واشنطن تعد «لمواجهة دعاية طالبان» ببرامج إذاعية وتدريب صحافيين

الحركة الأفغانية تهدد بمهاجمة مراكز الاقتراع * 223 مليون دولار تكلفة الانتخابات

مؤيدون للرئيس حميد كرزاي لدى وصولهم إلى تجمع انتخابي في مدينة قندهار أمس (أ.ف.ب)
TT

تخطط إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لتشكيل وحدة جديدة داخل وزارة الخارجية الأميركية، تكون مهمتها مواجهة الحملة الدعائية لحركة طالبان في أفغانستان وباكستان. وأوضحت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس، أن إدارة أوباما تريد من هذه الوحدة أن تنخرط بأكبر درجة على الإطلاق في حرب كسب القلوب، التي كان مسؤولون أميركيون قالوا سابقاً إنهم يخسرونها.

ومن بين المقترحات، تخصيص ميزانية 150 مليون دولار، تنفق سنوياً على محطات إذاعية، وتدريب صحافيين محليين وإنتاج برامج إذاعية وتلفزيونية، إضافة إلى إعداد ملصقات وأقراص مدمجة ترد على مضمون خطابات طالبان. وقال غريغوري سميث، مدير الاتصالات بمكتب حلف شمال الأطلسي بكابل، إن العمل سيتم بالتنسيق مع القوات الأميركية وغيرها من قوات الحلفاء، مضيفاً أن التحدي سيكون حماية السكان وشبكة الاتصالات الرسمية. وأضاف: «إذا استطعنا عزل السكان عن المتمردين، فإنهم يصيرون أقل عرضة» للتأثر بمضمون خطابات طالبان. واعتبر أن تمكن القائمين على الخطة المرتقبة من التواصل مع الشعب الأفغاني يعد «أمراً مهماً جداً في مكافحة التمرد ومكافحة دعاية» طالبان.

وجاء هذا في وقت هددت طالبان، أمس، للمرة الأولى بمهاجمة مراكز التصويت أثناء الانتخابات الرئاسية والمحلية المقررة الخميس المقبل في أفغانستان، في رسائل وزعت وألصقت في معاقلهم بجنوب البلاد. وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن المتحدث باسم الحركة يوسف أحمدي أكد صحة التهديد المدرج في منشورات ألصقت ووزعت في قرى جنوبية. ويطلب النص من السكان «عدم المشاركة في الانتخابات لكي لا يقعوا ضحية عملياتنا، لأننا سنستخدم تكتيكات جديدة». وقال يوسف احمدي «إننا سنستخدم تكتيكات جديدة تستهدف مراكز التصويت. وأي أحد سيصاب في مراكز التصويت وحولها سيكون مسؤولا عن ذلك، لأنه أبلغ مسبقا». وأضاف المتحدث «سنسرع نشاطاتنا عشية الانتخابات وفي اليوم الذي تنظم فيه» موضحا أن قادة طالبان كلفوا بأمر الشعب بمقاطعة الاقتراع. وكانت طالبان في السابق تدعو لمقاطعة الانتخابات من دون إعلان هجمات على مراكز التصويت.

كما دعت طالبان الأفغان أيضا لحمل السلاح ضد «الغزاة» الأجانب، أي القوات الدولية التي أطاحت بنظام طالبان أواخر 2001 التي يبلغ قوامها اليوم مائة ألف عنصر ومكلفة مع القوات الأفغانية السهر على ضمان امن الانتخابات.

وتؤكد رسالة التهديد أن الناخبين سيعتبرون بمثابة أعداء الإسلام بصفتهم حلفاء للحكومة الأفغانية والقوات الأجنبية. وأوضح المتحدث أن هذه الرسائل موقعة من قادة محليين في ولايات عديدة أخرى في جنوب البلاد، مؤكدا أن طالبان «سيستهدفون مراكز التصويت في كافة أرجاء البلاد». وأكد أحمد شاه، وهو من سكان ولاية زابل (جنوب) «رأيت مثل هذه التحذيرات. فهي تقول إن مراكز التصويت ستستهدف، وإن على الناس ألا يتوجهوا إليها».

ويأتي هذا الإعلان غداة هجوم انتحاري تبنته طالبان أمام المقر العام لقوات الحلف الأطلسي وسط التدابير الأمنية المشددة للقوات الدولية في كابل. واثبت الهجوم، الذي أوقع سبعة قتلى من المدنيين على الأقل و91 جريحا، أن المتمردين بإمكانهم الضرب في أي مكان قبل خمسة أيام من الانتخابات. وتكثيف أعمال العنف يزيد من المخاوف في أن تكون نسبة الامتناع عن التصويت كبيرة مما يفقد الانتخابات مصداقيتها.

وأمام الوضع الأمني يعد تنظيم الانتخابات المرتقبة بمثابة كابوس للسلطات. وما انفك القلق من تدني نسبة المشاركة بسبب انعدام الأمن، يزداد مع اقتراب موعد الاقتراع، الذي اعتبرنه طالبان مسبقا «خدعة نظمها الأميركيون» داعين الناخبين وعددهم 17 مليونا إلى مقاطعة الانتخابات. وستكلف ثاني انتخابات رئاسية مباشرة في تاريخ البلاد الحافل بالعنف نحو 223 مليون دولار تمولها الدول التي تنشر قوات في أفغانستان. وخصص قسم من الميزانية لتكاليف نقل مستلزمات الاقتراع إلى نحو سبعة آلاف مركز تصويت يقع بعضها في وديان وعرة المسالك وفي جبال شاهقة ومناطق تعج بالمقاتلين. وأفادت السلطات الانتخابية أن ثلاث مروحيات ونحو ثلاثة آلاف سيارة وثلاثة آلاف حمار وحصان وبغال ستساهم في توزيع ملايين بطاقات الانتخاب.

وأعلن عليم الصديق، الناطق باسم بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، التي تساعد البلاد على تنظيم الانتخابات «أن أفغانستان بلد يحاول التعافي بعد نحو ثلاثين سنة من الحروب، وتوزيع المستلزمات الانتخابية السرية يشكل تحديا حقيقيا في مثل هذه البيئة». وتابع الصديق أن التحديات التي يواجهها المنظمون تتمثل في «توعية قسم كبير من السكان الأميين بأهمية الانتخابات وشرح كيفية سير عملية الاقتراع».

وأكد نور محمد نور، الناطق باسم اللجنة الانتخابية المستقلة، أن أكبر قسم من مستلزمات الاقتراع قد وزع في الولايات الأربع والثلاثين، لكن الأصعب لم ينجز بعد. وأوضح نور «أن هناك أماكن لا يمكن الوصول إليها بالسيارة، فيتعين علينا إذن استخدام حمير أو أحصنة لتوزيع المستلزمات».

وعلاوة على التضاريس الوعرة في تلك المناطق تزيد أعمال العنف التي تهز البلاد في تعقيد المهمة وتعرقل الوصول إلى معاقل المتمردين. وأضاف الناطق باسم اللجنة الانتخابية «أننا نستخدم المروحيات في الأماكن التي لا يمكننا الوصول إليها بسبب مشاكل أمنية أو انتشار طالبان، لتوزيع المستلزمات».

وقالت السلطات إن أكثر من 10% من مراكز الاقتراع قد تبقى مغلقة بسبب انعدام الأمن. وقال ضابط رفيع في الجيش الأفغاني، طلب عدم ذكر اسمه، إن في المناطق التي يعج فيها المقاتلون «من المحتمل جدا أن لا تجري الانتخابات». وتقع معظم تلك المناطق في الجنوب، حيث ينشط المتمردون وتشن القوات الأفغانية والأجنبية منذ أسابيع عمليات لإرساء الأمن على الأرض. وسينتشر نحو 200 ألف مراقب بينهم عشرات الأجانب (لا سيما 67 من الاتحاد الأوروبي) في البلاد لمراقبة سير الاقتراع.

وأوضح الخبير والكاتب الأفغاني وحيد مجدا أنه «قد يحدث شيئان عندما لا يمكنك الوصول إلى الأماكن المعزولة أو غير الآمنة. إما أن يحرم الناس من التصويت أو تقع عمليات تزوير. وعندما لا يكون هناك أحد للتحقق من ذلك فإن كل شيء قد يحدث».