لقاء الحريري ـ أرسلان يكسر الجمود.. ولكن حزب السياسيين «الصائمين عن الكلام» لا يزال كبيرا

عقد تشكيل الحكومة اللبنانية تراوح مكانها

الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، مستقبلا أمس في دارته في بيروت وزير الشباب طلال أرسلان (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

تشير الأجواء السياسية إلى أن تأليف الحكومة اللبنانية لا يزال بعيد المنال، إلا أن التداول بالعقد التي تحول دون التأليف لم يتوقف. وفي هذا الإطار نقل زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري الصائم عن الكلام عنه قوله إن «حزب الصائمين صار كبيرا»، كما نقل عنه زواره، ليضيفوا أن «بري لا يزال مصرا على التوافق وأنه سيبذل المزيد من الجهد في هذا الإطار، ومن أجل تقريب وجهات النظر بين الجميع».

وفي حين اكتفى رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد بالقول ردا على أسئلة الصحافيين عن الموضوع إن الحكومة دخلت في «فندق خمس نجوم»، كان لافتا أمس على صعيد التطورات المتعلقة بالحكومة استقبال رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وزير الشباب والرياضة طلال ارسلان، في حضور نادر الحريري ومروان خير الدين، واستبقائه إلى غداء عمل وعرض آخر الاتصالات بشأن تأليف الحكومة المقبلة.

وقال مصدر مقرب من ارسلان لـ«الشرق الأوسط»: «ربما تعتبر الزيارة مفاجئة في الشكل، لكنها تأتي طبيعية في المضمون. فقد حان الوقت لتنتهي القطيعة ويبدأ الحوار بروحية 11 مايو (أيار) عندما وضع ارسلان حجر الأساس للمصالحة الوطنية. لذا كان لا بد من لقاء مودة لا سيما أن ظروف تشكيل الحكومة فرضت تحديد الموعد مع تكريس أجواء الانفتاح بين القوى السياسية». وكانت العلاقات بين الحريري وأرسلان قد أخذت منحى إيجابيا بعد جريمة اغتيال صالح العريضي، أحد قادة الحزب الديمقراطي اللبناني الذي يرأسه أرسلان، ومبادرة الحريري إلى القيام بالتعزية. وتم آنذاك الاتفاق المبدئي على اللقاء بينهما. وينفي المصدر أن يكون أرسلان الذي كان قد التقى أول من أمس رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون قد تولى نقل رسالة من عون إلى الحريري، ويقول: «لا علاقة للزيارة بأي رسائل بين الأطراف اللبنانيين». ويشير إلى أن «أرسلان لبى دعوة الحريري، بمعزل عن التجاذبات الحاصلة بين عون والرئيس المكلف ومن دون أي تعديل في تموضعه السياسي الثابت والصلب وانطلاقا من موقعه وخطه الوطني المقاوم». ولم ينف المصدر أن «أرسلان ومعه قيادات حزبه وجمهوره يشعرون بالمرارة والأسف من الطريقة التي تم التعامل بها حياله بشأن تشكيل الحكومة». ويضيف: «كأن هناك قرارا بإبعاد أرسلان، مع أن المنطق يقضي بمكافأته على الدور الذي اضطلع به بعد السابع من مايو (أيار) 2008، عندما بادر إلى إنقاذ لبنان والشيعة والدروز من فتنة لا تحمد عقباها. واليوم نسمع من يقول إن أرسلان أكبر من الوزارات، أو أن لا مكان له في المحاصصة الطائفية، مما يدفعنا إلى سؤال جميع القادة السياسيين عن سبب تمسكهم بمقاعد حكومية عوضا عن الانسحاب منها كما يطلبون من أرسلان. لماذا يتم استبعاده؟ فالمعارضة تمثل جميع الطوائف والأحزاب والتيارات، والواقع الدرزي يستوعب توزير من يمثل أكثر من 30% من الدروز». وفي ما يتعلق بالموضوع الحكومي أوضحت وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري أن «ما أصررنا عليه، هو عدم اللجوء إلى العنف الكلامي، لا سيما أنه يؤثر على تشكيل الحكومة». وأشارت إلى أن «كل إنسان له طريقته في التعبير عن رأيه». وأعلنت أنه «من جهتنا، نحن نتمسك بأسلوب الحريري المبني على الحوار والوفاق والتمسك باتفاق الطائف». في المقابل، قال عون بعد الاجتماع الأسبوعي لتكتل «التغيير والإصلاح»: «أنا لست مكلفا بتأليف الحكومة، ولكنني مساهم. وقد قدمت عرضا لم أحصل على رد عليه وعندما يصلني الجواب أعطي تقييمي». وأضاف: «الوضع الذي نعيشه أسوأ من الفراغ الحكومي وهناك شيء أكيد أن المواضيع التي فضحت سنفضح غيرها ولا يمكن العيش مع مجتمع سياسي مافيوي يمنع تكوين رأي عام ضد السرقة والجريمة». وأشار إلى أنه التزم «عدم السجال مع أحد حتى 13 أغسطس (آب) عندما قلت إننا نريد جبران باسيل وبعدها تحدثت الاثنين. فالموضوع ليس جبران باسيل بل له وجهان: الأول: إننا لسنا بمطواعين وقد أظهرنا ذلك بما قلناه عن فضائح وزارة الاتصالات التي لم تحرك النيابة العامة فيها ساكنا لذا نرى تواطؤا للقضاء مع الفساد في الدولة والدليل ما حصل أخيرا في الباروك». وتساءل عون: «لماذا يتكلمون عن تأجيل الحكومة إلى ما بعد رمضان؟ في لبنان كلنا نعمل في رمضان مسلمين ومسيحيين. لكن معروف من لا يعمل من شركاء الذين يؤلفون الحكومة في رمضان». وقال النائب سامي الجميل: «سيكون لنا موقف من الحكومة في الوقت المناسب وما وصلنا إليه في الشأن الحكومي غير مقبول ومعيب للطبقة السياسية الموجودة اليوم». وأضاف: «إذا استمررنا على هذا الشكل سيفقد الشعب اللبناني الثقة في البلد. ولا بد من التوقف عند الطريقة السيئة التي تعاملت بها الطبقة السياسية مع موضوع تأليف الحكومة». أما قوى «14 آذار» وبعد اجتماعها الأسبوعي، فقد جددت «تمسكها بتشكيل حكومة ائتلاف وطني، ودعمها الجهد المبذول من الرئيس المكلف في هذا الاتجاه». كما أكدت «أن التحديات التي يواجهها لبنان، سواء ما يتصل منها بالتهديدات الإسرائيلية أو ما يتعلق بمصالح اللبنانيين وحاجاتهم، تتطلب الإسراع في إنجاز التأليف». وأشارت إلى أن «الصيغة الحكومية القائمة على قاعدة 15 ـ 10 ـ 5 إنما تم التوصل إليها في حوارات أجراها الرئيس المكلف مع الأفرقاء، وقد وافق حزب الله عليها باسمه وباسم حليفه عون، لا بل أبدى حزب الله تعهده تسهيل هذه الصيغة ومعالجة أي مشكلة قد تطرأ مع عون. وفي أساس الصيغة التي وافق عليها الحزب أن تكون حقيبتان سياديتان من حصة رئيس الجمهورية وأن المطالبة بإحداهما ليست سوى محاولة لانتزاع جزء أساسي من الدور المرجح المتفق عليه للرئيس، وبالتالي إضعاف دوره وقدرته على الاضطلاع بمهماته الدستورية. وبالتالي فإن التصعيد الأخير في مواقف النائب عون لا يمكن أن يحصل من دون موافقة حزب الله الذي وافق وتعهد». وكان النائب عن «القوات اللبنانية» انطوان زهرا، قد صرح أن «لا مشكلة داخل قوى 14 آذار في موضوع التشكيلة الحكومية، لأن هذه القوى تحترم تحالفاتها، وتحترم شعاراتها السياسية التي على أساسها جاءت غالية إلى المجلس النيابي، وتحترم بشكل خاص تفويضها للرئيس المكلف الذي من صلاحياته التفاوض مع الأفرقاء والتشاور معهم، والتفاهم مع رئيس الجمهورية على التشكيلة الحكومية، وبالتالي فإن الرئيس المكلف أجرى مشاوراته مع كل القوى، ونحن في القوات اللبنانية تكلمنا معه عن رؤيتنا وتصورنا للحكومة ودورها، ولإمكانية مشاركتنا وكيفية هذه المشاركة». ولفت إلى «أن هناك وزارات خدماتية، ونحن نعتقد أنه يجب أن نتولى واحدة منها». ورأى أنه «لا يوجد نص دستوري يمنع توزير الخاسرين في الانتخابات، إلا أن العرف يمنع وكذلك الأخلاق واحترام إرادة الناس.