التعقيدات تتزايد وسط توقعات نيابية بأن يطول مسار تشكيل الحكومة اللبنانية

البطريرك الماروني يعرب عن قلقه من عرقلة قيامها

TT

أبدى البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير خلال إلقائه عظة الأحد، أمس، قلقه «من الوضع الحالي الذي بات يحمل على القلق»، ورأى أن «لا سبيل إلى الخروج منه إلا بتشكيل حكومة تتولى شؤون البلد وتتحمل مسؤولياتها»، معتبرا «كل من يعرقل ذلك مسؤولا أمام الله والناس والتاريخ».

في المقابل، فإن كل المواقف الصادرة عن فريقي الأكثرية والأقلية في لبنان توحي أن تعقيدات الأزمة الحكومية ازدادت بسبب الخلافات الداخلية التي باتت مرآةً للتناقضات الخارجية، وتؤكد أن مسار تأليف الحكومة سيطول، فقد اعتبر عضو «اللقاء الديمقراطي» الذي يترأسه النائب وليد جنبلاط النائب أنطوان سعد أن «العراقيل التي توضع في وجه الرئيس المكلف (سعد الحريري) توحي أن الأزمة مستمرة ولا نية عند بعض القوى بشكل مباشر أو بالواسطة لإنجاز مسألة التأليف. وهناك توزيع أدوار للعرقلة، وإن كان الواجهة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الذي يضع اشتراطات تعجيزية وغير منطقية، إنما هدفها تأخير تشكيل الحكومة لأن لا نية عند الرئيس المكلف ولا عند الأكثرية النيابية لتلبية هذه الاشتراطات». ورأى أن «هدف العرقلة هو إضعاف موقع وموقف رئيس الجمهورية ومحاولة خطف هذا الموقع الذي استعيد بعد مؤتمر الدوحة».

وانتقد «انتقال عون من مسألة توزير صهره الخاسر في الانتخابات النيابية إلى المطالبة بوزارة الداخلية التي هي من حصة رئيس الجمهورية»، معتبرا أن «المسألة ليست فقط من باب تسجيل النقاط على الرئيس المكلف أو على رئيس الجمهورية، إنما هي محكومة بأجندة داخلية وخارجية على حد سواء، وهي ترتبط بالبعدين الإقليمي والدولي وبخريطة العلاقات الخارجية التي تشهد حراكا متأرجحا ولعب أوراق غير واضحة في هذه المرحلة لأن كل طرف يعيد ترتيب أوراقه وأولوياته وينتظر المشهد الدولي».

وأكد سعد تأييد «اللقاء الديمقراطي» للرئيس المكلف سعد الحريري «لإنجاز تشكيل حكومة وحدة وطنية على قاعدة 15 ـ 10 ـ 5، وأن وزراء اللقاء هم من ضمن حصة الأكثرية».ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب زياد القادري «أن المسؤولية الوطنية باتت تفرض على جميع الأفرقاء السياسيين تعبيد الطريق أمام قيام حكومة ائتلاف وطني، عبر الارتقاء إلى مستوى التحدي، والترفّع عن المطالب والشروط الشخصية، والتنازل لمصلحة الوطن والمواطن». وشدد على أن «الرئيس المكلف سعد الحريري لن يتراجع، وهو متمسك بصلاحياته الدستورية في التأليف، ومصر على المضي قدما في سياسة اليد الممدودة. والأجدر بالفريق الآخر أن يلاقي الرئيس المكلف في منتصف الطريق، من أجل تأليف حكومة منسجمة قادرة على الإنجاز والعمل ومواجهة التحديات».

وأكد أن «الرئيس الحريري لا يؤلف حكومة لنفسه، بل يؤلف حكومة لكل لبنان، ما يرتب على جميع الأفرقاء مسؤولية التعاون معه لتسهيل قيام حكومة ائتلاف وطني، بدل التشاطر والإصرار على شروط من شأنها عرقلة ولادة الحكومة. ورفض «تحامل البعض على الدور السعودي في لبنان، واتهام المملكة العربية السعودية بتعطيل تشكيل الحكومة»، مشيرا إلى «أن الشجرة المثمرة يتم رشقها دائما»، ومؤكدا «أن الدور السعودي بناء وإيجابي، ولم يكن يوما ضد مصلحة لبنان، لأن المملكة من أشد الحريصين على استقرار لبنان ونهضته، وتعمل دائما من أجل التوافق والتفاهمِ والوحدة بين اللبنانيين دون تمييز أو استثناء».

ودعا عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش المعارضة إلى «تلقف بيان الرئيس المكلف سعد الحريري الذي أصدره بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك والذي تميز بالانفتاح والإيجابية والذي دعا فيه الأفرقاء جميعا إلى التحلي بالهدوء والصبر والبعد عن الخطاب السياسي المتشنج والعودة إلى الهدوء والعمل على تشكيل الحكومة». وأشار إلى أن «المراهنة على اعتذار الرئيس المكلف أو تراجعه عن تشكيل الحكومة هو أمر غير وارد إطلاقا لأنه (الحريري) كلف بناء على إجماع نيابي وهو الآتي بعد انتخابات نيابية فاز فيها بأكثرية نيابية فضلا عن ثقة شعبية عارمة بشخصه وخطه السياسي».

ودعا عضو كتلة «المستقبل» النائب نضال طعمة إلى التعاون مع الرئيس المكلف لتجاوز كل العوائق الداخلية والخارجية التي تقف في وجه تأليف الحكومة العتيدة. وقال: «ها هو الرئيس المكلف سعد الحريري لا يزال على اعتصامه بحبائل الصبر والحكمة مدركا للمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقه، يدعو لأن يكون شهر الصوم والسماح فرصة للتعالي فوق الجراح ورفض الانجرار إلى السجالات العقيمة. وبحسه الواعي يتابع الظروف الإقليمية بدقة، لأن لبنان ليس معزولا عن محيطه، ويحاول أن يوالفها مع الظروف الداخلية». ورأى أنه «مع الدور الأهم للرئيس ميشال سليمان في لعب دور الحكم بين اللبنانيين جميعا، تبرز الحاجة يوما بعد يوم للبحث جديا في تعزيز صلاحياته، ولعل ذلك يكون اليوم من خلال تعزيز موقعه في الحكومة، فوزراؤه بحقائبهم السيادية يشكلون نقطة التقاء تنال ثقة جميع اللبنانيين».

من جهته، توقع عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب يوسف خليل أن «يتأخر تشكيل الحكومة اللبنانية إلى مطلع الخريف»، مستبعدا أن «يكون هناك عنصر محلي محدد سيسهم في تسريع خطوات الاتفاق على التشكيلة الوزارية المقبلة، وإنما مجريات الأحداث إقليميا هي التي ستساعد اللبنانيين على إنجاز التفاهم على هذه الحكومة». وقال: «يجب ألا نضع العقدة حيث إنها غير موجودة في الأساس»، لأن «لكل فريق من اللبنانيين شروطه الخاصة به لتشكيل الحكومة، إذ من حق كل منهم أن تكون له نظرته في هذا الإطار، وفي نهاية المطاف سيحصل هذا الطرف أو ذاك على نصيبه، إذا جاز التعبير، عند الاتفاق على التشكيلة الوزارية»، واصفًا الكلام عن أن العقدة التي تحول دون تشكيل الحكومة موجودة لدى العماد ميشال عون بأنه «كلام غير صحيح وغير واقعي، إذ إن مسألة تشكيل الحكومة خاضعة لاعتبارات داخلية وخارجية». وإذ أكد أن «مسألة تشكيل الحكومة باتت شائكة نوعا ما»، لفت خليل إلى أن «الجميع يعرفون أن الظروف ستنضج في موعدها أسوة بالمعطيات التي أدت إلى الاتفاق على صيغة 15 ـ 10 ـ 5، واليوم التجربة نفسها ستكرر بما سيفضي إلى ولادة التفاهم الكامل حول الحكومة بأسمائها وحقائبها كلها في الوقت المناسب». بدوره دعا عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري «إلى أن يصدر بيانا ويوضح فيه كل ما يجري من خلاف»، علما أن «حاشيته تشن كل يوم الحملات على رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون وتتهمه بعرقلة تأليف الحكومة». واعتبر أن «موضوع الخلاف لم يعد على الصيغة الحكومية، إنما هو على طريقة توزيع الحقائب على التكتلات الجديدة واعتبر أن «التعطيل هو داخل بقايا الأكثرية، وارتباطاتها الخارجية، ومشاريعها المشبوهة». كما أبدى عتبه على البطريرك مار نصر الله بطرس صفير «الذي لا يرى الأمور إلا بعين واحدة وباتجاه واحد». وأوضح نقولا أن «كل الذين يعارضون توزير جبران باسيل لا ينطلقون من مبدأ قانوني أو دستوري إنما من مبدأ تعطيل الدينامية التي وضعها باسيل داخل وزارته بعدما عطل عمل الفاسدين داخلها».