أزمة دبلوماسية بين تل أبيب واستوكهولم تهدد بإلغاء زيارة وزير الخارجية إلى إسرائيل

ليبرمان يتهم السويد بالسكوت عن النازية لرفضها إدانة تقرير صحافي حول سرقة أعضاء معتقلين فلسطينيين

TT

تفاقمت الأزمة الدبلوماسية بين السويد وإسرائيل، في أعقاب الاتهامات التي وجهها وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، وادعى فيها أن السويد سكتت على جرائم النازية بحق اليهود في أوروبا. وطالب أيضا من الحكومة السويدية اعتذارا مكتوبا. وتوقعت مصادر إسرائيلية أن يلغي وزير الخارجية السويدي، كارل بيلدت، زيارته إلى إسرائيل.

وتعود هذه الأزمة إلى تقرير نشرته صحيفة «افتون بلادت» السويدية، اتهمت فيه إسرائيل باختطاف صبية فلسطينيين وقتلهم في السجون واستئصال أعضاء من أجسادهم لزرعها في أجساد مرضى إسرائيليين.

ونفى الإسرائيليون هذه الاتهامات بشدة، في حينه، واعتبروها افتراءات دموية شبيهة بالافتراءات الدموية ضد اليهود المعروفة بـ«بروتوكولات حكماء صهيون المزيفة». وطلبوا من حكومة السويد اعتذارا رسميا. وسحبوا البطاقة الصحافية الإسرائيلية من الصحافي السويدي الذي تعتمده الصحيفة المذكورة في تل أبيب.

وعقبت السفيرة السويدية في تل أبيب على النشر، بالامتعاض، وقالت إن الحكومة السويدية تتنكر لهذا النشر وتعتقد أنه خطير، لكن وزارة الخارجية رفضت تدخل سفيرتها. وقال الناطق بلسان وزارة الخارجية في السويد، في تصريح صحافي، إن السفيرة السويدية في تل أبيب، إليزابيث بورسين، قالت ما قالته بصفتها الشخصية، وأن الموقف الرسمي للحكومة هو أن التقرير الصحافي لا يستدعي الرد. ولكن إسرائيل أصرت على التنكر لما نشر وإدانته، وطلبت من حكومة السويد، استنكارا رسميا، وهو الأمر الذي رفضته حكومة استوكهولم قائلة إن هذا في نهاية المطاف تقرير صحافي ينشر بحكم حرية الصحافة في السويد، وليس من عادة الحكومة السويدية أن تصدر بيانات تكذيب لما ينشر في الصحافة من أنباء لا تمت للحكومة بصلة.

واشتاط ليبرمان غيظا، من هذا الموقف، وخصوصا أن الصحافي الذي نشر التقرير كان قد دافع عن نشره وقال إن هذه اتهامات يطرحها الفلسطينيون وليس أنا، وبما أنها تتعلق بموضوع خطير فلا يجوز لصحافي أن يسمعها ويخبئها، وواجبه المهني يحتم عليه نشرها والمطالبة بإجراء تحقيق فيها. وعبر ليبرمان عن غيظه بطريقته المعهودة فطالب نظيره السويدي، كارل بيلدت، أن يعتذر باسم حكومته عن هذا النشر. فإذا لم يفعل، يطلب منه تأجيل الزيارة المقررة إلى إسرائيل بعد عشرة أيام. ولم يكتف ليبرمان بهذا، بل اعتبر «سكوت حكومة السويد على هذا التقرير الصحافي شبيها بسكوت الحكومة السويدية على جرائم النازية ضد اليهود في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية، ورفضها استقبال اليهود الهاربين من هناك على أراضيها».

وقد صعق من هذا التصريح السويديون والإسرائيليون أيضا. ففي التاريخ الذي دون في إسرائيل بشكل رسمي تظهر حكومة السويد أنها كانت، في حينه، من أكثر الحكومات الأوروبية دفاعا عن اليهود. وقد استقبلت بالترحاب الآلاف من اليهود الذين هربوا من الدنمارك بسبب الاحتلال النازي، في حينه. لا بل إن وزارة الخارجية في السويد أرسلت في ذلك الوقت الدبلوماسي راؤول فلانبيرغ إلى المجر ساعيا لإنقاذ مئات الآلاف من اليهود فيها. وبسبب نشاطه هذا اعتبره اليهود «صديقا للأمة»، ومنحوه شهادة تقدير على ذلك بعد قيام إسرائيل. وتساءلت أوساط سياسية في إسرائيل، أمس، عن سبب هذا الانفلات من وزير الخارجية، خصوصا في هذا الوقت، الذي ترأس فيه السويد الاتحاد الأوروبي. واعتبرته مغامرة خطيرة بالعلاقات الإسرائيلية الأوروبية، يقوم بها الوزير المفترض أن عمله الأساسي هو توطيد علاقات إسرائيل بالخارج، لا تضخيم المشكلات إلى أزمات.