مبارك في واشنطن: أقول لإيران إذا كنتم تشكون التدخلات فلا تتدخلوا في شؤون دول عربية

شدد على حل الخلافات الفلسطينية.. والبيت الأبيض يؤكد مناقشة جملة قضايا في لقاء أوباما معه اليوم

الرئيس المصري حسني مبارك خلال لقائه بوزيرة الخارجية الاميركية هلاري كلينتون في واشنطن أمس (أ.ب)
TT

أكد الرئيس المصري حسني مبارك الذي بدأ مباحثاته أمس في واشنطن أنه لا يمكن إحلال الاستقرار في المنطقة وخوض في السلام من دون حل الخلافات الفلسطينية الداخلية، كما أنه يجب العمل على الحل النهائي للنزاع العربي – الإسرائيلي، بدلا من حلول مؤقتة. وقال الرئيس المصري في مقابلة تلفزيونية بثت مساء أمس وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة مسبقة منها انه لا يمكن الاستقرار في المنطقة من دون حل الخلافات الفلسطينية. ويواصل الرئيس المصري لقاءاته في واشنطن اليوم بلقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد لقاء عدد من المسؤولين الأميركيين على رأسهم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس. وتعتبر زيارة مبارك، وهي الأولى منذ 5 سنوات، مهمة على صعيدين، من جهة العلاقات الثنائية بين البلدين وجهود إطلاق مفاوضات سلام جديدة في المنطقة.

وأجرى الرئيس المصري حوارا مطولا مع الصحافي الأميركي المعروف تشارلي روز على برنامج «تشارلي روز شو» في مصر استعدادا لزيارته، ناقش فيها عملية السلام. وحول قضية المستوطنات والتوصل إلى اتفاق لبدء المفاوضات، وقال مبارك في المقابلة التي حصلت «الشرق الأوسط» على مقتطفات منها قبل إذاعتها ليلة أمس: «بدلا من القول أوقفوا المستوطنات، وقد سمعنا ذلك مرات عدة ولأكثر من 10 أعوام ولم تقف، ما أستطيع أن أقوله أن علينا أن ننظر إلى القضية بشكل كامل وان نتفاوض على الحل النهائي». وأضاف: «انسوا الحلول المؤقتة، لأن الناس ستتصور هذه الخطوة النهائية. في رأيي، علينا أن نرى الحل النهائي، مثل ما حصل معنا، كان لدينا حل نهائي وتركوا (أي الإسرائيليين) سيناء، إذن بإمكاننا فعل ذلك، ستكون هذه علامة جيدة جدا». وتحدث الرئيس المصري في اللقاء عن جهود القاهرة لمصالحة الأطراف الفلسطينية المختلفة، قائلا: «إذا لا نصالح اختلافاتهم، لن يكون هناك استقرار في المنطقة، لن يكون هناك استقرار حتى في إسرائيل والعنف سيعود، إننا نعمل كل ما بوسعنا لإحلال الاستقرار الذي من دون حل هذه القضية (أي الخلافات الداخلية) سيكون صعبا جدا مع الواقع الحالي على الأرض». وأضاف أن المفاوضات بين ممثلي فتح وحماس مستمرة «ولدينا أمل كبير في إنهائها بنجاح».

وأشار مبارك إلى أن إيران تعرقل جهود حل الخلافات الفلسطينية، قائلا: «إنني أقول لإيران، إذا انتم تشكون من التدخلات الخارجية في إيران، أقول لكم لا تتدخلوا في القضايا الداخلية لدول عربية مثل لبنان وحماس وآخرين، إذا كنتم تشكون من التدخل الخارجي لا تفعلوا الأمر نفسه مع الدول الأخرى». وكأن مبارك يشير إلى التظاهرات الأخيرة في طهران بعد الانتخابات الرئاسية حيث اتهمت السلطات الإيرانية دولا خارجية بالتدخل في شؤونها. وأضاف أن «إيران تحاول السيطرة على بعض المناطق (في العالم العربي) لكنهم لن ينجحوا في ذلك». وناشد من جهة أخرى إيران من أجل أن تتفاوض مع الولايات المتحدة لحل الملف النووي، «كي لا يكون هناك تحرك عسكري».

ويلتقي مبارك مع أوباما اليوم في لقاء على انفراد بينهما في البيت الأبيض، قبل عقد لقاء موسع يشمل كبار المسؤولين المصريين بمن فيهم وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ورئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان وكبار المسؤولين الأميركيين. ويعقد أوباما غداء عمل على شرف مبارك ظهر اليوم. وأكد البيت الأبيض أن الرئيسين لن يعقدا مؤتمرا صحافيا لكن من المرتقب أن يقدم الرئيسان بيانا مختصرا بعد اللقاء. وقال مسؤول في البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس أوباما «يتطلع إلى الترحيب بالرئيس المصري مبارك في واشنطن وأن يبني على المحادثات التي أجراها في القاهرة والعمل على مواصلة تقوية العلاقات الأميركية المصرية». وأضاف أن «الرئيس ينوي مناقشة جملة من القضايا مع الرئيس مبارك، بما فيها مكافحة التطرف والإرهاب ودفع السلام العربي – الإسرائيلي ودعم الإصلاح في الشرق الأوسط». وستكون القضية الجوهرية في زيارة الرئيس المصري إلى واشنطن هي عملية السلام. وقال المسؤول الأميركي إن أوباما «سيريد أن يناقش كيف يمكن للدول العربية أن تساعد في خلق جو لإطلاق المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين من خلال الموافقة على اتخاذ خطوات تجاه إسرائيل في إطار مبادرة السلام العربية». إلا أن الحكومة المصرية تصر على ضرورة اتخاذ إسرائيل خطوات أولا لبناء الثقة، وعلى رأسها وقف النشاط الاستيطاني. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي أن على إسرائيل أن توقف النشاط الاستيطاني، قائلا: «إذا عملوا ذلك وبدأوا مباشرة في المفاوضات مع (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن، ستكون خطوة للانفتاح وسيتخذ العرب الخطوات المطلوبة». وقال الخبير في الشؤون العربية والمصرية في «مجلس العلاقات الخارجية» في واشنطن ستيفن كوك أن الإدارة الأميركية تقر بوجود سلام بين مصر وإسرائيل لكنه «سلام بارد، فقط في إطار السياسة العليا، ولكن لا توجد أي خطوات من مصر تجاه الشعب الإسرائيلي وهذا ما نتطلع إليه». وأضاف كوك لـ«الشرق الأوسط»: «الحديث عن المستوطنات في واشنطن تغير خلال الأسابيع الماضية، إذ بدأت تكثر التصريحات حول ضرورة أن يتخذ العرب إجراءات مقابل وقف النشاط الاستيطاني، على الرغم من انه أساسا غير شرعي». وتوقع كوك أن «يكون جزء كبير من المحادثات بين الرئيسين حول هذه الخطوات ضمن إطار المضي قدما في جهود السلام، كل طرف يقول للآخر ساعدني كي أساعدك».

وحول جهود الولايات المتحدة لإحلال السلام في المنطقة، قال مبارك في اللقاء التلفزيوني إن «الرئيس أوباما يجمع المعلومات»، مضيفا انه أرسل المبعوث الخاص للسلام جورج ميتشل إلى المنطقة مرات عدة ضمن «السعي إلى فهم القضايا التي تواجه المنطقة وهذا أمر جيد».

وعبر الرئيس المصري في المقابلة عن تفاؤله إزاء إدارة أوباما، قائلا: «إنني متفائل جدا بسبب الخطوات التي يأخذها الرئيس أوباما، انه متوازن في خطاباته.. اعتقد أن خطاب الرئيس أوباما في القاهرة ـ في يونيو (حزيران) الماضي ـ كانت ممتازة». وأضاف: «من خلال خطاب أوباما، بات من الواضح انه ليس ضد الإسلام أبدا وان الولايات المتحدة ليست ضد الإسلام، هذا أمر مهم جد». وأشار مبارك إلى تأزم العلاقات خلال إدارة بوش خلال مقابلته التلفزيونية، قائلا: «لهذا السبب لم أزر الولايات المتحدة منذ عام 2004». وردا على سؤال حول إذا كان يعتبر أن إدارة بوش كانت على صواب في دفع الديمقراطية في المنطقة، أجاب مبارك: «لا، لا نقبل الضغوط في السياسة الداخلية من أي إدارة مع الاحترام لكل الحكومات»، مضيفا أن «الإصلاح يجب أن يكون داخليا وهذا ما يطالب به الشعب». وأوضح مبارك أن قضايا حقوق الإنسان في الولايات المتحدة «فقط سياسية، وحقوق الإنسان ليست فقط سياسية بل اجتماعية وحق التعليم وحق الصحة والعمل، وهناك حقوق أخرى كثيرة، نحن نسير جيدا على هذه الجبهات لكننا لسنا كاملين ولا يوجد أحد كامل».

وفي هذا السياق، لفت كوك إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة تعمل على تحسين العلاقات مع القاهرة من خلال «التعامل مع القاهرة ضمن منظار العلاقات بأكملها بدلا من فقط منظار الإصلاحات الضرورية في المنطقة». وأضاف أن المسؤولين الأميركيين «سيسعون للإشارة إلى المصريين بأنهم يرون العلاقات بشكل متكامل ومهم، وليس فقط من خلال قياس الإصلاحات مثل الإدارة السابقة»، مشيرا إلى أن «العلاقات الشخصية بين مبارك وأوباما مهمة أيضا، بعد أن كانت العلاقات بين مبارك وبوش تفتقد التقارب الشخصي بينهما».. وأكد مسؤول في الإدارة الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أن من بين جملة مواضيع ستطرح في اللقاء بين الرئيسين، ينوي أوباما مناقشة «دعم الإصلاح في الشرق الأوسط»، من دون الخوض في المزيد من التفاصيل.

وفي ما يخص الرئاسة في مصر وإذا كان مبارك ينوي الترشح لولاية جديدة، قال الرئيس المصري: «جهدي الأساسي إنهاء برنامجي، انه للشعب، كان لدي برنامج في الانتخابات وكل القضايا في البرنامج تسير بشكل جيد، هذا همي الأساسي ليس إذا كنت سأجدد أم لا، لا أفكر في هذا الأمر الآن». وحول احتمال أن يصبح نجله جمال مبارك رئيسا، قال الرئيس مبارك بحسب نص المقابلة: «ليس في بالي أن يرثني ابني... عليكم أن تسألوه».