«اجتثاث الجذور».. عمليات أمنية تطيح بشبكة قيادات «القاعدة» في السعودية

تضم 44 قياديا كانوا وراء الجزء الأكبر من الأعمال الإرهابية * اللواء التركي لـ«الشرق الأوسط»: ليسوا كل الرؤوس * 30 منهم يحملون شهادات عليا بينها الماجستير والدكتوراه وبعضهم أشخاص معروفون ومقتدرون ماليا

الأمن السعودي يبطل بعض الالغام التي بثها الارهابيون في بعض المناطق السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت السعودية أمس، عن الإطاحة بشبكة من قياديي تنظيم القاعدة، ممن قال عنهم اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط»، «إنهم كانوا يعملون في الظل، وذلك خلال عمليات أمنية لـ(اجتثاث الجذور)، استمرت منذ أكثر من عام».

ويحمل القياديون الـ44، (جميعهم سعوديون، عدا شخص واحد)، شهادات عليا، وعلمت «الشرق الأوسط» أن من بينهم من يحملون درجتي الماجستير والدكتوراه، وآخرين متخصصون في الهندسة.

وشدد اللواء التركي، على خطورة الشبكة الإرهابية التي تم الإطاحة بها خلال عدد من العمليات الأمنية، مؤكدا أنه يمكن النظر لأفراد هذه الشبكة «بأنهم كانوا يقفون خلف الجزء الأكبر من العمل الإرهابي الذي شهدته السعودية خلال السنوات الماضية». وبين اللواء التركي أن المقبوض عليهم ليسوا كل رؤوس الفئة الضالة، مؤكدا استمرارية العمل الأمني في اجتثاثهم.

وأشار بيان لوزارة الداخلية السعودية، إلى وجود اتصالات بين القياديين الذين أطيح بهم في هذه الشبكة، وقيادات تنظيم القاعدة في الخارج، كما أنهم كانوا على تواصل مع العناصر الميدانية التي نفذت الهجمات الانتحارية ضد المصالح الحيوية في الداخل.

وشهدت السعودية، منذ 12 مايو (أيار) 2003، نحو 6 عمليات إرهابية، تصنف بكونها هجمات استهدفت مصالح أمنية للدولة، وأخرى حيوية، وثالثة سكنية.

ولم يثبت مع بدء حرب السعودية على تنظيم «القاعدة»، ما يمكن أن يربط بين هؤلاء القياديين والأنشطة الإرهابية التي ضربت البلاد. لكن اللواء التركي قال إن كافة الأدلة التي تحصلوا عليها تثبت تورطهم في «أنشطة الفئة الضالة من اعتناق الفكر أو الدعوة إليه أو التمويل».

غير أن قياديي القاعدة الذين أعلنت السعودية أمس القبض عليهم، الذين قام بعضهم بتوظيف أمواله لصالح التنظيم، في إشارة واضحة لاقتداره ماليا، استطاعوا خلال السنوات الماضية أن يبقوا بعيدا عن الملاحقة الأمنية، طبقا للتركي، الذي أرجع هذا الأمر «لحرصها (الشبكة) الشديد أن تبقى كتنظيم يسعى لتجنيد وإنشاء الخلايا والتنظيمات التي تسعى إلى تنفيذ العمل الإرهابي من دون أن يظهر لها أي أثر».

يشار إلى أن بعض القياديين الذين قبض عليهم في إطار شبكة القاعدة، أشخاص معروفون. وقال التركي الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، أن من هؤلاء «أشخاصا استغلوا مكانة معينة، ومستوى ثقة منح لهم»، ولفت إلى أنهم مؤثرون في الدوائر التي كانوا ينشطون بها.

وأرجع المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية، عدم القبض على القياديين الـ44 منذ وقت بعيد، لعدم توفر المعلومات الكافية والدلائل التي يمكن أن يتحرك رجال الأمن بموجبها للقبض عليهم، حيث كانوا يبالغون في مسألة التخفي، كما استغل بعضهم العمل الخيري لدعم تنظيم القاعدة.

وكشف التركي، أن 30 قياديا من الـ44، يحملون شهادات جامعية، بكالوريوس فما فوق، كما أن بعضهم حاصل على دورات تدريبية متقدمة باستخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة وإعداد الخلائط المتفجرة، يدعمهم بذلك الدورات التدريبية المتقدمة التي حصلوا عليها.

وكان بيان وزارة الداخلية الذي نقل على لسان المتحدث الأمني بوزارة الداخلية، قد أشار إلى «تمكن الأجهزة الأمنية من الوصول إلى المعلومات عن شبكة من منظري ومعتنقي الفكر الضال والداعمين لأنشطته الإجرامية، وذلك بالرغم من مبالغة عناصرها في التخفي ومحاولة تحقيق أهدافهم في نشر الفكر الضال والدعوة إليه من خلال التغرير بالأجيال الشابة واستغلال العمل الخيري في تمويل أنشطتهم الضالة».

وباشرت الجهات الأمنية في السعودية، مهامها التنفيذية في الفترة ما بين 20 يوليو (تموز) 2008، وحتى 2 أغسطس (آب) الجاري، حيث كان من نتائج ذلك 44 عنصرا من تلك الشبكة أحدهم من المقيمين والبقية من السعوديين بعضهم يحمل مؤهلات عالية، وخبرات تقنية متقدمة، بالإضافة إلى تلقي بعض منهم تدريبات في الداخل على الرماية بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، وعلى طرق إعداد الخلائط المتفجرة، وأساليب تزوير الوثائق لاستخدامها من قبل عناصر الفئة الضالة في تنقلاتهم. كما أدت عمليات القبض والتفتيش إلى ضبط أسلحة وذخائر، بالإضافة إلى دوائر إلكترونية جاهزة قاموا بتطويرها لتستخدم في عملية التفجير عن بعد، وذلك في مواقع متفرقة على النحو التالي:

أولا: ضبط 17 رشاش كلاشنكوف (AK47) و22 صندوق ذخيرة حية، تحتوي على 16500 طلقة، و26 مخزن رشاش، بالإضافة إلى عدد 280 دائرة إلكترونية للتفجير عن بعد، وقد عثر عليها مدفونة بموقع في أحد الأودية القريبة من الرياض.

ثانيا: ضبط 96 دائرة الكترونية للتفجير عن بعد مدفونة في موقع بري بالقرب من أحد محافظات القصيم.

ثالثا: ضبط 50 رشاشا، و20 صندوق ذخيرة، تحتوي على 15000 طلقة، وعدد 39 مخزن رشاش، أخفيت في مخبأ أنشئ لهذا الغرض من الخرسانة المسلحة داخل غرفة بفناء منزل لأحد هذه العناصر الواقع بأحد الأحياء السكنية بالرياض.

وقد كشفت التحقيقات القائمة بهذا الشأن خطورة عناصر تلك الشبكة، طبقا لبيان وزارة الداخلية، الذي أشارت فيه إلى تواصل بعضهم الوثيق مع «قيادات التنظيم الضال في الخارج، ومع من قتل من رموزهم واستغلال العمل الخيري في تنفيذ مخططات إجرامية جهزوا لها منذ فترة ولا تزال التحقيقات مستمرة لاستجلاء كافة الحقائق».