تفجيرات بغداد تدفع حكومة المالكي لطلب مساعدة أميركية لأول مرة منذ الانسحاب من المدن

في إجراء ثان لم تعلن عنه الحكومة أمر رئيس الوزراء بوقف إزالة الجدران الكونكريتية

TT

خلال الأشهر الأخيرة، سعى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى إقناع العراقيين بأن الحرب داخل البلاد تضع أوزارها، وأمر بإزالة الجدران الكونكريتية التي تحمي من الانفجارات داخل بغداد، ومن بينها تلك القريبة من وزارتي الخارجية والمالية. ورفض طلب أي مساعدات كبرى من الجيش الأميركي منذ أن اضطلع الجنود العراقيون بكامل المهام الأمنية داخل المدن في 30 يونيو (حزيران). وبعد ذلك، تمكنت شاحنتان من الوصول إلى وسط بغداد الأربعاء الماضي، ووقع تفجيران ضخمان أدى إلى مقتل نحو 100 شخص وقوضا من زعم المالكي بأن العراق قادر على حماية نفسه دون الحصول على مساعدات أميركية. وعزز التفجيران من الشعور بعدم الرضا عن المالكي، حيث يتهمه البعض بأنه يسعى إلى تلميع صورته السياسية كرجل تمكن من إعادة الأمن إلى العراق على حساب تحقيق الأمن بصورة فعلية.

ويقول قاسم داود، وهو سياسي شيعي مستقل ومستشار سابق للأمن القومي «كانت عملية إزالة الجدران التي تحمي من الانفجارات من الشوارع محض وسيلة دعائية للقول بأن الوضع قد تحسن وأن هذه مجرد أشياء لا قيمة لها».

ومن بين الأسئلة الصعبة التي ظهرت من بين الأنقاض التي تكدست بسبب التفجيرات، هو كيف طلبت حكومة المالكي يوم الأربعاء من الأميركيين تقديم يد العون للمرة الأولى منذ عملية نقل المسؤوليات الأمنية التي تمت في 30 يونيو (حزيران). ويشار إلى أنه طبقا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة، يجب على القوات الأميركية البقاء خارج المدن ما لم يطلب منها رسميا العودة إليها. ويبدو أنه طلب تقديم يد العون بعد مرور أكثر من 3 ساعات على وقوع التفجيرات، عندما كان معظم مَن يموتون قد قضوا بالفعل ومعظم مَن ينزفون دما أوقفوا نزيف الدم. وامتلأت المستشفيات بأكثر من 1000 جريح، ولكن لم يذهب سوى عدد قليل من الضحايا إلى أقرب مستشفى وهو مستشفى ابن سينا الذي يديره الجيش الأميركي في المنطقة الخضراء والتي تقع على بعض 3 دقائق.

ووضع المسؤولون الأميركيون أفضل تفسير لذلك، حيث قال ستيفن لانزا، المتحدث باسم الجيش الأميركي في العراق: «كان للعراقيين السبق يوم أمس وما زالوا هناك حتى اليوم. وكانوا هم أول من استجاب إلى التفجيرات واستعاد الأمن، وبعد ذلك طلبوا مساعدة من القوات الأميركية التي قامت باستكمال الجهود العراقية». ويرى آخرون أن ذلك دليلا على أن المالكي كان مبالغا في الحديث عن استعداد القوات العراقية ومستوى الأمن داخل العراق تمهيدا للانتخابات الوطنية التي ستعقد في يناير (كانون الثاني) ويأمل الفوز بها. ويقول جون ناغل، وهو خبير في مجال محاربة الإرهاب ورئيس مركز الأمن الأميركي الجديد، وهي منظمة بحثية داخل واشنطن: «دفع رئيس الوزراء والمواطنون العراقيون الثمن لأن انتشارهم تجاوز قدرتهم، فالتمرد لم ينته».

ولا شك في أن دعوة الأميركيين للعودة كان شيئا صعبا بالنسبة للمالكي، ولم يذكر أي متحدث باسم الحكومة علنا أن الولايات المتحدة قدمت مساعدة للقوات العراقية حتى مع استمرار القوات الأميركية في تقديم مساعدتها حتى أول من أمس. والتزم العراقيون الصمت إزاء قرار رئيس الوزراء نهاية يوم الأربعاء بتعليق قراره السابق برفع الجدران الكونكريتية التي تحمي من التفجيرات ووسائل التحصين المماثلة من المدينة بحلول منتصف سبتمبر (أيلول). وقال مسؤول حكومي عراقي، شريطة عدم ذكر اسمه لأنه ليس مخولا له مناقشة قضايا أمنية، إن تعليق (القرار السابق) دخل حيز التطبيق فورا. ولم يكن هناك إعلان رسمي، ولكن عملية رفع الجدران التي كانت جارية في منطقة الصالحية داخل بغداد لم تستأنف الخميس.

ويقول الكثير من المسؤولين إن عملية إزالة الجدران ساعدت على دخول شاحنتين بهما قرابة 8 أطنان من المتفجرات لتقتربا من وزارتي المالية والخارجية. وكان يمكن أن يكون الأمر أسوأ من ذلك، ففيما يبدو كان من المخطط القيام بتفجيرين آخرين يوم الأربعاء، فقد تركت شاحنة تقل 2200 رطلا من سماد نترات الأمونيوم بالقرب من وزارة الخارجية. وعلاوة على ذلك، أوقفت الشرطة سيارة محملة بالمتفجرات، وقالت إنها ألقت القبض على متطرفين اثنين.

وبعد التفجيرات، قام الجيش الأميركي بتقديم المساعدة عن طريق توفير استطلاع جوي للعراقيين وفرق طب شرعي وأخرى مسؤولة عن التخلص من المتفجرات، كما ساعد الجيش الأميركي في بناء أطواق أمنية، حسب ما قاله المتحدث باسم القوات الأميركية في بغداد فيليب سميث. وقال العديد من الجنود الأميركيون للصحافيين في مسرح الأحداث، إنهم انتظروا للحصول على تصريح بالمساعدة أكثر من ثلاثة ساعات بعد وقوع التفجيرات. وقال سميث إن المساعدة يوم الخميس كانت «تركز في الأغلب على الفحوصات الشرعية لمواقع التفجير وبقايا السيارات المفخخة نفسها».

* خدمة «نيويورك تايمز»