المقرحي: سأكشف وثائق وأدلة لبراءتي.. وأترك الحكم للشعبين الإنجليزي والاسكوتلندي

قال للرئيس الأميركي: لا تقلق يا سيد أوباما إنها مجرد ثلاثة أشهر قبل أن أموت

سيف الاسلام يمسك بيد المقرحي في منزله بطرابلس أمس(أ.ف.ب)
TT

تعهد الليبي عبد الباسط المقرحي، المدان بالتخطيط لتفجير لوكيربي أمس بتقديم أدلة جديدة تؤكد عدم تورطه في الهجوم الذي أسفر عن مقتل 270 شخصا.

وانتقد المقرحي في لقاء مع صحيفة «تايمز» البريطانية في عددها الصادر أمس، الضجة الدولية التي أثيرت حول إطلاق سراحه وإنهاء الحكم الصادر بحقه بالسجن مدى الحياة في أسكوتلندا لأسباب إنسانية بعد التأكد من أنه يعاني من مرض السرطان وفي حالة متأخرة.

وأضاف المقرحي من دون الإدلاء بتفصيلات: «رسالتي إلى المجتمعين البريطاني والأسكوتلندي هي أنني سأقدم الدليل علي براءتي وسأطلب منهما أن يكونا هيئة المحلفين للحكم».

وأكد المقرحي أنه إذا كانت هناك عدالة في بريطانيا فإنه سيحصل على البراءة أو سيتم إلغاء الحكم لأنه كان هناك سوء تطبيق للعدالة.

وقال المقرحي إن أوباما يعرف أنه شخص مريض جدا ويعرف نوع المرض الذي يعاني منه.

وأضاف أن المكان الوحيد الذي يمكنه الذهاب إليه هو المستشفى لتلقي العلاج وانتظار الموت، مؤكدا أنه ليس مهتما بالذهاب إلى أي مكان آخر. وقال: «لا تقلق يا سيد أوباما، إنها مجرد ثلاثة أشهر قبل أن أموت». وأعرب عن تفهمه لغضب كثير من أقارب الضحايا بسبب الإفراج عنه.

وأشار إلى أنهم يشعرون بالكراهية نحوه ولذلك فمن الطبيعي أن تأتي تصرفاتهم على هذا النحو، لكنه أضاف أن آخرين بعثوا له برسائل في السجن أكدوا فيها أنهم غفروا له بغض النظر عما إذا كان مذنبا أو بريئا.

وشدد على أنهم يعتقدون أنه مذنب ولكنه في الحقيقة ليس كذلك وستظهر هذه الحقيقة في يوم من الأيام لأن «الحقيقة لا تموت»، معربا عن سعادته بالعودة إلى وطنه. وأضاف أنه عندما أبلغه الأطباء أن ليس أمامه سوى بضعة أشهر فقط قبل أن يموت: «كان أملي وأمنيتي.. أن أعود إلى عائلتي قبل أن توافني المنية».

وفي طرابلس، استقبل الزعيم الليبي معمر القذافي مساء أول من أمس المقرحي، وحيا «شجاعة» الحكومة الأسكوتلندية التي أفرجت عنه الخميس لدواع إنسانية، وذلك وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الليبية الرسمية. وأوردت الوكالة الليبية أن «الزعيم الليبي معمر القذافي استقبل عبد الباسط علي المقرحي وأسرته وحشدا كبيرا من أقاربه».

وقال القذافي كما نقلت عنه الوكالة: «في هذه الساعة أريد أن أبعث برسالة إلى أصدقائنا في أسكوتلندا: الحزب القومي الأسكوتلندي ورئيس وزراء أسكوتلندا ووزير الخارجية، وأهنئهم على شجاعتهم وعلى أنهم برهنوا على استقلال قرارهم رغم الضغوط غير المقبولة وغير المنطقية التي عارضتهم».

وتطرق الزعيم الليبي إلى قضية الممرضات البلغاريات اللاتي حكم عليهن بالإعدام في ليبيا ثم خفف هذا الحكم إلى السجن المؤبد، وقال: «قامت ليبيا بتحمل المسؤولية وبدلت عقوبة الإعدام على الطاقم الطبي البلغاري إلى السجن المؤبد، وتحملت المسؤولية استجابة لطلب صديقي الرئيس (الفرنسي نيكولا) ساركوزي».

وتدارك: «ولكن صدم العالم وفوجئ بأن الطاقم المدان بهذه الجريمة البشعة يتم العفو عنه قبل أن ينزل إلى المطار في بلغاريا، ويأتي رئيس بلغاريا على رأس مستقبليه ويستقبلونهم استقبال الأبطال لأنهم قتلوا 400 طفل بريء».

وتساءل القذافي: «لماذا لم نسمع هذه الاحتجاجات على تبرئة هذا الطاقم المدان؟ ولماذا لم يتم الكلام على أن هذا يجرح مشاعر أسر الضحايا الليبيين؟».

واستنكر الزعيم الليبي أن «تتعالى الأصوات غير المنطقية لخروج المقرحي من السجن، وتقول إن هذا يجرح مشاعر أسر ضحايا لوكربي.. هل نحن ليس لدينا مشاعر وهم عندهم مشاعر؟ هذه سياسة الكيل بمكيالين، وهذا هو التطاول والاستكبار والاستخفاف بالأمم الأخرى وبمشاعرها». وأكد القذافي أن «هذا هو الذي ولد الغبن وولد الإرهاب الذي يعانون منه الآن».

من جهتها شبهت الصحافة الليبية أمس عودة المقرحي بـ«عودة الأبطال المنتصرين إلى أرض الوطن» مؤكدة أنه «مدان ظلما بجريمة لم يرتكبها».

وكتبت صحيفة «اويا» تحت عنوان «عودة ميمونة» أن المقرحي «عاد عودة الأبطال المنتصرين إلى أرض الوطن بعد غياب دام ثماني سنوات ليضيف انتصارا جديدا إلى الدبلوماسية الليبية التي لم تهدأ ولو للحظة واحدة عن المطالبة بإطلاق سراحه».

وكتبت صحيفة «الشمس» تحت عنوان «عاد عبد الباسط، اعتذرت سويسرا، رمضان يقبل بالانتصارات» أن «الرهينة المحرر المقرحي غادر سجن غلاسكو الأسكوتلندي عائدا إلى وطنه وأهله بعد رحلة عذاب استمرت نحو عشرين عاما قضى نصفها متهما ونصفها الآخر مدانا ظلما بجريمة لم يرتكبها».

كما اعتبرت الصحافة البريطانية أن أيا من لندن وطرابلس وأدنبره لم تكن رابحة من إطلاق سراح عبد الباسط المقرحي الذي قررته أسكوتلندا الخميس، مشيرة إلى أنه بات من الصعب الآن معرفة الحقيقة بشأن اعتداء لوكربي الذي أدين من أجله المقرحي.

وبحسب صحيفة «ذي إندبندنت»، تفاجأت الحكومة البريطانية برد الفعل السلبي الذي صدر عن الإدارة الأميركية بعد إطلاق سراح المقرحي، لأسباب صحية، إذ إنه يعاني من سرطان البروستات في مرحلة متقدمة. وورد في الصحيفة أيضا: «وحدهم السذج يصدقون أن هذا القرار لم ينبع عن مصالح سياسية وعن درجة من المشاورات وحتى التواطؤ بين أدنبره ولندن».

«يجب أن يكون المرء ساذجا لكي لا يستشم رائحة الصفقة وراء ذلك»، بحسب «ذي إندبندنت» أيضا. أما صحيفة «فايننشيال تايمز» فاعتبرت أن القصة لن تنتهي بإطلاق سراح المقرحي. واعتبرت الصحيفة أيضا أن لندن وجدت في إطلاق سراح المقرحي «وسيلة مناسبة للانسحاب من هذه القضية» وإلقائها على عاتق أسكوتلندا وحدها. وأضافت الصحيفة: «أصبحت أسر ضحايا لوكربي متروكة لشأنها. ما زال يتوجب التحقيق لمعرفة كل ما جرى في الماضي» مضيفة أن «التساؤلات عن هذه (الكارثة) المريعة لم تتضح بعد كليا».

من جهة أخرى، اعتبرت صحيفة «دايلي ميل» أن ليبيا أهانت بريطانيا قائلة: «كان أسهل جدا تسهيل عودة المقرحي إلى ليبيا من مواجهة حقائق مزعجة، كاحتمال أن يكون المقرحي بريئا». وورد في الصحيفة نفسها: «كان هذا أسبوعا مخزيا لقادتنا في جهتي الحدود». ووصفت صحيفة «الصن» استقبال المقرحي بحفاوة كبيرة في طرابلس بأنه «مشهد منفر.. ومشين ولكن لا مفر منه».

من جهتها، أكدت ليبيا أن ملف المقرحي، كان في صلب العقود التجارية التي تم توقيعها مع بريطانيا، وهو ما نفته لندن بشدة.

وقال سيف الإسلام في مقابلة بثت مساء الجمعة على قناة «المتوسط» إن ملف المقرحي «كان دائما على طاولة كل المفاوضات السرية والعلنية مع بريطانيا وتم استغلاله في كل الصفقات التجارية».

لكن وزارة الخارجية البريطانية سارعت إلى نفي هذه التصريحات. وأكد المتحدث باسم رئيس الحكومة البريطانية غوردن براون لوكالة الصحافة الفرنسية «عدم وجود صفقة».

وأضاف: «ليس هناك أي اتفاق، وكل القرارات المرتبطة بقضية المقرحي اتخذها وزراء أسكوتلنديون ومكتب التاج الملكي في أسكوتلندا والسلطات القضائية الأسكوتلندية». واستطرد: «لم يجر إبرام أي اتفاق بين الحكومة البريطانية وليبيا فيما يتعلق بالمقرحي وأي مصالح تجارية». ولكن أحزاب المعارضة البريطانية قالت إن على رئيس الوزراء غوردن براون الإجابة عن «أسئلة مهمة» حول قرار الإفراج عن المقرحي.

ودعا ديفيد كاميرون، زعيم حزب المحافظين المعارض، براون إلى الخروج عن صمته وتوضيح ما إذا كان يعتقد أن الإفراج عن المقرحي كان قرارا «خاطئا أم صائبا».

لكن سيف الإسلام القذافي أكد أن الإفراج عن المقرحي كان حاضرا أيضا «على طاولة المفاوضات مع كل زيارة لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير» الذي وقف عام 2007 وراء توقيع اتفاق للتنقيب عن الغاز في ليبيا.

من جهته، أكد يوسف صوان المدير التنفيذي لـ«مؤسسة القذافي للتنمية» التي يترأسها سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي أن قرار الإفراج عن المقرحي كان قرارا مستقلا اتخذته السلطات المختصة في أسكوتلندا.

وقال صوان إن «قرار الإفراج عن عبد الباسط المقرحي كان قرار مستقلا اتخذته السلطات الأسكوتلندية بكل موضوعية وفي الحدود التي يوفرها نظام العدالة والقانون الأسكوتلندي». وأكد أن «الإفراج عن المقرحي وفقا لذلك تم تقديرا للظروف الإنسانية وإعمالا لمبادئ وقواعد الرأفة والرحمة وللاعتبارات الإنسانية وحدها فقط ومن دون غيرها». وأضاف صوان: «أما ما قاله السيد سيف الإسلام القذافي حول ظروف وملابسات الإفراج عن المقرحي فلم يكن إلا في سياق حديثه عن التطورات المختلفة التي مرت بها قضية لوكيربي وما اتصل منها بالمقرحي شخصيا».