تفجيرات انتحارية تروّع بغداد وتوقع مئات القتلى والجرحى

أسوأها استهدف وزارة المالية وآخر الخارجية.. إضافة إلى الدفاع والتجارة والتربية

الطفلة ليلى محمد التي أصيبت في التفجير قرب وزارة الخارجية تتلقى العلاج في المستشفى أمس (أ.ب)
TT

قتل نحو 95 شخصا وأصيب نحو 563 آخرين بجروح في سلسلة هجمات، استهدفت اثنتان منها وزارتي الخارجية والمالية في بغداد، إضافة إلى هجمات أخرى طالت وزارات الدفاع والتجارة والتربية، ومرافق حكومية أخرى، فيما أشارت تقارير إلى إصابة وزير التربية، خضير الخزاعي، بجروح.

وانفجرت السيارة الأولى عند الساعة 10:45 قرب وزارة المالية (وسط)، ما أسفر عن انهيار مائة متر من جسر محمد القاسم السريع، المحاذي للوزارة، وأضرار مادية جسيمة في مبنى الوزارة. وأكد مصدر أمني مسؤول أن «عددا من السيارات سقط من الجسر ولا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض». وتابع أنه «تم انتشال إحدى عشرة جثة حتى الآن». وكانت الوزارة تعرضت إلى تفجير مماثل في 2007 أسفر عن تدمير الوزارة بالكامل، وانهيار للجسر ذاته. وأكد بيان لوزارة المالية أن «الحادث الإجرامي أدى إلى إصابة 270 شخصا، بينهم 250 من موظفي الوزارة، ومقتل 13 شخصا آخرين». وأوضح البيان أن «الانفجار وقع جراء هجوم انتحاري بشاحنة براد مفخخة، من طراز مرسيدس، تحمل متفجرات زنتها طن ونصف الطن، إضافة إلى كرات حديدية لإحداث أكبر إصابات بالمواطنين الأبرياء». ووقع الانفجار عند نقطة قريبة من مبنى الوزارة على شارع محمد القاسم للمرور السريع، ما أدى إلى احتراق نحو ست سيارات ومقتل معظم من فيها. كما تسبب الانفجار بسقوط مقطع طوله نحو أربعين مترا من الطريق، وحدوث أضرار مادية بالغة في واجهة البناية، إضافة إلى إلحاق الأضرار بـ44 سيارة في مرأب الوزارة.

وأكد مسؤول في مستشفى مدينة الطب نقل أكثر من مائتي جريح إلى المستشفى توفي أربعة منهم. وبين هؤلاء الجرحى عدد كبير من موظفي وزارة المالية من نساء ورجالة وقوات أمنية.

وقال محمد سالم، أحد موظفي الوزارة، أصيب بشظايا في أنحاء مختلفة في جسمه، إن «الانفجار عصف بي ودفعني ما يقرب من خمسة أمتار وألصقني بأحد الجدران، ثم انهارت علينا السقوف». وأكد أن «الانفجار كان أشبه بزلزال واهتزت الوزارة وتحطم كل شي بها». وأضاف: «رأيت الموظفين حولي على الأرض، والدماء والدمار في جميع أنحاء المبنى، ولم نستطع أن نرى أي شيء بسبب الغبار والدخان».

وأعقب هذا الانفجار، بفارق دقائق، انفجار هائل آخر قرب مبنى وزارة الخارجية في محيط المنطقة الخضراء، وسط بغداد. وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بالقرب من مكان الهجوم، أن «الانفجار أحدث حفرة قطرها عشرة أمتار وعمقها ثلاثة أمتار». وأضاف أن واجهة وزارة الخارجية انهارت بالكامل ولحقت أضرار كبيرة بمجمع الصالحية السكني المقابل لها. وأعيد فتح المدخل الذي يؤدي إلى وزارة الخارجية والمنطقة الخضراء منذ نحو شهرين بعد إغلاق دام أربع سنوات في إطار خطة إعادة فتح الشوارع، وإزالة الحواجز الإسمنتية التي أمر بها رئيس الوزراء، نوري المالكي. وأكدت المصادر الأمنية أن «معظم الضحايا سقطوا جراء الانفجار الذي وقع قرب وزارة الخارجية». وشوهدت ثمانية جثث تحترق، وكميات كبيرة من الأشلاء وبقع دماء وعشرات السيارات المدنية المحترقة حتى على بعد 300 متر من موقع الانفجار.

وقال حسن، أحد موظفي الوزارة: «كنت جالسا في مكتبي داخل الوزارة عندما وقع الانفجار». وأضاف الموظف، والدماء تغطي وجهه، أن «الانفجار هز الوزارة بأكملها». بدوره، قال حميد (46 عاما) الذي يقيم في مبنى مقابل الوزارة: «كنت في منزلي لحظة الانفجار وانهار علينا السقف وخزانات المياه في السطح».

وتسبب الانفجار الثاني في إلحاق أضرار بمبنى وزارة الخارجية، وفندق الرشيد، وتفريق مؤتمر للعشائر كان يعقد بحضور النائب، وليد الحلي، أحد أبرز قيادات حزب الدعوة الإسلامية بزعامة المالكي، حسب ما أفادت به وكالة الأنباء الألمانية.

وأكد مصدر طبي في مستشفى اليرموك (غرب) أنه تسلم جثث ستة قتلى وأكثر من سبعين جريحا. من جانبه، أكد مصدر طبي في مستشفى «الكندي» (وسط) تسلم قتيلين وسبعة جرحى.

إلى ذلك، ذكر مصدر طبي في مستشفى «ابن النفيس» تلقي أربعة قتلى و19 جريحا، فيما استقبل مستشفى «الجملة العصبية» قتيلين و18 جريح.

ولم تقتصر الحالة على أبنية هاتين الوزارتين بل استهدفت انفجارات، بسيارات مفخخة، وعبوات ناسفة، وصواريخ، وقذائف هاون، مقار وزارات الدفاع والتجارة والصحة والإسكان والتربية ومناطق الأعظمية والكفاح والصالحية والبياع والكرادة وشارع فلسطين، وحصدت العشرات من الضحايا. وجميع هذه الأهداف تقع في مناطق تشهد إجراءات أمنية مشددة وانتشارا واسعا ونقاط تفتيش لقوات الجيش والشرطة، فضلا عن دوريات راجلة للأجهزة الأمنية، ولهذا فتحت السلطات تحقيقا لمحاسبة المقصرين.

وأكدت مصادر إعلامية أيضا إصابة وزير التربية، خضير الخزاعي، بجروح خطيرة نتيجة الانفجار الذي وقع بالقرب من الوزارة. وأشارت المصادر إلى سقوط صاروخ على منزل بيت وزيرة البيئة، نرمين عثمان، ولم تؤكد المصادر وجود الوزيرة داخل المنزل.

كما أعلن اللواء جهاد الجابري، مدير مكافحة المتفجرات، العثور على شاحنة مفخخة أخرى معدة للتفجير بالقرب من مستشفى «ابن البيطار» في الصالحية كذلك. وقال إن «الشاحنة كانت محملة بِطِنٍ من المتفجرات».

وبعيد الانفجارات خلت الشوارع والتزم معظم السكان منازلهم، فيما طوقت قوات الأمن مواقع الانفجارات. وقالت ساهرة عبد الأحد (47 عاما)، وهي موظفة حكومية: «اضطرت إلى قطع جولتي في سوق الشورجة، وسط بغداد، وعدت مذعورة بعد سماعي الانفجارات العنيفة، لقد أصبت بالذعر وهرع العشرات من الأشخاص في السوق إلى ترك أماكن عملهم للاختفاء بالقرب من الأبنية والمحال التجارية بعد سماعهم دوي الانفجارات، فيما أغلق آخرون محالهم خوفا من وقوع انفجارات في السوق». وأضافت: «لقد ساد الإرباك والخوف السوق بعض الوقت بعد تكرار أصوات الانفجارات التي كانت مدوية».