مسؤول أمني لـ«الشرق الأوسط» : انتحاري أُطلق سراحه من بوكا نفذ الهجوم على وزارة الخارجية

المالكي يلقي باللوم على «الاختلاف السياسي» في تفجيرات بغداد.. ومسؤول أميركي يحذر من عنف طائفي

عراقية تلتقط صورة بهاتفها الجوال، أمس، للدمار الذي خلفه انفجار شاحنة ملغومة استهدفت مبنى وزارة الخارجية ببغداد الاسبوع الماضي (أ.ف.ب) وفي الاطار متهم عرضت الحكومة العراقية اعترافاته قال بانه العقل المدبر للتفجيرات (أ.ب)
TT

فيما عرضت الحكومة العراقية تسجيلا مصورا لقيادي كبير في تنظيمات حزب البعث المنحل، اعترف خلاله بأنه العقل المدبر للتفجيرات الدامية التي طالت بغداد الأربعاء الماضي، وأنه تلقى دعما من «البعث» جناح يونس الأحمد في سورية، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إن «الاختلاف السياسي كان سببا في الأعمال الإرهابية الأخيرة».

وعرض الفيلم المصور خلال مؤتمر صحافي للمتحدث الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا الموسوي، الذي أكد أن الجهات التحقيقية توصلت لحل تفاصيل القضية وتوصلت إلى الجناة الحقيقيين، مضيفا «سنعرض لاحقا اعترافات الخلية المسؤولة عن الحادث الإرهابي». وأكد أن «هذا جزء من الاعترافات التي تعود لقائد كبير في البعث المنحل».

وأظهر شريط الفيديو المتهم وهو يدلي أمام الادعاء العام ومحاميه الخاص باعترافاته، وبين أن اسمه وسام على كاظم إبراهيم من أهالي بلدة المقدادية في محافظة ديالى، وأنه خريج كلية الشرطة عام 73 وعمل في سلك الشرطة في مدينة المقدادية حتى عام 95 بعدها عمل في المحاماة حتى عام 2002.

وأضاف المتهم «انتميت للبعث عام 73 ورددت العضوية عام 82 ورفعت عضو فرقة في التسعينات، في مدينة كفري وكنت مدير شرطتها، وبعد السقوط امتهنت المحاماة وانتقلت للعمل في بغداد، وقبل أشهر اتصل بي قائد بعثي كبير للقيام بعمل لزعزعة النظام، وهو يتبع لقيادة عزة الدوري ولكن خلافا بيننا جعلني أنتقل لسورية والتقيت بتنظيم يونس الأحمد، وبقيت 7 أشهر في سورية». وقال إن «لدي علاقات واسعة بقيادات في المقدادية وقبل شهر اتصل بي سطام فرحان من سورية وهو قائد بعثي في سورية للقيام بعملية والتهيئة لها ماديا ومعنويا».

وأضاف «اتصلت بشخص أمني عراقي وأعطيته 10 آلاف دولار لرشوة نقاط التفتيش وإدخال المركبة من ديالى لبغداد، وفعلا تم الأمر عبر ضابط لديه علاقة مع ضباط نقاط التفتيش، وفعلا دخلت المركبة لبغداد وصعدت الطريق السريع وصولا لوزارة المالية وقامت بالتفجير هناك».

وكانت بغداد قد شهدت سلسلة انفجارات دامية الأربعاء الماضي أسفرت عن مقتل 90 شخصا وإصابة المئات، واستهدف أحدها مبنى وزارة الخارجية الذي يقع عند أحد مداخل المنطقة الخضراء المحصنة وسط العاصمة.

ومن جانبها أكدت وزارة الداخلية التوصل إلى معلومات وصفتها بـ«الخطيرة» عن العمليات الإرهابية التي وقعت الأربعاء الماضي. وأشار اللواء الركن عبد الكريم خلف، قائد العمليات والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، إلى أن مجلس الوزراء كلف وزارة الداخلية بالتحقيق في أسباب التفجيرات قرب مؤسسات حكومية مهمة. وقال اللواء خلف لـ«الشرق الأوسط» إن «انتحاريا كان قد أُلقي القبض عليه سابقا وأودع في سجن بوكا ثم أطلق سراحه لاحقا هو من قاد الشاحنة وفجرها قرب المؤسسات الحكومية قرب المنطقة الخضراء»، مضيفا أن «التحقيقات جارية وأن هناك معلومات خطيرة سيكشف عنها لاحقا لا يمكن الكشف عنها الآن لأسباب أمنية».

وتبادلت وزارتا الداخلية والدفاع وعمليات بغداد الاتهامات بشأن المسؤولية عن هذه التفجيرات، فيما أعلنت الأخيرة عن إلقاء القبض على عدد من المشتبه فيهم فيها. واتهمت جهات حكومية وأخرى برلمانية حزب البعث بالتحريض على التفجيرات فيما اتهمت كتل سياسية دولا إقليمية بالعمل على زعزعة أمن العراق.

وحول الاتهامات المتبادلة بين الداخلية والدفاع وعمليات بغداد، أكد اللواء خلف أن عمليات بغداد تم تأسيسها بداية عام 2007 من وزارتي الداخلية والدفاع باسم «قيادة عمليات بغداد»، مضيفا أنه «لا يمكن أن يتهم أحدنا الآخر لأننا جميعا نعمل لحماية أمن العراق»، وقال إن «خيوط القاعدة بدت واضحة المعالم على العملية وإن التحقيقات سوف يعلن عنها فور الانتهاء منها».

وعلى صعيد متصل، أكد المالكي أن «التمحور والاختلاف السياسي كانا سببا في الأعمال الإرهابية الأخيرة، وإن استغلال بعض السياسيين لهذه الاعتداءات يشكل إضعافا للمصلحة الوطنية العليا للبلاد».

وقال المالكي خلال كلمته التي ألقاها في أثناء لقائه بعدد من وزراء حكومته وأعضاء مجلس النواب وعلماء الدين والوجهاء وشيوخ العشائر أمس إن «الطبيعي هو أن نختلف في الرؤى السياسية، لكننا يجب أن لا نختلف في الثوابت والمبادئ الأساسية التي هي وحدة العراق ورفض الإرهاب والطائفية وقتل الأبرياء والحوار على أساس الدستور». وأكد المالكي أن «الأحداث الأخيرة كشفت عن حجم التحديات والمسؤولية التي تواجهنا وهو ليس بالأمر الطارئ بالنسبة إلينا لأننا نعرف ماذا يدور خلف الكواليس».

وأضاف المالكي أن «العراقيين بقوتهم وتلاحمهم المعروف سيُسقِطون هذه المؤامرات التي لا تريد استقرار العراق، خصوصا ونحن مقبلون على الانتخابات البرلمانية التي ستكون بمثابة الحلقة الأخيرة لعملية استكمال بناء الدولة لأن شعبنا فهم وأدرك ورفض الطائفية والعنصرية واتجه نحو الوحدة الوطنية من خلال التجارب، وسيكون عليه في الانتخابات المقبلة أن يختار الأشخاص المناسبين الذين هم الأساس لبناء دولة القانون والمؤسسات».

وأكد المالكي: «إننا نسعى للوصول إلى مشروع وطني قائم على ثوابت نعتمدها ولا نفترق عنها، والجميع اليوم يريد المشاركة في عملية البناء التي تبدأ من البرلمان باعتباره المحرك الأساسي لعجلة الدولة الذي يجب أن لا يُشطر على أساس المتبنَّيات الخاصة، وإذا كانت الائتلافات السابقة مبنية على أسس طائفية وقومية فقد انتهى أمدها، والجميع ينادي اليوم بالمشروع الوطني بعيدا عن الاعتبارات الأخرى»، وأضاف أن «هناك خطوات حقيقية يجب أن نتبعها في المشروع الوطني منها أن الشعارات يجب أن تكون مطبَّقة في عملية البناء وأن يكون منهجنا في الانتخابات المقبلة هو الابتعاد عن البرامج الطائفية والمذهبية، وهذا ما يريده الشعب، وهو قمة ما حققناه من نجاحات».

إلى ذلك، عبر الأميرال مايك مولن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة أمس عن «قلقه البالغ» إزاء التفجيرات التي هزت بغداد. ونقلت وكالة «رويترز» عنه خلال مقابلة أجرتها شبكة «سي إن إن» الإخبارية أنه يشعر «بقلق بالغ إزاء أحداث الأسبوع الماضي. وأعتقد أن هذا الشعور يتملك الجميع»، وأضاف: «المسألة هي ما إذا كان هذا مؤشرا على عنف طائفي في المستقبل».

ورغم أن الجيش الأميركي يميل في العادة إلى إلقاء اللوم على تنظيم القاعدة في الهجمات الكبيرة، فإنه بحسب قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال راي أوديرنو «في داخل المدن هناك دون شك (هجمات) يتم تحريكها سياسيا»، وأضاف أوديرنو في تصريحات قبل يومين فقط من التفجير الذي استهدف وزارة الخارجية، بأن هناك أحزابا تشكّل تحالفات تحاول أن تحظى بالتأثير أكثر من الأحزاب الأخرى، وعبر عن اعتقاده بأنه ربما ستكون هناك محاولات للتأثير على بعض التحالفات.

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية فإن هذا الاعتقاد رائج بين العراقيين، الذين يتذكرون جيدا أن معظم الأحزاب في البرلمان والحكومة لعبت دورا في أعمال العنف الطائفي.

وبحسب الصحيفة فإن الهجمات تزامنت مع الضغوطات التي يتعرض لها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للانضمام إلى الائتلاف العراقي الموحد الجديد الذي يسعى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، بزعامة عبد العزيز الحكيم، إلى إحيائه. كما يسعى تنظيم الحكيم، المدعوم من إيران، إلى إعادة التيار الصدري، بزعامة رجل الدين المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر، إلى حضن الائتلاف الجديد.

وكان المالكي، زعيم حزب الدعوة الإسلامية، قد سعى إلى خوض الانتخابات بائتلاف منفصل يضم أيضا أحزابا سنّية، ويعتبر الخاسر الأكبر من التفجيرات التي هزت سمعته كرئيس وزراء أعاد الأمان إلى بلاده.