باكستانيات في الحزام القبلي يتحدين قوانين طالبان

يعملن كصحافيات في إذاعة محلية لكنهن ممنوعات من توجيه رسائل لدعم حقوق النساء

TT

يبث راديو خيبر برامجه في قلب المناطق القبلية الباكستانية المضطربة، وحيث تقيد النساء بقوانين صارمة منذ قرون على مدى أجيال متعاقبة من البشتون الذين يشكلون المجموعة العرقية الأكبر في شمال غرب باكستان. وتعتبر هذه القوانين تعسفية وغير قابلة للتفاوض، إذ توجب على النساء التزام منازلهن لتربية الأبناء فقط، واصطحاب محرم لدى التوجه إلى الأسواق، إضافة إلى أنه لا ينبغي أن يسمع الغرباء أصواتهن.

لكن أسماء نوار، تلك البشتونية ذات العينين البنيتين والصوت الرخيم التي تبلغ من العمر خمسة وعشرين عاما، دأبت على كسر تلك القاعدة الأخيرة عبر عملها كصحافية في راديو خيبر. وتقول أسماء من خلف برقعها الأحمر الداكن والأصفر الذي يغطي بقية وجهها، «أنا سعيدة بذلك، ولا يمكنني القول أن قيمنا الثقافية خاطئة، لكني أعتقد أن على المرأة الخروج إلى العمل». وترى أسماء التي عملت في المحطة مع سيدتين أخريين كمذيعات العام الماضي أنهن رائدات في منطقة فرضت على نسائها العيش بتفكير العصور القديمة.

ولا تزال طالبان، التي تؤمن بضرورة إقصاء المرأة من الجامعة والعمل، تسيطر على مناطق واسعة من منطقة القبائل الباكستانية الواقعة على الحدود الأفغانية. وفي منطقة القبائل التي تبلغ نسبة التعليم بالنسبة للنساء في باكستان 3%، وهي أدنى بكثير من النسبة الإجمالية التي تبلغ 17% بالنسبة للإقليم.

إضافة إلى ذلك، فإن طالبان لا تتردد في إظهار آرائها حول التعليم بالنسبة للمرأة، فقد قام مسلحو طالبان هذا العام بحرق عشرات من مدارس الفتيات في إقليم سوات. وقالت أسماء من داخل الاستوديو في جامعة بيشاور، حيث تقوم هي وزميلتاها بعمليات الإعداد والتحرير للمواد الإذاعية التي يقدمنها، «نحن نعلم أنهم يسمعوننا، لكن هل تبدو عليّ علامات الخوف؟ كلا لأنني أقوم بالشيء الصواب».

يستطيع راديو خيبر، نظرا لوجوده في قرية جمرود الواقعة على بعد 28 كيلومترا من الحدود مع أفغانستان أن يوفر عملا للنساء كمذيعات، لأن منتجيه ومحرريه يعلمون الحدود التي يمكنهن العمل خلالها. فقد قللوا من المخاطر المحتملة بالنسبة للسيدات عبر منعهن من التغطية الإخبارية في المناطق القبلية، وأسندوا إلى أسماء وزميلتيها برامج الأطفال والتعليم والرعاية الصحية التي تعتبر هنا قضايا خاصة بالمرأة. أما قضايا السياسات القبلية والعمليات الإقليمية المسلحة فتقع خارج نطاق عملهن. ويطلب منهن المعدون في الراديو عدم إجراء مقابلات في المنازل مع النساء لأن ذلك يثير غضب المجتمع البشتوني.

ولا يشجع طيب أفريدي مذيعاته على التدخل في القضايا الخاصة بحقوق النساء، فالبرامج التي قد يفسرها الزعماء القبليون على أنها دعوة للنساء في المناطق القبلية إلى الثورة يمكن أن تسبب انتقادات قوية ضد المحطة. وقال طيب أفريدي، «المشكلة بالنسبة للنساء في هذه المنطقة القبلية هي أنهن يتوجهن إلى خزان ماء القرية للحصول على الماء، لكن الذهاب إلى المستشفى أو المدرسة أو حفل زفاف أو عزاء يحتاج منهن إلى صحبة أحد أقربائهن. ويجب أن تكون هؤلاء المذيعات حذرات للغاية في عدم توجيه النصائح التي قد ينظر إليها على أنها دعوة لحقوق المرأة. فوجهاء المناطق القبلية يعتبرون من حاول تحفيز الصامتات على الحديث خطرا عليهم».

غير أن المرأة البشتونية خارج منطقة القبائل تتمتع بقدر أكبر من الحرية، فقد حصلت أسماء التي تربت في مدينة نوشيرا القريبة من بيشاور على عمل في محطة إذاعة إف إم منذ ثمانية أشهر بعد تخرجها من جامعة بيشاور من قسم الصحافة. وقد دعم والداها الفكرة على الرغم من تحذيرات أختها سميرة لها بأن موجة التفجيرات الانتحارية الأخيرة جعلت العمل في بيشاور في خطر.

وقالت، «ربما يقع تفجير انتحاري في يوم من الأيام وحينها سنبحث عنك في المستشفى المحلي». لكن أسماء قالت لها «إن الجميع سيموتون في يوم ما». وقالت أسماء إنها سعت للعمل في راديو خيبر لأنها تعتقد أن المجتمع البشتوني المنغلق ساهم في تأخر المرأة. وقالت خلال فترة الاستراحة من إعداد حلقة عن الرعاية الصحية للأطفال، «من المؤسف أن تتم إعاقة المرأة البشتونية بهذا الشكل. إنه أمر غير عادل، وهو ما دفعني إلى العمل هنا». وقد ركزت أسماء في موضوعاتها على عدد كبير من الموضوعات بداية من إتاحة كراسي المعاقين في المناطق القبلية إلى القيود المفروضة على القبليين الهاربين من العنف في هذه المنطقة. ونظرا لخطورة قيامها بإجراء مقابلات من منطقة القبائل تقوم بإجرائها مع السكان النازحين المقيمين في أحياء بيشاور. كما تحصل على غالبية معلوماتها من المنظمات الموجودة في بيشاور العاملة في المناطق القبلية.

ويقول طيب، الكثير من التعليقات على البرامج التي تعدها النساء كانت إيجابية، ولم يعترض أحد من المناطق القبلية على سماع صوت المرأة في المذياع، وحتى الآن لم تصدر طالبان أي تهديدات. وأضاف طيب، «حتى المقاتلين لديهم نساء في أسرهم ومشكلات هذه النساء نغطيها في تقاريرنا، لذا ربما تكون طالبان مقدّرة لما نقوم به».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» الخاصة بـ«الشرق الأوسط»