لبنان: قطار تشكيل الحكومة متوقف عند عقدتي توزير الراسبين وتوزيع الحقائب

الأسبوع المقبل مفتوح على مزيد من التصعيد السياسي

TT

لا يزال قطار تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة متوقفا عند مشكلة الأسماء المقترحة للتوزير وتقاسم الحقائب الأساسية بين الأكثرية والمعارضة. ويتوقع أن يطل هذا الأسبوع على مزيد من التصعيد. انطلاقا من المؤتمر الصحافي الذي سيعقده رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون اليوم، والمنتظر أن يرفع فيه سقف مطالبه التي وصفتها الأكثرية بـ «التعجيزية» بعد رفضها توزير صهره جبران باسيل وإعطائه حقيبة الداخلية، إضافة إلى أربع حقائب أخرى خدماتية.

في هذا الوقت، رأى البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله بطرس صفير أن «ما يجري عندنا (في لبنان) من التجاذبات على الصعيد السياسي يدل على أن الكثيرين من الذين يتعاطون الشأن السياسي لا يتوخون خير البلد وأبنائه بقدر ما يتوخون مصالحهم الشخصية، وهذا ما يعيق تأليف حكومة تعمل لمصلحة أهل البلد».

واعتبر وزير الثقافة تمام سلام «أن المواقف التي تم إعلانها في الأسابيع الأخيرة (مواقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط) وما تلاها من توضيحات وترددات لأن مضمونها حمل الكثير من التأويلات، أتت في توقيت مسيء لعملية تشكيل الحكومة والجهود التي يبذلها الرئيس المكلف سعد الحريري لتجاوز المطالب والعقد، انطلاقا مما اعتمده بعد الانتخابات العامة من يد ممدودة في اتجاه جميع القوى السياسية». وقال «نحن لا نريد تقييم ما قاله وليد جنبلاط في الإطار المبدئي وحول الثوابت الوطنية والعربية، لكننا لا نستطيع تجاوز ما أحدثه هذا الكلام من إشكال استنفر الحلفاء قبل المعارضين، وأدى إلى تراجع في إنتاج التوافق حول الحكومة العتيدة».

وإذ لفت سلام إلى أن «الخروج من هذه الأجواء يكون من خلال تشكيل الحكومة في أقرب وقت، تفاديا للعقد التي تقتنص الفرص، لتتحول إلى حواجز أمام الرئيس المكلف»، حض الجميع على «عدم استغلال ما حصل». وحيا «صبر الرئيس المكلف واتساع صدره ومعالجاته»، ودعاه إلى «عدم التوقف أمام العراقيل واعتماد كل البدائل التي تحقق للوطن حكومة تعكس نتائج الانتخابات وخيارات المواطنين والأكثرية التي استدرك البعض أخطاء نسفها قبل أن تتحول الكلمات إلى خطايا».

بدوره، رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب نهاد المشنوق أن أسلوب جنبلاط لا يشفع لمضمون كلامه. وشدد على أن توزير الراسبين «خطأ شائع لا يجوز تكراره»، معتبرا أن «حزب الله يحقق صيغته ويترك عراقيل التشكيل للرئيس المكلف سعد الحريري»، موضحا أن «سبب اجتهاد نواب الكتلة في مسائل عديدة هو التأخير في تشكيل الحكومة والارتباك أمام التطورات الجديدة»، واعتبر أن «الحكومة المقبلة ستكون حكومة واقعية سياسية وفيها شيء من الضمانات للطرفين، وشكل هذه الضمانات ليس شكل الثلث المعطل الحاد الذي كان موجودا في الحكومة الماضية». وأشار إلى «حصول تسوية ما تتعلق بطريقة التصويت على القضايا التي تتعلق بالنصف زائد واحد وعلى القضايا التي تتعلق بالثلثين والتي تعالج بطريقة الحوار بين الأطراف المشاركة بالحكومة».

ولاحظ أن «المعارضة اعترفت بنتائج الانتخابات شفهيا ولكنها عمليا تؤكد يوميا أنها غير موافقة عليها».

ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب زياد القادري أن «الازدواجية في خطاب الأقلية تعرقل تأليف حكومة ائتلاف وطني، فهي إذ لا تنفك تبتدع العقد، تستعجل التأليف تارة، وتؤخره تارة أخرى، وفقا لمزاجيتها وشروطها، فهي تريد دخول الحكومة بالجملة، بينما تتعامل مع مسألة التأليف بالمفرق». وأكد أن «رئيس الوزراء المكلف ليس صندوق بريد يضع فيه كل طرف أسماء وزرائه، فالدستور أناط به مسؤولية تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، ولم ينط بأي طرف آخر القيام بهذه المسؤولية، وبالتالي فمن صلب صلاحيات الرئيس المكلف إبداء الرأي في الأسماء التي تطرحها كل جهة وجوجلتها، ثم توزيع الحقائب».

وشدد على أن «اتهامات الأقلية للرئيس المكلف سعد الحريري بأنه هو من يؤخر تأليف الحكومة مردودة إلى أصحابها، لأن الدستور لم يحدد مهلة للتأليف ويحق للرئيس المكلف أن يأخذ وقته».

وأوضح عضو تكتل «لبنان أولا» النائب هادي حبيش، أن «العقدة الأساسية في تشكيل الحكومة تكمن عند المعارضة بطرحها توزير الراسبين والتمسك بموضوع الوزارات التي يعتبرون أنها أصبحت مطوية باسمهم». وقال «من الواضح جدا، أن العماد عون متمسك بوزارة الاتصالات، وجميعنا نعلم أن هناك خلفية وراء هذا المطلب هو تمسك «حزب الله» بوزارة الاتصالات وليس فقط العماد ميشال عون»، لافتا إلى أن «أهم العقد المعرقلة لتأليف الحكومة هو المطلب الدائم للعماد عون بتوزير صهره جبران باسيل».

وأشار إلى أن «الرئيس المكلف سعد الحريري مصر على تشكيل الحكومة، وهو يحترم إرادة الشعب اللبناني التي أفرزت أكثرية نيابية وكلفته تشكيل هذه الحكومة، واليوم هو يشكل هذه الحكومة».

وأكد عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» (التي يترأسها جنبلاط) النائب علاء ترو أن النائب ميشال عون «هو من يعرقل إصدار التشكيلة الحكومية وأن ثمة من يحرض عون على التمسك بمطالبه بالوزراء الستة، وبالوزارات السيادية، وفي توزير الراسبين». وأمل من المعارضة أن «تضغط على العماد عون، طالما يهمها التسريع بالتأليف، من أجل تسهيل مهمة الرئيس سعد الدين الحريري»، وقال «إذا كان البعض يريد التأخير أكثر بتشكيل الحكومة فهو يسهم مع العماد ميشال عون في تأخير التشكيلة، وعندها لن يكون التعطيل داخليا بل يكون نتيجة ضغوط خارجية من أجل قبض سعر أكبر من الرئيس المكلف الشيخ سعد الدين الحريري».

أضاف «لا بد من التأكيد أننا بعد هذا الضجيج حول مواقف رئيس الحزب التقدمي النائب وليد جنبلاط، نحن مع الشيخ سعد الحريري في تأليف الحكومة وصيغتها، معه داخل الحكومة ومعه داخل المجلس النيابي من أجل حماية السلم الأهلي والوحدة الوطنية».

أما على صعيد مواقف قوى الثامن من آذار، فقد أمل وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال محمد جواد خليفة أن «يعلن الرئيس المكلف سعد الحريري في وقت قريب عن تصوره لهذه الحكومة التي نريدها أن تكون اسما على مسمى لحكومة وحدة وطنية ووفاق وطني يتحمل فيها الجميع مسؤولية النهوض بالبلد والابتعاد عن الشعارات التي كانت تصطنع للانقسام، وخاصة في ما يتعلق بموضوع المقاومة وسلاحها الذي نراه اليوم ضرورة أكثر من أي وقت مضى في مواجهة تحديات حكومة العدو الصهيوني».

ودعا ممثل «حزب الله» في حكومة تصريف الأعمال وزير العمل محمد فنيش إلى «الإسراع في تشكيل حكومة الشراكة والوحدة الوطنية، لأن لا مبرر لإطالة أمد تأليفها». وشدد على أن «يترك لكل جهة أن تسمي وزراءها»، لافتا إلى أن «مسألة تشكيل الحكومة أمر لا بد منه، وإذا تأخر الأمر أسبوعا أو أسبوعين ففي النهاية لا بد لنا من أن نشكل حكومة. فلماذا إضاعة الوقت ومحاولة تمريره ونحن بحاجة للاستفادة من الفرص المتاحة علنا نعوض ما خسرناه من وقت في الانقسام والخلاف».

ولاحظ عضو كتلة «حزب الله» النائب حسن فضل الله أن «كل تأخير في تشكيل الحكومة لأي سبب كان يزيد معاناة المواطنين وتراكم المشكلات والأعباء والتحديات الاقتصادية والإنمائية والاجتماعية». ورأى أن «المواطنين لا يستطيعون الانتظار طويلا في حكومة تصريف الأعمال لأنهم يحتاجون إلى مشاريع وإلى همة عالية وهذا لا يتأمّن إلا بوجود حكومة متجانسة وقوية وقادرة وعاملة ونشيطة». وقال «نحن لا نريد حكومة فقط من أجل تشكيل حكومة بل نريد حكومة تتحمل المسؤولية والأعباء»، داعيا إلى «تجاوز المعوقات والصعوبات غير المعقدة والقابلة للحل وللعلاج والابتعاد عن بعض الحسابات الصغيرة التي يمكن أن نتجاوزها وننطلق في مرحلة جديدة بالبلد».

وقال عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب أيوب حميد «لا يجوز الاستمرار بهذا الواقع لأنه في كل يوم نتأخر عن تشكيل حكومة الشراكة يضيع على اللبنانيين الكثير من الفرص التي يمكن الاستفادة منها لخير الوطن ومستقبله» داعيا إلى «تعزيز اللقاءات والمصالحات لتشمل كل المناطق لما لها من إيجابيات في منعة لبنان وقوته».

وسأل عضو كتلة «التحرير والتنمية» هاني قبيسي عن «سبب الإبطاء في تشكيل حكومة جديدة في الوقت الذي يطالب فيه الجميع بالإسراع بتشكيلها، خصوصا إذا كان عنوانها السياسي المتفق عليه من كل الأطراف هو حكومة وحدة وطنية. فالوحدة يجب أن يعمل لها الجميع دون التوقف عند أي سبب لا يمس بالثوابت الوطنية التي تعزز الوحدة وتؤمّن الاستقرار».

واعتبر مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله، عمار الموسوي، أن «المطلوب قبل الإسراع في تشكيل الحكومة، هو أن يتحلى الجميع بشجاعة تمكنهم من أن يجروا نقدا ذاتيا لمواقفهم كما فعل البعض». وقال «لقد قدمت المعارضة كل التسهيلات لتتشكل الحكومة، لكن المشكلة عند الآخرين الذين يعيشون المأزق، حيث راهنوا طوال السنوات الماضية على أن قوى المقاومة والممانعة ستنتهي وسيتم تدجينها والآن يعيشون أزمة سقوط الرهانات».