الجيش الأميركي سيخطر الصليب الأحمر لأول مرة بمحتجزي السجون السرية

«سي آي إيه» تعلن اليوم تقريرها حول عمليات الاستجواب

TT

في تحول في سياسة البنتاغون، سيقوم الجيش الأميركي للمرة الأولى بإخطار اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهوية المسلحين الذين كانوا محبوسين سرا في معسكر داخل العراق ومعسكر آخر في أفغانستان تديره قوات العمليات الخاصة الأميركية، حسب ما أفاد به ثلاثة مسؤولين عسكريين.

ويكشف هذا التحول النقاب عن السجون الأكثر سرية خارج البلاد التابعة للحكومة الأميركية عن طريق السماح للصليب الأحمر بتتبع عملية حجز العشرات من الإرهابيين المشتبه فيهم الأكثر خطورة والمقاتلين الذين أسروا خلال المعارك في العراق وأفغانستان. ويعد ذلك تقدما كبيرا للمنظمة في سعيها الطويل من أجل الحصول على المزيد من المعلومات حول هؤلاء المعتقلين. وكان الجيش يصر من قبل على أن الكشف عن أي تفاصيل حول المعتقلين في المعسكرات السرية يمكن أن يفيد مقاتلين آخرين وأن يعرض جهودا في محاربة الإرهاب لمخاطر.

ومن المنتظر أن يسلط الضوء على عمليات الاعتقال خلال الأسبوع الجاري، حيث ستقوم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية اليوم بالكشف عن تقرير لعام 2004 يتناول برنامج الاستجواب الذي تتبعه الوكالة للمفتش العام بالوكالة. ويقدم التقرير الذي طال انتظاره تفاصيل جديدة عن الممارسات السيئة التي وقعت داخل السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، بما في ذلك سعي ضباط تابعين للوكالة إلى القيام بعملية إعدام صورية وتهديد سجين على الأقل باستخدام مسدس ومثقاب كهربي.

ومن الموقع أن يحسم وزير العدل إريك هولدر خلال الأيام المقبلة ما إذا كان سيقوم بتعيين مدع جنائي للتحقيق في عمليات استجواب المشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 أم لا.

وبدأت سياسة البنتاغون الجديدة إزاء المعتقلين تدخل حيز التطبيق بدءا من الشهر الجاري، من دون إعلان رسمي من جانب الجيش أو الصليب الأحمر. ويمثل ذلك تحولا آخر في سياسة الاعتقال التي تتبعها إدارة الرئيس باراك أوباما التي تعهدت بإغلاق المعتقل الأميركي في خليج غوانتانامو بكوبا بحلول العام المقبل، وتجري حاليا مراجعات للإجراءات الحكومية الخاصة باستجواب واعتقال المسلحين.

ورفض برنارد باريت، وهو متحدث باسم الصليب الأحمر في واشنطن، التعليق على سياسة الإخطار الجديدة، وبرر ذلك بموقف المنظمة الدائم بعدم الحديث عن المناقشات الجارية مع وزارة الدفاع المتعلقة بقضايا الاعتقال.

وعلى عكس ما حدث مع السجون السرية التي تديرها وكالة الاستخبارات المركزية والتي أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما بإغلاقها في يناير (كانون الثاني)، ما زال الجيش يدير معسكرات العمليات الخاصة التي يصفها بأنها مواقع مسح مؤقتة في مدينة بلد العراقية وباغرام الأفغانية.

وهناك ما بين (30 ـ 40) سجينا أجنبيا في المعسكر داخل العراق، حسب ما أفاد به مسؤولون عسكريون رفضوا تقديم تقدير عن المعسكر الأفغاني، لكنهم أشاروا إلى أن العدد هناك ربما يكون أقل.

ويُسمح للصليب الأحمر بالدخول إلى معظم السجون العسكرية الأميركية ومواقع الاعتقال في أرض المعارك داخل أفغانستان والعراق، مع استثناء المعسكرات التابعة للعمليات الخاصة.

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد أشارت في عام 2006 إلى أن بعض الجنود في موقع الاعتقال المؤقت داخل العراق، الذي كان متمركزا حينئذ في مطار بغداد الدولي ويطلق عليه معسكر ناما، قاموا بضرب السجناء باستخدام أعقاب الرشاشات وكانوا يصرخون ويبصقون في وجوهم.

ويقول مسؤولون عسكريون إن الأوضاع داخل المعسكرات تحسنت بصورة ملحوظة منذ ذلك الوقت، ولكن ما زالت السرية تحيط بجميع التفاصيل الخاصة بالمواقع.

وحسب قواعد البنتاغون، فإنه يمكن الإبقاء على المعتقلين داخل معسكرات العمليات الخاصة لمدة تصل إلى أسبوعين. وفي السابق، كان على الجيش بعد مرور المدة أن يطلق سراح المعتقل ويحوله إلى سجن طويل الأجل في العراق أو أفغانستان يتاح للصليب الأحمر الدخول إليه أو الحصول على تمديد الاعتقال من وزير الدفاع روبرت غيتس أو نائبه لمدة أسبوع قابل للتجديد.

وحسب السياسة الجديدة، فإنه يجب على الجيش أن يخطر الصليب الأحمر عن أسماء المعتقلين وأرقام هوياتهم خلال أسبوعين من الاعتقال، وهو ما كان يحدث من قبل بعد نقل المعتقل إلى سجن طويل الأجل. وتم إلغاء تمديد فترة الاعتقال، حسب ما أفاد به مسؤول بارز في البنتاغون.

وسعى مسؤولون في البنتاغون إلى التقليل من أهمية التغيير، قائلين إن معظم المعتقلين داخل المعسكرات يتم تسجليهم لدى الصليب الأحمر خلال فترة الأسبوعين.

ويقول براين وايتمان، المتحدث باسم وزارة الدفاع: «تبذل وزارة الدفاع كل ما في وسعها من أجل تسجيل المعتقلين لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أسرع وقت ممكن بعد اعتقالهم».

ومن جانبهم، أثنى ناشطون حقوقيون على هذا التحول، قائلين إن قوات العمليات الخاصة كانت دائما تمدد حبس المعتقلين لأسابيع من دون سقف زمني لذلك.

* خدمة نيويورك تايمز