كروبي يطلب عقد لقاء مع نجاد ولاريجاني ورفسنجاني لتقديم أدلة على حالات اغتصاب

الأسد يزور إيران لتهنئة نجاد والتوسط لإطلاق سراح الأكاديمية الفرنسية

الرئيس أحمدي نجاد لدى استقباله الرئيس بشار الأسد في طهران قبل بدء مباحثاتهما أمس (رويترز)
TT

أجرى الرئيس السوري بشار الأسد مباحثات في طهران أمس تمحورت حول العلاقات الثنائية والوضع الإقليمي، كما وجه الأسد، خلال زيارته التي استمرت يوما واحدا، تهنئة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على إعادة انتخابه، على ما أفاد التلفزيون الإيراني أمس. وقال التلفزيون إن الأسد التقى نظيره الإيراني ومسؤولين آخرين «وسيهنئ أحمدي نجاد على إعادة انتخابه». وتأتي هذه الزيارة بعدما شكرت فرنسا الرئيس السوري على إسهامه في إطلاق سراح الشابة الفرنسية كلوتيلد ريس والموظفة الإيرانية الفرنسية في السفارة الفرنسية في طهران نازك افشر اللتين اعتقلتا بتهمة المشاركة في الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية في 12 يونيو (حزيران). وأطلق سراح ريس التي كانت تدرس الفرنسية في جامعة أصفهان بكفالة وهي تقيم حاليا في السفارة الفرنسية في انتظار صدور حكم القضاء الإيراني بحقها، غير أن باريس تطالب بإسقاط الملاحقات ضدها والسماح لها بالعودة إلى بلادها. وقال دبلوماسيون غربيون إن الأسد سيسعى في طهران إلى إقناع السلطات الإيرانية بإطلاق سراح ريس بشكل نهائي والسماح لها بالعودة لفرنسا، مشيرين إلى أن طهران قد تقدم على تلك الخطوة في إشارة حسن نية بعدما تعرضت علاقاتها مع الغرب لهزة كبيرة بسبب الطريقة التي تم بها إسكات المتظاهرين في شوارع إيران احتجاجا على نتائج الانتخابات، والعدد الكبير من القتلى والجرحى والمعتقلين بعد الانتخابات. وقالت مصادر فرنسية رسمية إن الدور الإيجابي الذي لعبته سورية في المساعدة على إخراج الجامعية الفرنسية كلوتيلد ريس من السجن بكفالة مالية وتمكينها من الانتقال إلى السفارة الفرنسية التي هي أراض فرنسية بموجب الاتفاقيات الدولية والأعراف الدبلوماسية يظهر «مرة أخرى» أن رهان باريس على «نتائج إيجابية للتقارب مع دمشق كان في محله».

وأفادت مصادر فرنسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن الاتصالات بين باريس ودمشق جرت على أعلى المستويات، في إشارة إلى اتصالات الرئيس ساركوزي بالرئيس الأسد واتصالات وزيري خارجية البلدين، كوشنير والمعلم، اللذين نجحا في نسج «علاقات ثقة» بينهما. غير أن قصر الإليزيه كان هو الذي «يفاوض مباشرة» ويتولى الاتصالات للإفراج النهائي عن كلوتيلد ريس لما في ذلك من «مردود سياسي داخلي» على شعبية الرئيس الفرنسي الذي وضع «إعادة» الفرنسيين المحتجزين في الخارج على رأس اهتماماته. و لم يتردد الرئيس الفرنسي في الإعراب علنا عن شكره للرئيس السوري للدور الذي لعبه في موضوع ريس، فيما تعول باريس عليه كثيرا من أجل إخراجها نهائيا من إيران وإعادتها إلى فرنسا. وبحسب المعلومات الفرنسية، فإن مصير الجامعية الفرنسية المتهمة بالتجسس والمشاركة في مظاهرات عقب الانتخابات الرئاسية الإيرانية، «كان يفترض أن يبحث خلال المحادثات التي أجراها الرئيس الأسد في طهران يوم أمس». وتأمل باريس في «حل سريع» يعيد كلوتيلد ريس إلى بلدها فورا بعد نجاح الدبلوماسية الفرنسية في المرحلة الأولى في إخراجها من السجن. وما زالت باريس مستمرة في ضغوطها السياسية والدبلوماسية وهي «تشغل» الأدوات كافة المتاحة لها لأجل هذا الهدف. يأتي هذا التطور ليؤشر إلى المسار الجديد للعلاقات الفرنسية ـ السورية القائم، كما تقول المصادر الفرنسية، على «تبادل المصالح» الدبلوماسية والسياسية. وفيما تعول فرنسا على دور إيجابي لدمشق في الملفات اللبنانية والفلسطينية والعراقية وفي محادثات السلام المنتظرة ما من شأنه أن يوفر لباريس دورا «لرعاية» محادثات السلام المباشرة أو غير المباشرة، فإن دمشق ترى في باريس «مدخلا» إلى الاتحاد الأوروبي وبابا للتقارب مع واشنطن من خلال إقناعها بـ«فائدة» الدور السوري.

و ما زالت باريس تعتبر أن دمشق «التزمت» بما وعدت به في «خريطة الطريق» التي اتفق عليها الرئيسان ساركوزي والأسد في ما خص العلاقات الثنائية والملف اللبناني. وعلى الرغم من ما نقل عن وزير الخارجية السورية وليد المعلم عن استعداد دمشق للعب دور في الملف النووي الإيراني، فإن المصادر الفرنسية تعتبر أن هذا الملف «مختلف تماما» عن الملفات الأخرى «التفصيلية» مثل ملف ريس، وبالتالي يخضع لاعتبارات استراتيجية تتناول مصالح إيران العليا ومصير الحوار المنتظر بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فإن الدور السوري فيه يبقى «محدودا». وتعزو مصادر فرنسية قبول طهران بالإفراج بكفالة عن ريس إلى رغبتها في «التخلص من عبء» استنفدت فائدته بعد أن نجحت السلطات الإيرانية في احتواء الحركة الاحتجاجية وسيطرت على الشارع. وكانت إيران قد أجرت 3 جولات لمحاكمات من سمتهم بالمتورطين في إثارة أعمال الشغب، بحسب الهيئة القضائية الإيرانية، ومن بين الذين تمت محاكمتهم القادة البارزين بالحركة الإصلاحية بهزاد نبوي ومحسن ميردامادي ومحمد علي أبطحي، الذي نقل عنه اعترافه أمام المحكمة أن قادة الحركة الإصلاحية أعدوا لأعمال عنف خلال الانتخابات منذ 3 سنوات. إلا أن قيادات إصلاحية كثيرة كذبت تلك الاعترافات المزعومة وقالت إن المعتقلين تعرضوا للضرب والاغتصاب وكل أشكال التعذيب النفسي والجسدي، إلا أن رئيس البرلمان علي لاريجاني وآخرين من المؤسسة الحاكمة نفوا حدوث اغتصاب. وردا على نفي لاريجاني، قال الزعيم الإصلاحي مهدي كروبي إنه طلب أمس مقابلة كبار المسؤولين ومن بينهم الرئيس أحمدي نجاد ليقدم أدلة على اغتصاب بعض المحتجين الذين احتجزوا في الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات.

وجاء في موقع صحيفة «اعتماد ملي» التابعة لكروبي على الإنترنت أن كروبي قدم هذا الطلب خلال رسالة بعث بها إلى علي لاريجاني بعدما نفى الأسبوع الماضي اتهامات كروبي، ووصفها بأنها «لا أساس لها من الصحة». وطالب كروبي بأن يحضر هذا الاجتماع لاريجاني والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وآية الله صادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية والرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني والمدعي العام. وقال كروبي في رسالته للاريجاني «أطلب منك أن تنظم اجتماعا.. يمكنني أن أقدم فيه شخصيا وثائقي وأدلة على حالات الانتهاك الجنسي في بعض السجون.. أنتظر تحركك السريع العاقل». وأضاف كروبي في رسالته للاريجاني: «حاولت أن أجعل الوقائع المتصلة بالانتخابات أكثر شفافية وأن أدافع عن حقوق الشعب من خلال تصريحاتي ورسائلي. لكن للأسف لم أتلق ردا مناسبا.. مسؤولو الشرطة والأمن تمسكوا بمواقفهم الصلبة». وحل كروبي في المركز الرابع في انتخابات الرئاسة وتعرض لانتقادات عنيفة من محافظين لقوله إن بعض المحتجين، رجالا ونساء، تعرضوا للاغتصاب في السجن، وأيد زعيم المعارضة مير حسين موسوي في موقعه على الإنترنت اتهامات كروبي، وتحدث بدوره عن «عملاء المؤسسة» الذين اغتصبوا المحتجين. وقال موسوي لكروبي «أحيي شجاعتك وآمل أن ينضم رجال دين آخرون لتعزيز جهودك».