ليبيا: مزيد من العلماء يشيدون بمراجعات الجماعة المقاتلة

الصادق الغرياني: معدو الدراسة عاشوا مشكلة العنف عن كثب وثبتت لهم عيوبها

TT

وصف العالم والمفكر الليبي الصادق الغرياني المراجعات الفقهية والفكرية للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، والمناوئة سابقا لنظام حكم الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، بأنها دراسة علمية بحثية قيمة في غاية الأهمية.

وأوضح الغرياني ـ وهو أحد عشرة علماء من داخل ليبيا وخارجها طلبت منهم السلطات الليبية إبداء الرأي في هذه المراجعات التي تمهد لإغلاق ملف الجماعة الإسلامية المقاتلة نهائيا والإفراج عن معظم قياداتها وكوادرها المعتقلين داخل السجون الليبية منذ سنوات ـ أن هذه المراجعات تعالج بالمنطق والحجج والدليل والبرهان المقنع من الكتاب والسنة معظم مظاهر التطرف والغلو والعنف في المجتمعات المسلمة.

واعتبر أن الدراسة لها طابع البحث العلمي الرصين المقنع الذي يعتمد التوثيق والعزو إلى المصادر، وليس الأسلوب الخطابي الإنشائي الذي لا يترك أثرا ولا إقناعا لدى القراء. وأضاف: «الذين أعدوا هذه الدراسة هم أنفسهم أصحاب تجربة في العمل الإسلامي، وسبق لهم تبني فكرة العنف والتكفير والعمل المسلح، فعاشوا المشكلة بأنفسهم وخبروها عن كثب وثبتت لهم عيوبها ورجعوا عنها إلى السلم والوسطية والاعتدال عن قناعة واطمئنان»، لافتا إلى أن إدراكهم لخطورة ما كانوا عليه يلمحه القارئ بين السطور في عباراتهم كما يلمح إشفاقهم الشديد على من لا يزال من شباب الأمة يكتوي بنار اعتناق العنف ومنهج التكفير ورفع السلاح، كما يؤكد كلامهم حرصهم الشديد على أن يشرح الله تعالى صدور الخارجين في الأمة الإسلامية ويهدي قلوبهم. وأوصى الغرياني في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، بطبع ونشر هذه الدراسة على نطاق واسع لينتفع بها شباب الأمة في ليبيا وغيرها.

وتنقسم المراجعات التي تقع في 421 صفحة إلى تسعة أبواب، يتعرض الباب الأول منها لعَقْد الإسلام وكيفية ثبوته لأهل الإيمان، حيث بينت الخصال التي إذا أتى بها المسلم اتصف بوصف الإيمان والإسلام وعصم بها دمه وماله وثبتت حرمته التي لا يجوز التعدي عليها ولا انتهاكها، ونبهت الدراسة على الخلل الواقع من بعض الجماعات الإسلامية التي تنتهج منهج التكفير والإسراف في التبديع، وبيان خطئهم في ذلك بالأدلة الشرعية والبراهين. وفي الباب الثاني الخاص بالعلم والعلماء، ذكرت الدراسة فضل العلم الشرعي وصفات أهله المستحقين له، وحذرت من خطورة تصدي غير المؤهلين له للفتوى والحكم على الناس، وبينت أن كثيرا من المصائب التي حلت بالأمة وفرقت المسلمين سببها نقص العلم الشرعي والتصدي للفتوى والبت في مسائل كبيرة كالدماء والأموال من غير المؤهلين لذلك.

وفى الباب الثالث المتعلق بالدعوة إلى الله والدعاة، ذكرت الدراسة أهمية الدعوة إلى الله تعالى وأهدافها والحاجة إليها وشروط الدعاة وصفاتهم وما ينبغي أن يكونوا عليه من العلم والحلم والعقل والحكمة والرفق والإنصاف واللطف. أما في الباب الرابع المعنون «الجهاد في سبيل الله»، فقد ذكرت الدراسة فيه فضل الجهاد وآدابه وضوابطه الشرعية، وما ترتب على عدم التقيد بهذه الآداب من كوارث.