مطالبة الحكومة الجزائرية بفتح تحقيق في وفاة مهاجرَين غرقا

حقوقيون يطالبون بالتخلي عن المقاربة الأمنية في حل مشكلة الهجرة

TT

طالب برلماني إسلامي جزائري من وزارة الدفاع بفتح تحقيق لتحديد مسؤولين عن وفاة شخصين غرقا، عندما كانا يحاولان الهجرة سرا نحو شواطئ إيطاليا. واتهم حقوقيون حرس الشواطئ «بتعمد قتلهما»، فيما قال وزير إن حرس الشواطئ «تعمل ما في وسعها» لتوفير مناصب الشغل للحؤول دون هروب الشباب إلى الضفة الشمال من البحر الأبيض المتوسط.

ووجه صالح بوشارب برلماني حزب «حركة الإصلاح» الإسلامي، رسالة إلى الوزير المنتدب للدفاع اللواء عبد المالك قنايزية، جاء فيها أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية «أخذت أبعادا خطيرة خصوصا في الجانب المتعلق بالموتى غرقا أو المفقودين، وما يخلفه ذلك من آثار سلبية مؤثرة على الاستقرار في البلاد ومسيئة إلى سمعة الدولة».

وتناولت الرسالة حادثة تثير جدلا كبيرا، وقعت في 7 أغسطس (آب) الحالي في شواطئ عنابة (600 كلم شرق العاصمة)، حيث اعترض خفر السواحل طريق 3 قوارب كان على متنها أكثر من 50 مهاجرا سريا متوجهين إلى شواطئ سردينيا بإيطاليا. وتوفي شابان غرقا في أثناء مطاردة القوارب. وقد اختلفت الروايات حول ظروف الحادثة، ففيما اتهمت عائلات المهاجرين خفر السواحل بتعمد تحطيم القوارب ما أدى إلى مقتل الشابين، قالت المحطة البحرية بعنابة إن قاربين من الثلاثة تعمد قائداهما الارتطام بسفينة حرس السواحل، مما أدى حسبها إلى تحطمهما ووفاة مهاجرين.

وقال البرلماني الإسلامي إن الرأي العام «أصيب بالتشويش» بسبب تضارب الروايات حول ملابسات وفاة الشابين، فطالب وزارة الدفاع بفتح تحقيق لتحديد المسؤولين عن ذلك بدعوى أن خفر السواحل يتبع إليها. مشيرا إلى أن حادثة مشابهة وقعت في 2007 عندما توفي شاب عندما منع حرس الشواطئ زورقه من مواصلة طريقه نحو أوروبا.

وأصدرت «الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان» رسالة حول الحادثة، ذكرت فيها أن الهجرة السرية بالجزائر مطروحة منذ سنوات «وكان المهاجرون في كل مرة يتعرضون لسوء معاملة من طرف حرس الشواطئ الإيطاليين والإسبان، لكن الجديد هذه المرة هو سوء معاملة وحدات حرس الشواطئ الجزائرية تجاه مجموعة من المهاجرين حيث تعمدوا إغراق القارب الذي كان يقلّهم». وقال رئيس الرابطة المحامي بوجمعة غشير في البيان، إن «ارتطام باخرة حربية بقارب صغير في عُرض البحر به مجموعة من الأشخاص، يؤدي حتما إلى غرق القارب وركابه، وهو تصرف لا إنساني يندرج ضمن الأفعال المجرَّمة قانونا، الأمر الذي يتطلب فتح تحقيق قضائي وإحالة الفاعلين والآمرين إلى العدالة».

ودعا الحقوقي الحكومة إلى «التخلي عن السياسة الأمنية المتبعة في حل أزمة المهاجرين»، وإلى إنشاء «شرطة خاصة بمراقبة الحدود مزودة بتكوين خاص يتعلم أفرادها بموجبه توفير الضمانات القانونية والإنسانية للمهاجرين غير الشرعيين». وتابع: «إن رئيس الجمهورية شخصيا، اعترف في 2007 بتقصير الدولة في التكفل بقضايا الشباب، وإن السياسة المتبعة لم تكن إطلاقا في مستوى تطلعات الشباب. وقد استبشر الجزائريون خيرا بذلك، لكن بدل أن تنطلق برامج جادة للتكفل بانشغالات الشباب لجأت الحكومة إلى إصدار قانون يجرّم الهجرة، وانخرطت في البرنامج الأوروبي لمحاربة الهجرة السرية».

وردا على الاتهامات الموجهة للحكومة، قال وزير التضامن والجالية الجزائرية في الخارج جمال ولد عباس في اتصال هاتفي إن السلطات «تبذل جهودا جبارة من أجل تحسين أوضاع الشباب، وقد استحدثت آلاف مناصب الشغل وهي بصدد إنشاء آلاف أخرى للحؤول دون هروب شبابنا في قوارب الموت، لكن على هؤلاء الشباب التحلي بالصبر حتى تؤتي هذه المجهودات ثمارها ويستفيدوا منها». ودافع الوزير عن حرس الشواطئ قائلا إنهم «ليسوا مجرمين والتقارير التي وصلتني عن حادثة عنابة تؤكد أنهم تصرفوا بشكل عادي عندما اعترضوا طريق المهاجرين».