البرلمان الإيراني محذرا أحمدي نجاد: قد نرفض 5 من وزراء حكومتك الجديدة

من بينهم وزراء النفط والاستخبارات والداخلية والصناعة * قاض إيراني يأمر بإغلاق صحيفة «كيهان».. واستبعاد تنفيذ الحكم

أحمدي نجاد وسط أعضاء بالبرلمان والهيئة القضائية قبل إعلان تشكيل حكومته (إ ب أ)
TT

قال نائب بارز بالبرلمان الإيراني أمس إن الرئيس محمود أحمدي نجاد سيواجه معركة صعبة لإقرار تشكيلة حكومته الجديدة، قائلا إن من المرجح أن يرفض المجلس عددا من الوزراء الذين سيرشحهم. وستكون النتيجة اختبارا آخر لمقدار القوة التي يتمتع بها أحمدي نجاد بعد أزمة انتخابات الرئاسة التي أدت إلى انشقاق غير مسبوق داخل النخبة الحاكمة، وداخل المعسكر المحافظ. وأشار محمد رضا بهنر، نائب رئيس البرلمان، الذي انتقد الرئيس الإيراني من قبل، إلى أن من المحتمل أن يصوت البرلمان ضد تعيين ما يصل إلى خمسة أعضاء في حكومة أحمدي نجاد البالغ عدد أعضائها 21. وتابع بهنر «بعض هؤلاء الرجال والنساء لن يحصلوا على الثقة وثمة شكوك حول آخرين، إلا إذا عرفوا عن أنفسهم أمام البرلمان خلال الأسبوع».

ومن بين الوزراء المرشحين المثيرين للجدل الذين يمكن أن يسببوا لأحمدي نجاد صداعا كبيرا وزير التجارة الحالي مسعود مير كاظمي الذي رشح لمنصب وزير النفط الجديد وهو منصب مهم لأن مبيعات الخام تمثل معظم عائدات البلاد. ويعتبر كاظمي حليفا لأحمدي نجاد لكن لم يتردد أن له خبرة تذكر في صناعة النفط. وهو مقرب من الحرس الثوري الإيراني. ويواجه وزير النفط الجديد تحديا لتعزيز إنتاج النفط والغاز في ظل العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة والأمم المتحدة بسبب النزاع على برنامج إيران النووي. ولم يستطع أحمدي نجاد الذي انتخب لولاية رئاسية ثانية مدتها أربعة أعوام في انتخابات 12 يونيو (حزيران) الماضي، الحصول على موافقة على أول ثلاثة اختيارات له لمنصب وزير النفط عام 2005 في فترة رئاسته الأولى بسبب المعارضة البرلمانية.

ويجب أن يوافق البرلمان على المرشحين فردا فردا. وقد يواجه أحمدي نجاد صعوبات من قبل المحافظين الذين يهيمنون على البرلمان فضلا عن الخصوم المعتدلين الذين يعتبرون حكومته غير شرعية بعد انتخابات يونيو (حزيران) المتنازع عليها.

وبعد أن ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الرئيس سلم الليلة الماضية قائمة حكومته المقترحة للبرلمان نقلت وكالة «مهر» للأنباء ووكالة «الطلبة» للأنباء عن بهنر قوله «بعض زملائي وأنا.. نرى أن ما يقرب من خمسة وزراء رشحهم أحمدي نجاد لن يفوزوا بالثقة». وقالت وكالة «فارس» شبه الرسمية للأنباء أن جواد كريمي قدوسي وهو نائب محافظ آخر تكهن بالموافقة على 80 في المائة من الوزراء المرشحين.

ونقلت صحيفة «كيهان» المحافظة عن متحدث باسم البرلمان قوله إن الاقتراع على تشكيلة الحكومة سيبدأ في 30 أغسطس (آب). ومن بين المرشحين منوشهر متقي وزير الخارجية الذي سيحتفظ بمنصبه، وثلاث نساء لوزارات الصحة والرعاية الاجتماعية والتعليم. وستكون هذه هي المرة الأولى التي تصبح فيها نساء وزيرات بالجمهورية الإسلامية. وكانت وسائل إعلام حكومية إيرانية قد ذكرت أن أحمدي نجاد كان مقررا أن يلقي كلمة متلفزة بعد التاسعة مساء أمس حول حكومته الجديدة. ووفقا لقائمة وزراء الحكومة الجديدة فقد اقترح أحمدي نجاد تعيين مصطفى محمد نجار وزير الدفاع الحالي والضابط البارز بالحرس الثوري في منصب وزير الداخلية. وقالت وكالة «الطلبة» للأنباء أن أحمد وحيدي أحد قادة الحرس مرشح لوزارة الدفاع. وسيصبح حيدر مصلحي ممثل خامنئي السابق بالقوات البرية للحرس الثوري وزيرا للمخابرات بعد إقالة سلفه محسني أجئي، أما وزير الاقتصاد شمس الدين حسيني فسيحتفظ بمنصبه.

ووسط الجدل حول حكومة أحمدي نجاد، عنونت صحيفة «مردم سلري» الإصلاحية «حكومة أكثر ضعفا»، فيما وصفتها صحيفة «طهران امروز» المحافظة المعتدلة بأنها «مفاجأة». ومن أصل المرشحين الـ21 للحكومة، احتفظ خمسة وزراء بالحقائب التي يتولونها في الحكومة الحالية. ومن الوزراء الخمسة الذين احتفظوا بحقائبهم، يبرز متقي في الخارجية الذي لن يواجه مشكلة، ومثله شمس الدين حسيني في الاقتصاد، وفق صحيفة «خبر» المحافظة.

في المقابل، يمكن أن يحصل وزير الصناعة والمناجم علي أكبر محرابيان على ثقة ضعيفة، علما أن أحمدي نجاد واجه صعوبة كبيرة في طرحه عام 2007 بسبب صغر سنة وقلة خبرته.

وكان المعسكر المحافظ دعا احمدي نجاد إلى إعطاء الأولوية للكفاءة على حساب الولاء لشخصه. ولكن يبدو أن احمدي نجاد غير مستعد للعمل بنصائح المحافظين.

وفي هذا الإطار، طرح اسم مسعود مير كاظمي لتولي حقيبة النفط رغم أنه لا يتمتع بخبرة كافية في هذا القطاع الاقتصادي الرئيسي، مستندا إلى علاقاته الواسعة مع الحرس الثوري الإيراني. ويتولى مير كاظمي حاليا وزارة التجارة. والأمر نفسه ينطبق على وزارة الطاقة التي رشح لها الرئيس الإيراني محمد علي عبادي الذي يترأس منظمة التربية البدنية. واستبعدت صحيفة «خبر» أن يحوز عبادي ثقة البرلمان.

وأثار الرئيس مفاجأة عبر إعلانه أنه سيرشح ثلاث نساء. وتعرض ترشيح فاطمة اجورلو (43 عاما) لوزارة المساعدة والشؤون الاجتماعية لانتقاد كبير. وتساءل أحمد توكلي أحد الوجوه المحافظة في البرلمان «كيف يمكن إسناد وزارة بهذه الأهمية إلى شخص لا يمت اختصاصه بصلة إليها؟». وتربط المرشحة، وهي ممرضة، علاقات واسعة بميليشيا الباسيج الإسلامية التي تعتبر رأس حربة الدفاع عن أحمدي نجاد. وقد يواجه أحمدي نجاد صعوبة كبيرة أيضا في فرض مرشحيه لوزارتي الاستخبارات والداخلية.

وللحقيبة الأولى، يقترح الرئيس الإيراني حيدر مصلحي مستشاره للشؤون الدينية. لكن حسن صبحانيان العضو النافذ في لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى لاحظ أنه «بحسب القانون فإن وزير الاستخبارات ينبغي أن يكون من المجتهدين (رجل دين قادر على تفسير الشريعة)، لكن اختيار الرئيس لا يفي بهذا الشرط». أما مصطفى محمد نجار الجنرال في الحرس الثوري الإيراني الذي يرشحه الرئيس الإيراني للانتقال من وزارة الدفاع إلى وزارة الداخلية، فكتبت صحيفة «خبر» أنه قد لا ينال ثقة البرلمان. ولا يرحب بعض المحافظين بإضفاء طابع عسكري على وزارة الداخلية، ويبدون قلقهم حيال تنامي نفوذ الحرس الثوري الإيراني داخل السلطة.

إلى ذلك، أمر قاض إيراني بإغلاق صحيفة «كيهان» المحافظة بسبب شكوى تقدم بها أحد مساعدي زعيم المعارضة مير حسين موسوي. وقال المحامي محمود علي زاده طبطبائي لوكالة الأنباء الفرنسية إن «القاضي أمر بإغلاق الصحيفة بعدما تخلف مديرها حسين شريعتمداري عن المثول أمام المحكمة». واتهمت «كيهان» التي يعين مديرها من قبل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، كبير مساعدي موسوي علي رضا بيهشتي بأن له علاقات مع وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه). واستبعد المحامي تطبيق أمر الحظر على الصحيفة.

وقال إن «الأمر الآن في يد المدعي الذي يقرر ما إذا كان سيتم تنفيذ الحظر، ولكنني لا أتوقع أن يفعل مرتضوي ذلك» في إشارة إلى مدعي طهران سعيد مرتضوي. وتعد الصحيفة، الناطق الرسمي باسم المتشددين، من أشد الداعمين للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.

ووصفت الصحيفة زعماء المعارضة بأنهم «خونة» بسبب مزاعمهم حول حدوث عمليات تزوير واسعة في الانتخابات الرئاسية. وكانت السلطات الإيرانية أغلقت في وقت سابق من هذا الأسبوع صحيفة «اعتماد ملي» التابعة لمرشح الرئاسة المهزوم ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي الذي قال إن شبانا وشابات ممن اعتقلوا بعد مشاركتهم في المظاهرات التي أعقبت الانتخابات، تعرضوا للاغتصاب في السجون.