مالك المركب المصري «ممتاز 1» لـ«الشرق الأوسط»: لقنا القراصنة درسا لن ينسوه

شكر الجهات الصومالية واليمنية والمصرية التي قدمت مساعدات لتحرير الصيادين

TT

علمت «الشرق الأوسط» أن الحاج حسن خليل مالك المركب المصري «ممتاز 1»، الذي نجح أخيرا في تنفيذ عملية هروب ناجحة بالتعاون مع السلطات المصرية من قبضة القراصنة، سيعود اليوم إلى مصر عبر جيبوتي قادما من مدينة بوصاصو فى إقليم بونت لاند (أرض اللبان) شمال شرقي الصومال.

وقاد خليل، بالتعاون مع عناصر من جهاز المخابرات العامة المصرية ووسطاء يمنين وصوماليين، عملية تحرير المركبين «ممتاز 1» و«أحمد سمارة» من القراصنة المدججين بالسلاح، وتمكن عبر خطة خداع وتمويه من تحرير المركبين وإطلاق سراح أربعين صيادا مصريا على متنهما.

وتحدث خليل أمس لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من أحد فنادق مدينة بوصاصو، حيث يخضع لحراسة أمنية مكثفة خشية تعرضه مع مرافقيه المسلحين الذين نفذوا عملية الاقتحام الجريئة للخطر، بعدما بدأ القراصنة وبعض العشائر في المطالبة بالانتقام من الصياديين المصريين بسبب قتل عدد غير معلوم على وجه الدقة من القراصنة وأسر ثمانية آخرين منهم.

وتحول خليل إلى بطل قومي في مصر بسبب دوره في إنهاء هذه العملية واستعادة المركبين، لكن الرجل بدا أمس في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عازفا عن نسب النجاح إلى نفسه فقط.

وشكر خليل الجهات الصومالية واليمنية والمصرية التي قدمت مساعدات مهمة أدت إلى نجاح عملية تحرير المركبين، التي تعد سابع عملية هروب ناجحة على الإطلاق على مدى السنوات العشرين الماضية ينفذها صيادون محتجزون من قبل القراصنة الذين صعّدوا أخيرا من أنشطتهم الإجرامية بطول السواحل المترامية الأطراف للصومال.

وقال خليل لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله نفذنا العملية بنجاح. ليست هناك خسائر مصرية مطلقا، بالعكس ردعنا القراصنة ولقناهم درسا مؤلما». من جهته، قال محمد المهدي، رجل الأعمال والوسيط اليمني الذي رافق خليل في تنفيذ العملية والمفاوضات التي سبقتها، إن البحارة المصريين تمكنوا في عملية جريئة من استعادة السيطرة على مركبي الصيد المصريين المخطوفين منذ نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، وإلقاء القبض على المتواجدين على متنهما.

وأضاف: «قفز ثلاثة من القراصنة إلى مياه البحر طلبا للنجاة، وثمانية نعتبرهم حراسا للقراصنة باتوا في أيدي الصيادين، واصطحبوهم معهم في رحلة العودة إلى الأراضي المصرية».

وقال «نحن الآن متوجهون إلى إقليم بونت لاند برفقة عبد الواحد محمود حسن سكرتير الرئيس الصومالي السابق عبد الله يوسف، وهو من وفر لنا الحماية والحراسة اللازمة حينما ذهبنا إلى حكومة الإقليم وأعيان ومشايخ المنطقة وإلى منطقة القراصنة أثناء التفاوض».

وأضاف: «غدا (اليوم) سنتمكن إن شاء الله من العودة إلى جيبوتي، وسأتوجه أنا إلى اليمن بينما صديقي المصري الحاج حسن خليل سيعود إلى بلاده».

وقال «هذه أول عملية ناجحة في العالم لمواجهة القراصنة وكبح جماحهم، وسيسجلها التاريخ بلا شك». ورفض كل من خليل والمهدي الخوض في التفاصيل الكاملة لعملية تحرير المركبين بسبب ما وصفاه بالوضع الأمني الراهن، وطلبا انتظار خروجهما من الأراضي الصومالية قبل الإدلاء بالمزيد من المعلومات. إلى ذلك، قال مساعد الرئيس الصومالي السابق عبد الله يوسف إن نجاح عملية تحرير المركبين تم بفضل الله ثم بشجاعة الصيادين والمجموعة المسلحة التي رافقته مع المالك المصري والوسيط اليمني أثناء المفاوضات.

وأضاف عبد الواحد محمود حسين، سكرتير الرئيس الصومالي السابق، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف: «لست بطلا بمفردي.. هناك زملائي ومرافقي، لقد وثقوا بي ووضعوا حياتهم بين يدي، والحمد لله بتوفيق الله نجحنا في إنهاء عملية احتجاز المركبين».

وقال إنه سيتوجه إلى اليمن الشهر المقبل ومنها إلى مصر، مضيفا: «نحن الصوماليين أصدقاء للشعب المصري. أنا سعيد بانتهاء هذه المحنة.. نحن عرب ومسلمون وينبغي أن نتعاون معا لمكافحة القراصنة قبالة السواحل الصومالية».

وسألته «الشرق الأوسط» حول العدد الحقيقي للقتلى وسط القراصنة الصوماليين بعد اكتشاف سبعة جثث منهم طافية فوق المياه بالقرب من مدينة لاس قوري شمال شرقي الصومال، فقال «لسنا متأكدين بشأن عدد القتلى أو الخسائر البشرية في صفوف القراصنة. لقد نفذنا عملية سريعة، ولم يكن يتعين علينا أن نتوقف لنحصى القتلى. كنا في عجلة للفرار وتأمين خروج المركبين والصيادين المصريين». في المقابل، تعهد القراصنة الصوماليون بالانتقام من الصيادين المصريين، وقالوا إنهم قتلوا رفاقا لهم بعد تمكنهم من الفكاك من محتجزيهم الذين أسروهم أربعة أشهر.

في غضون ذلك.. كشفت مصادر مصرية النقاب عن أن جهاز المخابرات العامة المصرية ساهم بشكل أساسي في تأمين عملية تحرير المركبين وإطلاق سراحهما بالقوة من القراصنة الذين كانوا يحتجزونهما في إقليم بونت لاند الذي يتمتع منذ عام 1998 بالحكم الذاتي. واستمرت رعاية جهاز المخابرات المصرية للمركبين بعد تحريرهما طيلة رحلة العودة والخروج من المياه الصومالية. ومعتمدا على دهائه، ومستعينا بأحد عشر مسلحا صوماليا، تمكن الحاج حسن خليل (65 عاما) مالك المركب «ممتاز 1» من تضليل القراصنة بعد سلسلة من المفاوضات لدفع الفدية.

ووفقا لمعلومات «الشرق الأوسط»، فقد تمثلت الخدعة التي انطلت على القراصنة في تمكن الحاج حسن خليل من إقناعهم بجديته في التفاوض ودفع الفدية المطلوبة، علما بأنه سلم جزءا من أموال الفدية التي تم جمعها على مدى الشهور الماضية من مختلف الجهات بالفعل إلى القراصنة لطمأنتهم، لكنه في الوقت نفسه استخدم الجزء الآخر لاستئجار المجموعة المسلحة وتأمين الطريق لصعودهم على متن المركبين.

ونجح خليل في إقناع الخاطفين بالسماح له وللمجموعة المرافقة له بالصعود على متن المركب «ممتاز 1» للاطمئنان على اثنين من أبنائه، قبل أن يتمكن الصيادون والمرافقون له من السيطرة على المركب بعد اشتباك قصير مع القراصنة، مما أدى إلى مقتل اثنين وجرح ثالث، قبل أن يلوذ المركبان بالفرار خارج المياه الإقليمية الصومالية إيذانا بنهاية تلك المحنة.