الجنرال يعلون: «سلام الآن» فيروس.. والجيش كان يحبط مبادرات السلام

نتنياهو يتنكر لتصريحات نائبه ويستدعيه.. واليسار يعتبرها الصوت الحقيقي في الحكومة

موشيه يعلون وبنيامين نتنياهو (ا ف ب)
TT

أثار نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية وزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، عاصفة في الحلبة السياسية في إسرائيل والولايات المتحدة بسبب تصريحات أدلى بها في اجتماع للمتمردين داخل حزب الليكود. فقد كشف عن طرق قيام الجيش الإسرائيلي بالتخريب على المبادرات السلمية ووصف السلام بالفيروس. وهاجم الإدارة الأميركية، وحرض دمويا على حركة السلام الإسرائيلية. واضطر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى التنكر لهذه التصريحات والإعلان أنه سيدعو يعلون لمحاسبته، ويفترض أن يكون قد التقاه مساء أمس. لكن معسكر السلام رفض تنكر نتنياهو لهذه التصريحات، وقال إن يعلون في الحقيقة يمثل الوجه الحقيقي لهذه الحكومة.

وكانت هذه الفضيحة قد انفجرت، الليلة قبل الماضية، في نشرة أخبار القناة الثانية (التجارية المستقلة) للتلفزيون، حيث كشف عن خطاب أدلى به يعلون أمام مجموعة من المتمردين في حزب الليكود، بقيادة المدعو موشيه فاغلين. وهي مجموعة من المتطرفين جدا في الحزب، يحاولون «إعادة الليكود من وضعه الحالي كحزب وسط يميني إلى أصله كحزب يميني راديكالي». وقد حذر نتنياهو في حينه قادة الليكود بألا يعين وزيرا أي مسؤول في الليكود يتعاون مع هذه المجموعة. ولكن يعلون يعتبر مقربا جدا من نتنياهو، وهو الذي استدعاه إلى حزب الليكود عشية الانتخابات الأخيرة ليصبح أحد أهم قادته، وعينه نائبا ثانيا لرئيس الحكومة ووزيرا للشؤون الاستراتيجية. وقد وافق على حضور هذا اللقاء لأنه خطط الإدلاء بتصريحات استفزازية ضد عملية السلام وضد الأميركيين.

وكشف يعلون في هذه المحاضرة أنه عندما كان رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي (2003 ـ 2005) كان يحرص على القول لمرؤوسيه في الاجتماعات الضيقة إنه «عندما كان القادة السياسيون في إسرائيل يأتون بحمامة السلام (مقترحات سلمية)، علينا نحن الجنرالات أن ننظف الأرض من أوساخها».

وعندما سئل يعلون عن رأيه في قرار محكمة العدل العليا حول إزالة إحدى البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، بناء على طلب من حركة «سلام الآن» الإسرائيلية وعائلات فلسطينية متضررة من المستوطنة، قال إن هذه الحركة هي «فيروس» في المجتمع الإسرائيلي. وهاجم المحكمة العليا والصحافة الإسرائيلية ورجال الأعمال الإسرائيليين وكل من يمكن وضعه في إطار مجموعة النخبة الإسرائيلية، حسب قوله، باعتبار أنهم يدمرون المجتمع الإسرائيلي ويقوضون وجوده على أرض إسرائيل. وأعرب يعلون عن خشيته من أن يتراجع رئيس الحكومة نتنياهو أمام الضغوط الأميركية لتجميد الاستيطان وإزالة البؤر الاستيطانية، وقال إنه شخصيا لا يخاف من الضغوط الأميركية ويعتقد أن بالإمكان الصمود في وجهها، لولا هذه النخبة «التي ما زالت قوية جدا في إسرائيل ومؤثرة». ودعا إلى تصعيد النشاط من أجل بقاء البؤر الاستيطانية وتطويرها ورفض الضغوط الأميركية لتجميد الاستيطان.

ونجح يعلون في تمرير معظم رسائله العدائية في المجتمع الإسرائيلي، حيث تجاهلوا تصريحاته الخطيرة عن دور الجيش في إجهاض المقترحات السلمية، وتجاهلوا هجومه على رجال الأعمال والمحكمة العليا، وركزوا على تصريحاته ضد الصحافة وضد حركة «سلام الآن». فاعتبروها تحريضا دمويا على هذه الحركة، مما استدعى أن يصدر نتنياهو بيانا وهو يستجم في بحيرة طبرية في عطلته السنوية، وقال إن ما قاله يعلون غير مقبول ولا يمثل سياسة الحكومة، وإنه سيعالج الموضوع في لقاء يجمعهما.

لكن هذا البيان لم يهدئ من العاصفة، وخرجت الصحافة الإسرائيلية تطالب نتنياهو بإقالة يعلون من الحكومة إذا كان صادقا في التنكر لأقواله. وقالت حركة «سلام الآن» إن وزير الشؤون الاستراتيجية يشكل أكبر خطر استراتيجي على دولة إسرائيل، ولذلك فلا مكان له في حكومة طبيعية لدولة سليمة. وقال الأمين العام لحزب «كديما» المعارض، حايم رامون، إن يعلون ليس مجرد يميني متطرف حاد عن الطريق، بل هو الطريق نفسها، فهو الوجه الحقيقي للحكومة، وما يحصل هو أن نتنياهو يحاول تجميل وجه الحكومة بواسطة تصريحات كلامية بلا مضمون، ويعلون يحاول إقناع اليمين المتطرف بأن الحكومة تسير على طريقهم ولا تختلف عنهم في شيء.

وأضاف رامون أن حكومة نتنياهو نجحت حتى الآن في إحداث هزة غير مسبوقة في العلاقات الإسرائيلية الأميركية، ونقلت إسرائيل من مرحلة الأمل في السلام إلى مرحلة العزلة الدولية والخطر بتدهور حربي جديد.