لجأت إلى القصف الجوي والمدفعي واستخدمت القنابل الحارقة وذلك كمحاولة «لرد الاعتبار عن الخسارة التي لحقت بها في المنطقة».

واستمرت أمس المواجهات أيضا بين القوات الحكومية والحوثيين في منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران شمال العاصمة صنعاء. وقال الحوثيون إن القوات الحكومية لقيت مقاومة وصفوها بـ «منقطعة النظير» في منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران، وإنهم قتلوا وجرحوا عشرات الجنود ودمروا عربة همر والاستيلاء على العشرات من قطع السلاح الثقيلة، مؤكدين أن الناس متلهفون «شوقا إلى لقاء هؤلاء الظلمة المعتدين في كل ميادين البطولة والتضحية والدفاع، ليذوق المعتدي وبال ما اقترفته يد العمالة والخيانة والتفريط بدماء اليمنيين وسادتهم»، حسب بيان عبد الملك الحوثي.

وفي صنعاء أعلن وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد أن القوات المسلحة والأمن وجهت أمس ضربات موجعة إلى المتمردين الحوثيين وكبدتهم خسائر فادحة وقامت بشل حركتهم، دون أن يحدد المنطقة التي دارت فيها تلك المواجهات. وأعلن الوزير ناصر عن اعتقال عدد من العناصر الحوثية التي قال إنها سُلمت إلى العدالة دون أن يذكر أيضا عدد المقبوض عليهم. وأضاف في محاضرة له في الأكاديمية العسكرية العليا أمس أن «القوات المسلحة هي الدرع الواقي والسياج المنيع للوطن والشعب والمحافظ على سلامة ترابه الوطني والمدافع عن مكتسباته ومقدراته وأداته الرادعة لكل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار الوطن وإقلاق الطمأنينة والسكينة العامة للمجتمع والخروج على الدستور والقوانين».

إلى ذلك كذب مصدر في وزارة الدفاع اليمنية ما أوردته إذاعة طهران الإيرانية الرسمية التي زعمت أن الطيران السعودي شارك بصورة مباشرة في قصف مواقع الحوثيين في صعدة. وقال المصدر إن المعلومات التي تضمنتها تلك «الأنباء المفبركة، عارية عن الصحة تماما وتفتقر في مجملها إلى الدقة والمصداقية». وأكد المصدر قدرة القوات المسلحة اليمنية على «القيام بواجباتها الدستورية والقانونية في الذود عن حياض الوطن وأمنه واستقراره ومكتسباته ومصالحه العليا». وعبر المصدر اليمني عن «أسفه البالغ لانزلاق وسائل إعلامية إيرانية رسمية، لترويج مثل هذه المعلومات الكاذبة والمضللة» والتي اعتبرها المصدر لا تعدو عن كونها «مجرد محاولات للتغطية على الجرائم والأعمال الإرهابية التي تقوم بها عناصر التمرد والتخريب التابعة للتمرد الحوثي»، مؤكدا أنه «كان الأحرى بإذاعة طهران أن تلتزم الموضوعية والحياد وأن لا تنجر وراء تلك الأكاذيب». وأنه كان عليها أن «لا تضع نفسها في مثل هذا الموقف الذي يفقدها مصداقيتها ويثير التساؤل عن الأهداف المشبوهة التي تنشدها من وراء ذلك».

يذكر أن المواجهات الحالية تعد الجولة السادسة في حروب استمرت لفترات متقطعة لأكثر من 5 سنوات. وكانت الجولة الخامسة توقفت منذ يوليو (تموز) من العام الماضي بمبادرة من الرئيس علي عبد الله صالح لكن السلطات تتهم الحوثيين بعدم الالتزام بوقف إطلاق النار بحسب الأجندة الحكومية التي تقضي بنزول الحوثيين من الجبال وأن يسلموا الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للحكومة ويخلوا المدارس والمراكز الحكومية على أن تعود الحياة الطبيعية إلى هذه المحافظة التي شهدت 5 حروب دامية قتل وجرح بسببها آلاف من المواطنين والحوثيين وقوات الجيش والأمن والقبائل المساندة للحكومة في الحرب على الحوثيين.

على صعيد آخر وفي زيارة لم يعلن عنها من قبل، وصل إلى صنعاء أمس وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة مرشح الرئاسة الأميركية السابق السناتور الجمهوري جون ماكين. ورغم أنه لم يعلن عن القضايا التي سيبحثها الوفد مع المسؤولين اليمنيين، فإن مصادر مطلعة أكدت لـ «الشرق الأوسط» أن الوفد سيبحث عددا من الملفات الهامة والشائكة بين الولايات المتحدة واليمن، وفي مقدمتها قضية المعتقلين اليمنيين في غوانتانامو والحرب الدائرة في محافظة صعدة بشمال البلاد، وأيضا التعاون اليمني ـ الأميركي في مجال محاربة الإرهاب. ومن المتوقع أن يلتقي الوفد عددا من المسؤولين اليمنيين، وفي مقدمتهم الرئيس علي عبد الله صالح.