هولبروك: اكتشفنا أن 90% من المساعدات الأميركية لأفغانستان تمر عبر مقاولين

مبعوث أوباما: مقتل محسود وانتخابات أفغانستان مؤشرات تقدم ضد «القاعدة»

TT

اعتبر ريتشارد هولبروك، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي باراك أوباما لأفغانستان وباكستان، أن مقتل بيت الله محسود زعيم طالبان في باكستان في جنوب وزيرستان، والتقاتل الداخلي الذي اندلع بين الفرق المتناحرة من أتباعه، مؤشرا على تحول في الموقف. وفي إشارة إلى أن المعركة في أفغانستان ليست عسكرية فقط، أجاب هولبروك على سؤال عن إمكانيات تحقيق النصر هناك، قائلا: «أفضل من جانبي استخدام كلمة «نجاح» بدلا من «نصر». هذه الحرب لن تنتهي على ظهر السفينة الحربية «ميسوري» أو على طاولة مؤتمرات في جنيف». وكان هولبروك يجيب على أسئلة عن السياسة الأميركية في مركز التقدم الأميركي ( سنتر فور اميركان بروغرس). وفيما يلي مقتطفات منها:

* عندما أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما سياسته حيال أفغانستان وباكستان، اقترح ما بدا هدفا محدودا للغاية: تعطيل وهزيمة وتفكيك تنظيم «القاعدة» في البلدين، والحيلولة دون عودة ظهورها بأي منهما في المستقبل. إلا أنكم تركزون جهودكم على تعزيز القدرات الحكومية الأفغانية، وكذلك محاربة «القاعدة» في باكستان. كيف تتواءم هذه الجهود الأوسع مع الاستراتيجية الأضيق نطاقا؟ ـ أنت تعني إذا كان هدفنا إنزال الهزيمة بـ وتدمير وتفكيك «القاعدة»، وإذا كان التنظيم يتركز على نحو أساسي في باكستان، فلماذا نولي كل هذا الاهتمام إلى أفغانستان؟ في الواقع، الصلة بين الاثنين بسيطة: «القاعدة» و«طالبان» ـ وهما مختلفان في باكستان وأفغانستان ـ مرتبطان ببعضهما بعضا. تعد أفغانستان أرضا خصبة لتجنيد عناصر لحساب «طالبان». وتوفر البلاد لـ«القاعدة» مساحة يمكنها العمل بها. وطالما أن «طالبان» في أفغانستان غير مستعدة للتبرؤ علانية من «القاعدة»، فإن ذلك يعني أنهما تخوضان القتال دفاعا عن بعضهما بعضا، وأنهما حليفان. من جهتها، أعلنت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، أن الولايات المتحدة ستدعم اندماج أي مقاتل من «طالبان» على استعداد للتخلي عن «القاعدة» وإلقاء السلاح في المجتمع الأفغاني. إذا ما تخلينا عن النضال في أفغانستان، فإننا نتخلى بذلك عن القتال ضد «القاعدة» أيضا.

* قال البعض إن المشكلة القائمة بأفغانستان ليست ناشئة في الجزء الأكبر منها عن قوة «طالبان»، وإنما عن ضعف الحكومة. هل لديكم أية توقعات حيال إحداث الانتخابات المقبلة تبدل في هذا الضعف الحكومي؟ ـ لا ندري من سيفوز في الانتخابات حتى مساء 20 أغسطس (آب). والواضح أن العملية ستستغرق بعض الوقت، حيث يتعين تجميع الأصوات الانتخابية كافة ونقلها إلى كابل. قطعا، ستندلع مشاحنات، مثلما الحال في الديمقراطيات كافة. لا أحد يتطلع نحو مستوى من الكمال في هذه الانتخابات، نعجز نحن في الولايات المتحدة عن تحقيقه في بعض الأحيان. لكن بعد انتهاء العملية الانتخابية وتداعياتها المباشرة، سيطلب المجتمع الدولي من حكومة كابل إعادة تنشيط أو تنشيط ـ حال عدم استمرار الحكومة القديمة في السلطة ـ البرامج المعنية بالسياسات المتنوعة بين التنمية الزراعية الرامية لاستبدال محاصيل الخشخاش، والعفو عن المقاتلين السابقين وإعادة دمجهم بالمجتمع، وصولا إلى الفساد وقضايا المرأة والأمن. أيضا، من بين الأمور التي ورثناها عن الإدارة السابقة، أننا اكتشفنا أن أقل من 10% من المساعدات الأميركية تمر عبر الحكومة، أما الباقي فيمر من خلال مقاولين ومستشارين. ننوي في المستقبل تقليص العقود لافتقارها إلى المرونة، ولأنه ينتهي بها الحال إلى إلحاق الضعف بذات الحكومة التي نحاول تعزيزها. تتمثل المشكلة الكبرى التي سنواجهها في تعزيز الشرطة. في أي حرب عصابات أو حركة تمرد إرهابية ـ حيث قضيت الكثير من سنوات حياتي أعمل بهذه المناطق ـ يتعذر إحراز أي تقدم إلا إذا اضطلعت الشرطة بدور جوهري في الأمن بعد انتهاء القوات العسكرية من مهمة التخلص من المتمردين. بوجه عام، نتحرك حاليا في الاتجاه الذي نرغبه، فبعد تأخرها لفترة طويلة، تجري الآن انتخابات في أفغانستان. ومع مضي القوات العسكرية قدما في أفغانستان وإعاقتها «طالبان»، فإن ذلك سيلحق الضعف بدوره بالصلات القائمة بين «طالبان» و«القاعدة». وبالنظر كذلك إلى الأحداث المهمة الدراماتيكية والهائلة التي شهدتها باكستان مؤخرا ـ ومقتل بيت الله محسود في جنوب وزيرستان والتقاتل الداخلي الذي اندلع بين الفرق المتناحرة من أتباعه ـ بدأ الموقف في التحول.

* من المتعذر تحقيق النصر في أفغانستان، طالما أن لكل من «طالبان» و«القاعدة» ملاذات داخل المناطق القبلية الباكستانية الخاضعة للإدارة الفيدرالية. هل تتفقون مع هذا القول؟ _ أتفق مع الأساس الذي يقوم عليه السؤال. وأفضل من جانبي استخدام كلمة «نجاح» بدلا من «نصر». هذه الحرب لن تنتهي على ظهر السفينة الحربية «ميسوري» أو على طاولة مؤتمرات في جنيف. تعتبر قضية الملاذات الباكستانية عنصرا رئيسا لإحراز النجاح، وهذا هو السبب وراء إقدام الرئيس أوباما ووزيرة خارجيته، هيلاري كلينتون، على وضع البلدين معا في ظل مسؤولية مبعوث واحد في إطار الجهود الدبلوماسية الأميركية. ولم يكن هذا الوضع قائما حتى 20 يناير (كانون الثاني). المؤكد أن مقتل بيت الله محسود تطور مهم للغاية، لكننا لا ندري حتى الآن كيف ستكون تداعياته. ترد إلى مسامعنا تقارير حول اشتعال فوضى بين أتباعه. والآن، بات يتعين على «القاعدة» تحديد المسار الذي ستتخذه، بالنظر إلى أن محسود شكل فعليا كيانا فرعيا مستقلا عن «القاعدة». وهي أنباء جيدة للغاية. على نفس القدر من الأهمية، نجد أن الشعب الباكستاني يقترب من تشكيل إجماع في مواجهة «طالبان» و«القاعدة». يذكر أن استطلاعا للرأي أجراه «مركز بيو» هذا الأسبوع كشف أن 70% من الباكستانيين لديهم وجهة نظر سلبية إزاء «طالبان»، بارتفاع عن 33% العام الماضي.

*خدمة «غلوبال فيو بوينت» خاص بـ«الشرق الأوسط»