أبو حمزة المقدسي لـ«الشرق الأوسط» : لسنا تكفيريين.. وماضون في إقامة إمارة إسلامية

قال إن الجماعات السلفية خرجت من رحم حماس والجهاد وغيرهما.. واتهم القسام بالتفجيرات الداخلية

TT

منذ أعلنت حماس حربا مفتوحة على قادة الجماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة، بعد أن أعلن زعيم جماعة «جند أنصار الله» المقتول، عبد اللطيف موسى، إقامته إمارة إسلامية في رفح، وأسئلة كثيرة تنتظر أجوبة: من هم؟ وماذا يريدون؟ ومن يتبعون؟ وما حقيقة أنهم تكفيريون؟ وكيف ينظرون إلى الآخر؟

اتهمتهم حركة حماس بالضلالية والتكفيرية والعيث فسادا في غزة، عبر تفجيرات طالت عدة محال ومؤسسات.. وتبرأت السلطة الفلسطينية منهم، ووقفت التنظيمات الأخرى موقف الحياد أو الصمت.. وحتى تنظيم القاعدة الذي تستلهم هذه الجماعات نهجه لم يقل كلمته بعد.

وأفضل من يجيب عن أسئلة كتلك، هم قادة هذه الجماعات. وتمكنت «الشرق الأوسط» في رام الله، عبر وسيط موثوق لديهم، من الاتصال بأحد أبرز قادة جماعة أنصار السنة في غزة، وهو أبو حمزة المقدسي.

وقال أبو حمزة إن الجماعات السلفية في القطاع تشكلت من رحم الفصائل الإسلامية هناك، نافيا تهمة التكفيرية. وأقر بأنهم نفذوا تفجيرات داخلية في القطاع، لكنه تطرق بالاسم إلى عناصر من كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، قال إنهم نفذوا تفجيرات من دون أن يحاسبهم أحد.

وأكد المقدسي أنهم ماضون على نهج إقامة الإمارة الإسلامية، وترك الباب مفتوحا للعمل مع تنظيم القاعدة. وهذا نص الحوار، الذي أرسل أولا على شكل أسئلة مكتوبة فرد عليها.

* متى تأسست أول جماعة سلفية في غزة؟

ـ أولى الجماعات السلفية تأسست في منتصف 2005 تحت مسمي «جيش الإسلام»، وشاركت في عملية «الوهم المتبدد» التي خطف فيها الجندي الصهيوني، جلعاد شليط. ثم خرجت جماعات أخرى بعد دخول حماس الانتخابات التشريعية، ومع اشتداد الحصار على غزة، بدأت الجماعات الأخرى تظهر، كـ«جيش الأمة»، و«التوحيد»، و«الجهاد»، وجماعات أخرى، وغالبيتها تضم عناصر من الفصائل الإسلامية كحماس، والجهاد، وأجنحة عسكرية أخرى عاملة في غزة، وكذلك من جيش الإسلام بعد المذبحة التي نفذتها حماس ضد عائلة دغمش التي كان يقودها أخونا، أبو محمد الأنصاري، من كبار العائلة. وكان تنظيم الجيش غالبية عناصره من العائلة نفسها، وبعد أن حصل ما حصل، لجأت عناصره كلها لجهات مختلفة من الجماعات السلفية الجهادية الأخرى.

* ما هو تعريف «جماعة سلفية»، وما هو الفرق بينها و«السلفية الجهادية»؟ ـ السلفية، نسبة إلى السلف الصالح صحابة رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ (الذين هم أهل السنة والجماعة)، وهو انتساب محمود إلى المنهج السديد، وليس اتباع منهج جديد. قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ـ رحمه الله «ولا عيب على من أظهر مذهب السلف الصالح وأنتسب وأنتمي إليه، بل يحب قبول ذلك منه بالاتفاق، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا مذهب أهل السنة والجماعة (السلفية) يشتمل على ثلاثة أسس عظيمة. وهي كتاب الله والسنة النبوية، قولا وعملا، وبما حوت وجاء به نبي الله، صلى الله عليه وسلم، ونهج الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والقرون الثلاثة الأولى، ففي الحديث أن نبي الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»، والفرق بينها وبين سلفية أولي الأمر أن الأخيرة عطلت فريضة الجهاد مؤقتا.

* كم عدد الجماعات السلفية الجهادية الآن وما أبرزها، وما هو عددكم؟

ـ يصل عددها إلى 4 جماعات وهي: «جند أنصار الله»، و«أنصار السنة»، و«جيش الأمة»، و«التوحيد والجهاد»، وكانت هناك جماعات أخرى كـ«جيش الإسلام» الذي انهارت بعد المذبحة التي ارتكبتها حماس ضدها بحي الصبرة، بعد عملية خطف الصحافي البريطاني آلان جونستون. ونرفض الإفصاح عن عدد مجاهدينا، لكن نؤكد أن الجماعات السلفية تضم عددا كبيرا من الشباب الملتزم المجاهد الحافظ لكتاب الله، المواظب على الصلوات في المساجد.

* تصفكم حماس بأنكم تكفيريون، كيف تردون؟

ـ هذه اتهامات باطلة يرفضها الإسلام ونرفضها، فنحن لم نكفر أيا من أبناء شعبنا، ولا يجوز لنا أن نكفر من يقول «لا إله إلا الله»، وإن كانت حماس تتهمنا فأريد أن أُسمع قيادات حماس ما قاله نبي الحق صلى الله عليه وسلم: «أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر. فقد باء بها أحدهما. إن كان كما قال. وإلا رجعت عليه». وفي «الصحيح» قوله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر». وأريد أن أُذكرهم بقصة صحابي جليل، ألا وهو أسامة بن زيد حين ذكر أنه قتل رجلا بعد ما قال‏ «لا إله إلا الله»، وعظم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لما أخبره، وقال‏:‏ «‏يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله‏؟»،‏ رغم أن الرجل نطقها تحت حد السيف، وكرر ذلك عليه حتى قال أسامة‏:‏ «تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ».

* كيف تنظرون إلى المجتمع الفلسطيني عامة، والمجتمع المسيحي؟

ـ المجتمع الفلسطيني من المجتمعات المحافظة ويتخذ من الإسلام منهجا له وننظر إليه بأن يمكننا رب العزة من تطبيق شريعته في الأرض بالكلمة الطيبة الحسنة. أما المجتمع المسيحي فنسأل الله: لا ضرر ولا ضرار.

* هل أنتم مستعدون للقتل، وما هي الأسباب التي يمكن أن تقتلوا مسلما أو غير مسلم من أجلها؟

ـ طبعا لسنا مستعدين لذلك، ولا توجد أسباب تضعنا في مخاض عسير ما بين أحقية القتل أو لا، فقتل أي نفس بغير حق هو محرم ولا يجوز شرعا، ونرفض هذا النهج. لكن للتوضيح أن هناك أمورا تحصل كما حصل في رفح، الجمعة الماضية، مما يضعنا أمام خيار المواجهة والتصدي بكل قوة للدفاع عن أنفسنا.

* أنتم متهمون بالقيام بتفجيرات طالت محال إنترنت وصالونات نسائية ومؤسسات مسيحية، هل هذا صحيح؟

ـ هذا غير صحيح، هناك عمليات قام بها أفراد من كتائب القسام، وقاموا بها أثناء عملهم في القسام، وكذلك عناصر من حراس لشخصيات مهمة في الحكومة. فلماذا لا تتم محاسبة هؤلاء العناصر، ولماذا كل عمليات التفجير التي تقع تلصق بالجماعات السلفية. أنا هنا لا أنفي علاقتنا ببعض تلك الأعمال، لكنها كثيرا ما تكون فردية ولا يمكن أن تكون تلك التفجيرات التي استهدفت بعض المحال من قبل عناصرنا إلا درءا للمفاسد، ويتم ذلك بعد إسداء النصائح المعينة بطرق مختلفة وتتم عمليات التفجير بأوقات متأخرة جدا، بحيث نضمن عدم وجود أحد داخل المكان المستهدف. وكانت تلك الحالات قليلة جدا.

* كيف تنظرون إلى حماس وحكمها في غزة؟

ـ نحن ليس لنا أي علاقات سياسية بحماس أو غيرها، وننتقد سياساتها وسياسات الحكومات الفلسطينية الموجودة بأكناف بيت المقدس، ونعتبرها حكومات تحكم بقوانين وضعية ما أنزل الله بها من سلطان.

* كيف ستردون على ما حل بجماعة «جند أنصار الله»؟

ـ نحن لسنا في حرب ضد أحد، معركتنا مع الاحتلال، ولن نحيد عن ذلك، وما دار الجمعة الماضية وما تبعها من ملاحقات لعناصر الجماعات السلفية، بمختلف مسمياتها، نحن نرفضها تماما، ونؤكد على تحريم الدم المسلم والاقتتال الداخلي، وننتظر إنهاء إخواننا في جماعة «جند أنصار الله» تعيين أمير جديد لها بحكم الشورى في ما بينهم، والتواصل مع القيادة الجديدة للتأكيد على الخطوط العامة التي سنحددها خلال الفترة المقبلة لمرحلة الإمارة الإسلامية التي نؤكد مواصلة طريقنا على نهجها.

* من أين تتلقون الدعم المالي، وهل هو كافٍ؟

ـ نتلقى دعما ماليا من أهل السنة والجماعة، وأهل الخير أينما وجدوا في أكناف بيت المقدس أو خارجها، وهو دعم ذاتي وقليل، لكننا بحمد الله نُمكن أنفسنا بما لدينا من إمكانيات.

* هل الجماعات السلفية موحدة، وهل يمكن توحيدها؟

ـ قبيل ما حصل من أحداث الجمعة الماضية، وبالتحديد قبيل التاسع من رجب، كانت هناك جهود مضنية لتوحيد الجماعات السلفية الجهادية، تحت مسمى جماعة «جند أنصار الله» في أكناف بيت المقدس، فعليًا على أرض الواقع. وحصلت أحداث الجمعة الماضية في الوقت الذي كانت تتم الخطوات العملية لتنفيذ المرحلة العملية من ذلك العمل.

* ما هو النهج الذي تتبعونه، وهل بايعتم أحدا خارج فلسطين؟

ـ نهجنا واضح، هو إسلامي ونستمد قوانيننا من الشريعة الإسلامية لا القوانين الوضعية، ونعتبر محاربة الصهاينة والجهاد ضدهم من أهم أولوياتنا، وضرورة تحريم التعدي على حرمات المواطنين، والعمل على نشر الشريعة الإسلامية وتطبيقها بين الناس بالطرق الحسنة التي يدعو إليها الإسلام، ولم نبايع أي شخصية إسلامية أو غيرها خارج فلسطين حتى هذه اللحظة.

* ما هو هدفكم النهائي الذي تعملون عليه؟

ـ هدفنا واضح يدعو لنشر الشريعة الإسلامية بين أبناء شعبنا بالطرق التي دعا إليها الإسلام، والدعوة لدرء المفاسد، والجهاد ضد العدو الصهيوني حتى تحرير أرض المسرى، بإذن الله.

* ما حقيقة علاقتكم بـ«القاعدة»؟

ـ أؤكد من جديد أنه لا علاقة لنا بـ«القاعدة» حتى اللحظات، لكن ربما يحدث ذلك مستقبلا.

* هل جندتم مقاتلين غير فلسطينيين في صفوكم؟

ـ جميع المقاتلين الذين يعملون داخل الجماعات السلفية الجهادية في أكناف بيت المقدس من الفلسطينيين.

* هل صحيح أن بعضكم كان ينتمي لحماس وكتائب القسام، ولماذا تركوها؟

ـ هذا أمر صحيح ولا غبار عليه، وهناك آخرون من الجهاد ولجان المقاومة الشعبية وتنظيمات أخرى، ولكن بالنسبة للأسباب فهناك الخاصة، وهناك القناعات الذاتية بأن تلك الفصائل تعمل بسياسات تختلف من وقت لآخر، حسب مصالح سياسية بحتة لا من منطلق عقائدي.

* كيف تنظرون إلى الاحتلال الإسرائيلي؟

ـ ننظر إليه كما ينظر إليه جميع أبناء شعبنا، فهو عدو معتدٍ، وواجبنا أن نجاهد ضد هذا العدو بكل الوسائل.

*هل لديكم أي اتصالات مع قيادة السلطة في رام الله؟

ـ هذه اتهامات أطلقها قيادات حماس لتبرير ما قامت به الحركة ضد جماعة جند أنصار الله، وهي اتهامات باطلة لإقناع الرأي العام عبر المنابر الإعلامية لحماس والإخوان المسلمين لتشويه صورة وسمعة المجاهدين الذين لم يتوانوا عن ضرب الاحتلال أينما وجد، في الوقت الذي كانت حماس تبحث فيه عن تهدئة تحفظ كيوننتها بغزة، فنحن من قناعاتنا رفض مثل حكومات حماس ورام الله، لأننا نعتبر أنها تحكم بقوانين وضعية، كذلك لأن هناك اختلافا في الرؤى ووجهات النظر مع تلك الحكومات، فكيف لنا أن نقبل دعما من تلك الحكومات التي توالي اليهود والصليبيين وغيرهم، وترحب بهم في أراضي فلسطين المباركة.