عبد الله زعيم المعارضة الأفغانية لـ«الشرق الاوسط» : إن لم يحدث تزوير فالنصر حليفي.. ونريد أفغانستان دولة مسلمة عصرية

قال إن «القاعدة» ليست العرب.. وأعلن أن الناتو والجيش الأفغاني أمداه بطائرات للتنقل خلال الحملة

د. عبد الله عبد الله زعيم المعارضة الافغانية الى جانب مراسل «الشرق الاوسط»
TT

في وسط العاصمة الأفغانية كابل، يعج مقر الحملة الانتخابية للدكتور عبد الله عبد الله، مرشح الانتخابات الرئاسية زعيم المعارضة الافغاني، وزير الخارجية الاسبق، بالنشاط بعد ساعات من اغلاق مراكز الاقتراع في الولايات والعاصمة كابل. يقطن عبد الله في فيلا فخمة بحي كارتييه بروان بوسط كابل. وقد توجهنا لمقابلته بوساطة خاصة من الكوماندر حياة مسلم، وهو قيادي قاتل الى جانب احمد شاه مسعود زعيم التحالف الشمال الذي اغتالته القاعدة قبل يومين من هجمات سبتمبر. رحب عبد الله بلقاء «الشرق الاوسط» وقبيل منتصف ليلة امس، قادنا الكوماندر مسلم في شوارع كابل المظلمة الدامسة حيث اوقفتنا الشرطة الافغانية عشرات المرات في الذهاب والاياب تحسبا لوجود عناصر من طالبان داخل السيارة. وداخل فيلا عبد الله، وعلى العشب الاخضر، كان هناك نُدُل يصعدون وينزلون السلالم، في المنزل المكون من طابقين، وهم يحملون أطباق وجبة «بولاو» المتبخرة لوجبة العشاء، الطبق الوطني المكون من الأرز المطبوخ مع قطع من لحم الضأن والجزر والزبيب، وكومة شاهقة من الخبز. كانوا يقدمون الاكل للضيوف واغلبهم من رجال حملته الانتخابية وصحافيين ومؤيدين افغان بشتون وطاجيك جاءوا للمساندة والتأييد. والتقت «الشرق الاوسط» اثنين من مديري حملته الانتخابية يتحدثان العربية بطلاقة، احدهما عبد الله مجددي وهو بشتوني خريج جامعة الكويت، والاخر الشيخ خليل الرحمن حناني خريج جامعة ام القرى بمكة المكرمة وحاصل على الدكتوراه في رسالة عن المرأة الافغانية من جامعة الخرطوم.

كان اغلب الحضور من رجال عبد الله منشغلين بتلقي الاخباريات والتقارير بالجوال عبر مراقبين لهم في مراكز العد الانتخابية، تشير الى تقدم عبد الله في ولايات الشمال بنسب عالية. همس احد معاونيه ان زعيم المعارضة حتى قبيل منتصف ليلة اول من امس متقدم بنسبة 65 في المائة في عموم الولايات الافغانية. ويصف مسلم خان، حارس الفندق الطاجيكي، وهو من بلدة بانشير، عندما عرف اننا في طريقنا للقاء الدكتور عبد الله، بأنه أفضل المجاهدين. وفي حين أن والد عبد الله من البشتون من قندهار، فإن الطبيب في كثير من الأحيان يرتبط بإقليم بانشير بسبب علاقته الوثيقة مع مجاهدي بانشير والقائد الراحل أحمد شاه مسعود، الذي ساعد فى هزيمة السوفيات. ويُعد مسعود حجر الزاوية في حملة انتخابات عبد الله. ففي شوارع كابل تجد ظلال صورته على العديد من الملصقات الانتخابية لعبد الله, وقد زار عبد الله قبر مسعود على تل بانشير قبل البدء في المسيرات الانتخابية.

وقد انطلقت حملة عبد الله تحت عنوان «ربما أفوز» مايو (أيار) الماضي، للحصول على شعبية مرتفعة من خلال انتشار الحملة الانتخابية في الإعلانات التلفزيونية والإذاعية والتجمعات الانتخابية. ومن اقواله المأثورة للافغان «أعطوني القوة حتى أستطيع إرجاع السلطة إليكم». وقد تبنى عبد الله - طبيب عيون ووزير الخارجية السابق لكرزاي- دعوة تعليم الشعب الأفغاني؛ حيث تبلغ نسبة المتعلمين 32% فقط (15% بالنسبة للمرأة). ويتميز عبد الله بقصر خطاباته وبساطة شعاراته وردوده على ممثلي الاعلام بأجوبة اشبه بالتيكرز لقصرها وجدواها، وحرصه على أن يوافق خطابه الإقليم الموجه إليه.

دخلنا الى مسكن المسؤول الافغاني الذي ربما يصبح رئيسا للجمهورية، بدون تفتيش ملابسنا أو كاميرا التصوير، وهي باتت عادة ضرورية عند الدخول الى بوابة اي مسؤول افغاني صغر او كبر. قلت للكوماندر مسلم بابتسامة: «لم يفتشونني». فرد بعفوية: «يكفي اسماء من اوصوا بك الينا». وصل عبد الله مباشرة الى الحديقة، وبابتسامة رقيقة قال: «اهلا بـ«الشرق الاوسط» في منزلنا. ويبدو ان شاء الله قدومكم خير علينا». كان مرتاحا للغاية ومنشرحا، ويحيي معاونيه وضيوفه بتلقائية رغم يوم الانتخابات الصعب. قال احد معاونيه ان عبد الله لم يذق طعم النوم منذ ايام باستثناء ساعات قليلة جدا. وفي حديقة ابرز منافس لكرزاي، والرئيس المقبل المحتمل لافغانستان، أجرينا مع عبد الله الحوار الاتي:

* ما رسالتك للافغان من خلال جولاتك الانتخابية في عموم الولايات التي زرتها؟

- نريد ان ننقذ بلدنا من المخاطر والمهالك بالعمل مع الجميع من اجل إيجاد حلول للمشاكل المتراكمة منذ سنوات. لقد عانينا من الحروب لمدة 30 عاما، ونريد أن نبني دولة جديدة تقوم على العدالة والمساواة بين جميع الناس. نريد ان رسخ الامن في نفوس الافغان، ولا ينقصنا سوى الاحساس بالامن والامان.

* الى أي مدى أنتم متفائلون بالفوز؟

- اذا لم يحصل تزوير، النصر حليفي انشاء الله.

* اغتيال القاعدة لاحمد شاه مسعود زعيم التحالف الشمالي صديقكم ورمزكم الاعلى قبل يومين من هجمات سبتمبر، هل ترك في نفسكم شيئا من المرارة ضد العرب؟ - ليس على الاطلاق. ولكن المرارة ضد هؤلاء المخربين اصحاب العقول المدمرة الذين يكرهون الخير للبشرية، فهم قتلوا رجلا مسلما تقيا يعرف ربه. كنت اعرفه عن قرب وزاملته في سنوات الجهاد ضد الروس، وكان يتقي الله حق تقاته، وكان مخلصا لدينه ووطنه. القاعدة ليست العرب، وقلوبنا وايادينا مفتوحة للعرب. وهؤلاء المخربون يقتلون الابرياء كل يوم هنا في كابل وفي الجنوب الافغاني بدون ذنب او جريرة.

* ما هي رسالتك الى الدول العربية؟

- العالم العربي جزء مهم من العالم الاسلامي لا يمكن ان نستغني عنه اونعيش بدونه. كانت اللغة العربية اول شيء تعلمته من والدي في سنوات الطفولة، ولانها لغة القران الكريم فهي محفورة في قلوب الافغان. ولدي اصدقاء في كل مكان من العالم العربي، من ساسة الى مثقفين الى رجال اعمال اعرفهم من زمن طويل، ولكن افغانستان المسلمة هذه المنطقة من العالم في حاجة الى استثماراتكم، لان هذا البلد في حاجة الى الكثير والكثير لرفع المعاناة عن الشعب الافغاني.

* ما تكاليف حملتك الانتخابية، ومن تكفل بها مثل طائرات الهليكوبتر التي اقلتكم الى الولايات المختلفة، والامن المرافق لكم ومواكب السيارات التي اقلتكم الى انحاء العاصمة كابل؟

- قوات الناتو والجيش الافغاني امدتنا بطائرات هليكوبتر عدة مرات، وكان العرض منهم. ومرة كنت متوجها الى جارديز ولم تتوفر طائرة هليكوبتر فذهبنا بالسيارات، وقطعت بالسيارات الاف الكيلومترات لابلغ رسالتي الى عموم الشعب الافغاني. وهناك تبرعات من اصدقائي الذين يؤيدون حملتي الانتخابية. فمثلا اسطول السيارات خارج منزلي هو هدية من احد رجال الاعمال حتى تنتهي الحملة الانتخابية، وهناك تبرعات اخرى.

* ما تعليقك على تحالف كرزاي مع امراء الحرب قبل ايام من الانتخابات مثل مارشال قاسم فهيم وعبد الرشيد دوستم الذي جاء من منفاه الاختياري في تركيا وكريم خليلي نائبه الثاني؟

- يمكنني وصفها بانها نوع من الصفقات قصيرة المدى، ليس بها رؤية من اجل صالح البلد.

* ما حلمك اليوم بعد التصويت في ثاني انتخابات رئاسية؟

- نريد ان يعود الامن والامان الى افغانستان الجمهورية المسلمة، ولكن ليس على طراز امارة طالبان الاسلامية بل كدولة مسلمة عصرية، يعرف مواطنوها حقوقهم الديمقراطية وما عليهم من حقوق وواجبات، يؤمنون بحقوق المواطنة والسلام مع الدول المجاورة.

* هل تؤمن بجدوى المفاوضات مع طالبان من اجل التسريع في عملية السلام؟

- المصالحة تقوم على التفاهم والتفاوض بين طرفين، وطالبان لم تظهر حتى الان اي خطوات ملموسة بهذا الاتجاه.

* هل تحظى بدعم الجهاديين من قدامى المقاتلين الافغان؟

- احظى بدعم اغلبهم من جماعة البروفسور برهاني الدين ربانيظن اول رئيس لحكومة المجاهدين، ورئيس «جبهة مللي متحدة» وكذلك دعم الشيخ يونس قانوني رئيس البرلمان الحالي، اما الشيخ سياف فهو يدعم الرئيس كرزاي.

* ما اولوياتك اذا ما صرت رئيس الجمهورية الافغانية؟

- هناك اولويات سآخذها في الاعتبار، اولها الفريق الحكومي الذي سأعمل معه اي مجموعة الوزراء الذين سنعمل معهم من اجل رحلة التغيير الى الافضل والاحسن لصالح هذا البلد، ومحاربة الفساد سيكون على قائمة اولوياتي، وارساء الامن والامان في عموم افغانستان.