اليمن: الحوثيون يعلنون استخدامهم صواريخ الكاتيوشا لأول مرة.. والجيش يؤكد دك معاقلهم

حاولوا مهاجمة مدينة صعدة ودخلوا مخيم نازحين.. ومصادر تؤكد سيطرة القوات الحكومية على الصفراء وسفيان

الرئيس اليمني لدى استقباله السناتور الاميركي جون ماكين في صنعاء أمس (إ ب أ)
TT

شهد اليوم السادس من الحرب الدائرة في محافظة صعدة اليمنية بين القوات الحكومية وميليشيا الحوثيين الشيعة، مواجهات عنيفة في أكثر من جبهة قتال، في الوقت الذي حاول فيه الحوثيون مهاجمة مدينة صعدة، مركز المحافظة، غير أن الجيش صد الهجوم. في حين استخدم الحوثيون ولأول مرة صواريخ الكاتيوشا والمدفعية الثقيلة.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن المواجهات دارت في محيط مدينة صعدة ومناطق الملاحيظ وأسفل مران وآل الصيفي. وأعلن الحوثيون، أمس، استخدامهم ـ ولأول مرة ـ سلاح المدفعية، وقال بلاغ صحافي صادر عنهم، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه «إن قسم المدفعية قصف بصواريخ الكاتيوشا معسكر كهلان وقصف معسكري اللواء 115 والصيفي الواقعين في محيط مدينة صعدة بالمدافع الثقيلة»، وقال البيان إن «قسم المدفعية» يعد بمزيد من «المفاجآت» وإن قصفه للمعسكرات ما زال «تجارب فنية».

من جانبها أكدت مصادر يمنية لـ«الشرق الأوسط» سيطرة الجيش اليمني على مديريتي الصفراء وسفيان بعد معارك ومواجهات عنيفة مع الحوثيين، بينما شنت الطائرات الحربية غارات مكثفة وعنيفة على معقلي مطره وضحيان من محافظة صعدة.

وشهدت منطقة الملاحيظ مواجهات ومعارك ضارية بين القوات المسلحة من سلاح الدروع ومجاميع المسلحين من الحوثيين أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا. وقالت المصادر إن أغلب الضحايا كانوا من الحوثيين. وذكرت المصادر ذاتها أن قوات الجيش شنت هجوما على معاقل الحوثيين إلى الشمال الشرقي من الملاحيظ. وقالت المصادر إن الحوثيين اقتحموا مركز النازحين في العند والذي يستوعب 70 ألفا من النازحين الذين تركوا منازلهم من تداعيات الحرب الجارية في صعدة بين قوات الجيش والحوثيين في العديد من المديريات والمناطق الاستراتيجية التي تدور رحاها بين الجانبين، وركز الطيران الحربي غاراته على المعقلين الرئيسيين وهما مطره والنقعة إضافة إلى ضحيان، واستهدفت الغارات الجوية مخازن الأسلحة والمؤن الحربية. في غضون ذلك قالت وزارة الدفاع اليمنية إن القوات المسلحة تواصل و«بنجاح» دك معاقل «عناصر التخريب والتمرد والإرهاب». وذكر مصدر مسؤول في وزارة الدفاع أن ما وصفها بـ«العمليات النوعية لأبطال القوات المسلحة والأمن وصقور الجو خلال الأيام القليلة الماضية»، حققت أهدافها و«كبدت عناصر التمرد والتخريب خسائر فادحة ولقنتهم دروسا قاسية». وأضاف أن «عناصر التمرد تعيش في الرمق الأخير وأن استئصال شرور فتنهم في مراحلها الأخيرة».

واتخذت الحرب الدائرة في محافظة صعدة اليمنية بين القوات الحكومية وميليشيا الحوثيين الشيعة منذ ستة أيام، منحى جديدا، وذلك بمحاولة الحوثيين مهاجمة مدينة صعدة مركز المحافظة وتحديدا الدخول إليها عبر منطقة الطلح التي تبعد بضعة كيلومترات عن المدينة. وقالت مصادر محلية إن الجيش تمكن من صد هجوم الحوثيين. وضمن التطورات في الحرب، دخول رجال القبائل كطرف ثالث، حيث أعلنت وزارة الدفاع اليمنية أن جموعا حاشدة من أبناء القبائل اليمنية بدأوا بالتوافد إلى محافظة صعدة بصورة طوعية وذلك لـ «التصدي لعناصر فتنة التخريب والإرهاب والتمرد». ونقل موقع الوزارة على شبكة الإنترنت عن مصادر قبلية قولها إن «القبائل توجهت إلى صعدة بشكل طوعي لمواجهة تلك العناصر في هبة شعبية وطنية امتدادا لهبة أبناء محافظة صعدة وانتفاضتهم للتصدي لتلك العناصر والقضاء على مخططاتها التآمرية والتخريبية وتخليص المحافظة من شرورها».

وأضافت تلك المصادر أن «القبائل اليمنية مثلها مثل باقي شرائح المجتمع اليمني تدين وترفض وبشكل قاطع ما يرتكبه عناصر التخريب والإرهاب والتمرد التابعة للحوثي.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في محافظة الجوف بشرقي البلاد أن ثلاثة مسلحين حوثيين لقوا أمس مصرعهم وجرح آخرون في مواجهات مسلحة بينهم وبين قبائل الغيل في محافظة الجوف بشرقي البلاد، وهي المحافظة التي شهدت الشهرين الماضيين توترا ملحوظا بين الحوثيين ورجال القبائل المناصرين للحكومة اليمنية.

وقالت وزارة الدفاع اليمنية في بيان صادر عنها مساء أمس إن القوات المسلحة والأمن تمكنت من تطهير عدد من المناطق من تواجد وسيطرة المسلحين الحوثيين وان من بين المناطق المطهرة مديرية الصفراء وجبل كوزان وفي مناطق الشقر ووادي عيان وسوق الليل ووادي علاف وفروة ومفرق وادي علاف والرماديات وجبل قمامة والرقة وبني ذهل ووادي جرف ووادي فراش وسوق المهاذر وجبل الراقل وجبل الجوفة المطلان على قرية الهجرة.

في هذه الأثناء أعلنت جماعة الحوثي، أمس، السيطرة على عدد من المواقع العسكرية واعتبرت ذلك «عقابا بسيطا» للقوات الحكومية جراء «خروقاتها واعتداءاتها». وقال بيان صادر عن مكتب عبد الملك الحوثي، القائد الميداني للحوثيين، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه تمت السيطرة على موقع «جبل الضرائب» في منطقة الملاحيظ والاستيلاء على محتوياته وكذا الاستيلاء على موقع «جبل المتجرف العسكري». وأضاف البيان أنه وبالاستيلاء على هذين الموقعين، باتت العديد من المواقع العسكرية في منطقة أسفل مران «المجرم، لحمان، جزاع» والمواقع التي يطل عليها «جبل المتجرف»، محاصرة تماما وتحت السيطرة.

وفي وقت لاحق أصدر عبد الملك الحوثي مساء أمس بيانا قال انه توضيحي، اتهم فيه النظام في اليمن بنكث التزاماته وبشن الحرب عليهم. وتضمن البيان ثماني نقاط، الأولى تضمنت تأكيدا على أنهم من أبناء اليمن وعلى أن النظام يصر على تسميتهم بـ«الأقلية وبالمتمردين» ويصر على «عدم الاعتراف بكافة حقوقنا الدينية والوطنية والقانونية والدستورية وأننا أحد مكونات الهوية والشخصية اليمنية»، أما النقطة الثانية فجرى التأكيد فيها على أنهم لم يشهروا السلاح في وجه الدولة إلا دفاعا عن النفس، وفي النقطة الثالثة يؤكدون أنهم قدموا وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، جميع «الإثباتات والبراهين على التزامنا بالنظام والقانون والدستور، إلا أن النظام ظل يماطل ويفر من حرب إلى حرب فاتحا أبواب الارتزاق لتجار السلاح والمهربين ومستوردي الصراعات محولا البلد إلى ساحة تجارب للصراعات الإقليمية وجاعلا من قضيتنا وسيلة للتسول والابتزاز لبعض الأطراف الدولية تارة بالتخويف منا وتارة بالتهديد بنا».

وفي النقطة الرابعة اتهم عبد الملك الحوثي النظام في اليمن بإفشال الوساطة القطرية بين الطرفين، وقال إن المعالجة الوحيدة «التي يعرفها النظام» لحل قضية صعدة هي «إدانة وإذلال كل المنتمين للمذهب الزيدي ومن لا يوافقونه في الرأي وحتى في التفكير». ويضيف للتدليل على كلامه بالقول إن قوائم المعتقلين ومن تمت محاكمتهم من الحوثيين «تفضح ذلك وتؤكد أن التصنيف العقائدي والعرقي والنضرة المتعالية على أساس أننا أقلية هي التي حكمت طبيعة التعامل حتى الآن، ويدل على ذلك الإقصاء الكبير الذي نتعرض له فلا يوجد لنا أي تمثيل لا سياسي ولا تربوي ولا غير ذلك وكأننا ضيوف وافدون على البلد».

وتحدث الحوثي في النقطة الخامسة يتنصل الحوثيون من حادثة خطف وقتل عدد من الرعايا الأجانب التي وقعت منتصف شهر يونيو (حزيران) الماضي في صعدة وقتل خلالها الخاطفون ثلاث ممرضات أجنبيات فيما ما زال مصير ستة مختطفين هم زوجان ألمانيان وأطفالهما الثلاثة، إضافة إلى مواطن بريطاني، مجهولا. وقال إن النظام اليمني « يعلم حقيقة جريمة خطف الأطباء الألمان والمحرضين عليها خاصة أن الاختطاف وجريمة القتل وقعت في وسط مدينة صعدة وبجوار أهم المباني والمعسكرات الحكومية»، وأضاف مطالبا النظام بـ«تحمل مسؤوليته الأمنية في أمن وحماية المجتمع والكف عن استخدام الوسائل المشينة للتحريض والمناكفة والتغطية عن حلفائه، الذي بات هو وإياهم مكشوفين». قال إن النظام وضعهم بين «خياري الموت قتلا أو ذلا وقهرا وسجنا»، وأنهم لا يملكون «إلا خيار الدفاع عن أنفسنا وفكرنا وعقيدتنا وكرامتنا مفضلين أن نموت مدافعين ونحن أهل شهادة وتاريخنا وشهدائنا وثكلانا وأطفالنا يأبون لنا الذل والهوان».

وسادسا أكد عبد الملك الحوثي في بيانه أنهم لن يكون «ضد أبناء شعبنا في خدمة النظام أو غيره»، وطالب أبناء الشعب اليمني ومثقفيه ومنظماته وقواه السياسية بتحمل «مسؤولياتهم أمام الجرائم التي يتعرض لها أبناؤنا وشيوخنا وأطفالنا»، وأضاف أن عليهم أن «يدركوا انه ليس ببعيد عنهم أن يصيبهم ما أصابنا على يد هذا النظام وما يحدث في مناطق أخرى في ربوع هذا الوطن حاضر في الأذهان، أو ليس كل معارض للنظام يدعى بتهم التمرد والتخريب والانفصال والعمالة، أو ليس أن النظام يقوم بتصدير أزماته وفشله إلى الأمام متنصلا من مزاعم الإصلاحات أو تحقيق التنمية، التي لم تتحقق على يد المفسدين مهما قالوا».

وحملت النقطة السابعة اتهاما آخر للسلطات اليمنية بعدم السعي لحل القضية في صعدة والتنصل من الاتفاقيات، والمطالبة بحل جذري ونهائي للقضية وليس «بنودا ترقيعية وتهدئة غير صحيحة كما تعود النظام من خلالها أن يمارس الخروقات والاعتداءات كما حصل منذ انتهاء الحرب الخامسة وحتى اليوم». وثامنا وأخيرا قال عبد الملك الحوثي انه وفي ظل ما سماه بـ«غياب العدالة والإنصاف وإصرار السلطة على العدوان علينا والتنكيل بنا»، فإنهم لن يظلوا «مكتوفي الأيدي وسندافع عن أنفسنا».