350 امرأة أفغانية يقاومن طالبان والتقاليد.. من أجل ممارسة السياسة

مرشحة ترتدي زي الرجال بسبب الوضع الأمني وأخرى تتلقى التهديدات حتى من عائلتها

TT

سجلت مئات النساء الأفغانيات أنفسهن للمشاركة في الانتخابات المحلية والرئاسية التي ستجري في أفغانستان في 20 من الشهر الحالي، متحديات تهديدات حركة طالبان والتقاليد المحافظة جداً للمجتمع الأفغاني.

ومن بين هؤلاء المرشحات، اوكمينا، التي تبدأ يومها بارتداء عمامة سوداء وحزام به مسدس وتخرج لتتحدث إلى الجيران. وعند رؤية اوكمينا تلتقي بالقرويين مرتدية الزي التقليدي للرجال الأفغان، من سروال فضفاض وقميص طويل ولا يظهر من العمامة السوداء الملفوفة حول رأسها سوى بضع شعيرات من الشعر المصبوغ بالحناء يصعب اكتشاف أنها ليست رجلا إلا عندما تتحدث. وقالت اوكمينا التي تستخدم اسما واحدا مثلها مثل الكثير من الأفغان «ارتدي زي الرجال خاصة خلال فترة الانتخابات عندما لا يكون الوضع الأمني جيدا». وأضافت حسبما نقلت عنها وكالة «رويترز» في تقرير لها: «من أجل حملتي الانتخابية يجب أن أذهب إلى أنحاء بعيدة بمنطقتي حيث لا يتوافر عامل الأمان في ذهابي إليها بكوني امرأة». وفيما يخصص الدستور الأفغاني ربع مقاعد المجالس المحلية للنساء ليضمن لهن ممارسة دور في الحياة السياسية، سجلت نحو 350 امرأة أسماءهن من أجل الترشح لعضوية تلك المجالس، وهو ما يمثل حوالي عشرة بالمائة من العدد الإجمالي. وتقول الأمم المتحدة إن الكثيرات واجهن تهديدات وأجبرت بعضهن على الاختفاء بينما اضطرت أخريات إلى التخلي عن الترشيح. وهناك امرأتان، من بين المرشحين الـ 35 للرئاسة، لكن يعتقد كثيرون أن من المرجح ألا تحصل كلتاهما على ما يزيد على واحد أو اثنين بالمائة.

ويبدو أن القرويين الرجال يتعاملون مع اوكمينا تماما كما كانوا سيفعلون مع أي رجل إذ يناقشون مشاكلهم معها بينما يعدو أطفالهم خلفها. واوكمينا غير متزوجة وليس لديها أطفال وتعيش مع عائلتها في منطقة تاني بإقليم خوست وهي منطقة محافظة على حدود المناطق القبلية في باكستان. وتقول إنها بدأت ارتداء ملابس الرجال والتخلص من البرقع الذي يغطي المرأة بأكملها والذي ترتديه الكثير من النساء في أفغانستان عندما اختيرت كزعيمة قبلية في منطقتها لتقوم بتسوية النزاعات بين القبائل في تاني والمناطق المجاورة. وتخلت اوكمينا عن واجباتها كزعيمة قبلية وقررت خوض انتخابات المجلس المحلي بعد أن قالت إنها حظيت بدعم كبير من الناس في أنحاء إقليم خوست. وتقول إنها ترغب في مساعدة أخريات ليصبحن مثلها. وفي نفس الإقليم، هناك امرأة أخرى، تدعى ناتبيبي عومري، قررت الترشح لانتخابات المجالس المحلية، رغم مقاطعة بعض أعضاء عائلتها وتهديدات تلقتها. وكانت خوست، قد شهدت العديد من الهجمات الانتحارية والاغتيالات، وكل ليلة تمتلئ شوارعها بالمنشورات التي تهدد الناخبين بأعمال انتقامية. وتقول عومري «حتى من دون ذلك فإن العمل صعب» مع «تمثيل الناس لدى الحكومة والاهتمام بالأرامل الكثر بعد ثلاثة عقود من الحرب والأهم تشجيع الناس على إرسال بناتهم إلى المدارس» رغم التهديدات. وتشدد المرشحة «نقول لطالبان: العلم يجب أن يمنح للنساء مثل الرجال»، حسبما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية. لكن في خوست المحافظة يتعين حتى على امرأة في عناد عومري أن ترتدي في الشارع البرقع الذي سرعان ما تخلعه في الجلسات الخاصة لتظهر في ثوب اسود مطرز مع ماكياج بسيط وبعض الحلي الذهبية. وعندما تسأل عن سنها تتهرب هذه المرأة الأربعينية بلباقة من الرد بضحكة ناعمة. وتقول إن «معظم التهديدات سببها كوني امرأة. فهنا تتعرض الكثير من النساء للتهديد لأنهن يعملن». وتؤكد «أحيانا يرن الهاتف ويقولون لزوجي، يجب أن تبقي زوجتك في المنزل. أما أنا فيقولون لي: لا تعملي مع الحكومة وإلا سنقطع رأسك».

وعندما ترشحت إلى الانتخابات المحلية عام 2005 ثارت عليها عائلتها و«اليوم أيضا يقوم احد أشقاء زوجي بإقفال التلفزيون عندما اظهر على الشاشة. من حسن الحظ أن زوجي رجل طيب».

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن زوج هذه المرشحة عسكري سابق يحيط بها مع ابنها وفي يده بندقية كلاشنيكوف. وتقول عومري «عندما اخرج يكونا دائما برفقتي» مع عدد من رجال الشرطة. وتوضح «بسببي قتل اثنان من أشقاء زوجي وفقد ابن شقيق لي ساقه في انفجار قنبلة».

والقيام بحملة انتخابية لم يكن أمرا سهلا في ظل انعدام الأمن الذي يمنعها من الخروج من المدينة. كذلك فان مسألة الشرف الشديدة الأهمية في هذا المجتمع القبلي البشتوني تزيد الوضع تعقيدا وتقول «لم أتمكن من إرسال ملصقات حملتي إلى بلدة شقيقي الذي قال لي: إذا تحدث احد عنك بسوء سيكون علي أن اقتله».

وحتى في المجلس المحلي يسود التمييز ضد النساء فهذه المستشارة البلدية لم تغادر أبدا أفغانستان إذ إن زملاءها الرجال دائما ما احتكروا الدعوات إلى الخارج. وما يؤكد قولها تفاخر سعيد كريم خكسر وهو مرشح للانتخابات المحلية وشقيق زعيم قبلي بارز في خوست بأن «عددا قليلا جدا من الناس يصوت للنساء اللاتي لن تكون لهن أي سلطة فالرجال هم الذين يقررون».