عزبة البرج.. أشهر مدينة للصيادين في مصر

تعيش حالة فرح بعد نجاح أبنائها في الفرار من القراصنة

صيادون مصريون في عزبة البرج («الشرق الأوسط»)
TT

على شاطئ نيلي صغير تقع مدينة عزبة البرج التي تعد أشهر مدينة للصيادين بمصر، فالأغلبية العظمى في هذه المدينة من الصيادين أو الذين يعملون في مهنة أخرى تتصل بمهنة الصيد.

وتخرج من هذه القرية الصغيرة والتي لا يزيد عدد سكانها على 50 ألف نسمة مراكب الصيد المصرية للصيد بالسواحل الأفريقية، ويوم الجمعة الماضي نجح عدد من صياديها الذين كانوا محتجزين على متن مركبين للصيد في الفرار من القراصنة الصوماليين بعد أن قتلوا اثنين منهم وأسروا ثمانية.

وتتميز هذه القرية (التي تقع شمال مدينة دمياط بنحو 15 كلم على الضفة الشرقية لنهر النيل عند مصبه بالبحر المتوسط، وتوجد بها طابية عرابي الأثرية، وفي عام 1869 أنشئت بها منارة لإرشاد السفن المارة في البحر المتوسط بارتفاع 180 قدما) بالهدوء الشديد، وتنتشر بها بصورة غريبة السيارات التي تعود إلى الخمسينات، حيث تعمل في مجال نقل الركاب.

ويرجع السكان انتشار هذه النوعية من السيارات إلى رخص ثمنها وانخفاض الأجرة المحصلة من الركاب.

ويقول الحاج محمد إسماعيل ـ 55 عاما «معظم السكان من الصيادين الفقراء الذين لا يمتلكون إلا قوت يومهم، فهم لا يعرفون شيئا إلا الصيد فقط من خلال قواربهم الصغيرة أو بعض المراكب التي تخرج للصيد في المياه الدولية».

ويضيف «رزق البحر كان واسعا وكثيرا، وكنا مستورين.. الآن الرزق أصبح محدودا للغاية».

كما تتميز هذه القرية بشوارعها الضيقة، وأحيائها الفقيرة الترابية، وانتشار المقاهي بأعداد كبيرة، فأنت تجد بين كل مقهى وآخر مسافة لا تزيد على 500 متر، ودائما تعج بالصيادين ليل نهار.

ويقول مجدي رشدي ـ 35 عاما ـ وهو يدخن الشيشة، إن المقاهي هي المتنافس الوحيد لمعظم سكان القرية، لذلك يحضر الصيادون بشكل يومي إلى هنا بعد انتهاء «سرحة الصيد» التي تستغرق من خمسة إلى سبعة أيام، تعقبها راحة لثلاثة أو أربعة أيام.

ومعظم نساء القرية من ربات البيوت، ولا يعملن في الوظائف الحكومية على الرغم من حصول عدد كبير منهن على مؤهلات دراسية.

وتعيش هذه القرية هذه الأيام حالة من الفرحة الغامرة بعد ورود الأنباء عن فرار الصيادين المصريين، حيث خرجت عشرات السيارات إلى شوارع القرية معبرة عن فرحها الشديد بعد ما يزيد على خمسة أشهر من استيلاء القراصنة على المركبين.

ويقول حسام وفدي خليل، رئيس جمعية الصيادين بعزبة البرج، إن القرية تسهر كل يوم حتى الصباح في انتظار عودة أبنائها، مضيفا أن الفدية التي كان يطالب بها القراصنة خيالية، وهي مبالغ لم يسمع بها الصيادون بالمدينة من قبل.

وتشتهر قرية عزبة البرج الصغيرة بدمياط شرق دلتا مصر بصناعة سفن الصيد، التي تخرج إلى السواحل الدولية بالطرق اليدوية حيث لا يزال أبناء هذه القرية يتوارثون سر هذه المهنة من دون أن يسمح لأحد من خارج القرية بمعرفتها، فأنت لا تجد غريبا واحدا داخلها. وعلى شاطئ صغير بالقرية كانت هناك العشرات من هياكل السفن التي يتم بناؤها وكانت معظمها خشبية.

ويقول الحاج عبد الحميد علي ـ 62 عاما ـ إن المهنة لم تعد مربحة كما كانت في الماضي، حيث إن ارتفاع أسعار الخامات وكلفة بناء السفن جعل هناك تراجعا في الإقبال على البناء، ويتم الاكتفاء بإجراء عمليات الصيانة للسفن القديمة.

ويقول ناصر محمود، وهو شاب في الثلاثينات من العمر كان يقف على سلم خشبي لصيانة أحد مراكب الصيد «المهنة تأثرت بتراجع مكاسب الصيادين بسبب قلة الأسماك.. لو زاد دخلهم لزاد الإقبال على بناء المراكب الجديدة».

ولا يزال أبناء هذه الصناعة التي تشتهر بها عزبة البرج دون غيرها من أي منطقة أخرى في مصر يستخدمون خشب الأشجار في تصنيع السفن، فيما يستخدم عدد قليل منهم الحديد.