الصيادون العائدون من الصومال: خاطفونا باعونا لقراصنة آخرين

حكوا لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل المعركة مع القراصنة.. والأمن المصري تسلم القراصنة الثمانية الأسرى

الصيادون المصريون الذين تم تحريرهم من القراصنة في الصومال اثناء وصولهم الى ميناء السويس امس (رويترز)
TT

وصل إلى ميناء الأتكة بمدينة السويس عند الدخل الجنوبي لقناة السويس يوم أمس 40 صيادا مصريا على متن المركبتين «ممتاز1» «وسمارة» بعد تحرير المركبتين من يد القراصنة الصوماليين.

وقالت مصادر أمنية إنه تم استلام القراصنة الثمانية الذين كانوا على متن المركبين في عرض البحر بعد دخولهم غاطس ميناء الأتكة وأنه تم نقلهم إلى مكان غير معلوم للتحقيق معهم. ولم تفصح المصادر عن الإجراءات الأمنية التي سيتم اتباعها في التعامل مع القراصنة الذين نجح الصيادون في أسرهم. وقالت مصادر أمنية أخرى إنه تم نقل القراصنة لمستشفى السويس العام لفحصهم ثم تم اقتيادهم للتحقيق.

وقال عادل عبد العاطي عبيد، صياد مصري عائد من الصومال، وكان على متن مركب الصيد «سمارة»، إن القراصنة سيطروا على المركب يوم 10 أبريل (نيسان) الماضي، حيث فوجئوا أثناء وجودهم بالمياه الدولية وبالقرب من سواحل الصومال بلنشين صوماليين يقتربان منهم وقاما بإطلاق الرصاص على المركبين ولخوف رئيس المركب على إصابة الصيادين لم تكن هناك مقاومة.

وأضاف أن القراصنة قاموا بسحبهم إلى إحدى المناطق التابعة لهم في المياه الصومالية وهناك تعاطف معهم أحد القراصنة وقام بربط قنبلة بالمركب مهددا القراصنة بتفجيرها إذا لم يتم الإفراج عن الصيادين المصريين، إلا أن القراصنة تمكنوا من السيطرة عليه وانتزعوا القنبلة بعد أن استدعوا شخصا يدعى الريس عمر تبين بعد ذلك أنه زعيم القراصنة وكان متواجدا على متن المركب الإيطالي المحتجزة هناك. بعد ذلك طلب القراصنة منهم الاتصال بذويهم والصحافة المصرية لإبلاغهم بأن القراصنة سيقومون بحرق المركبين إذا لم يتم دفع الفدية.

وأضاف أن القراصنة وعدوهم بأن يتم الإفراج عنهم عقب تلقي الفدية من المركب الإيطالي إلا أنه تبين أنهم كانوا يتفاوضون مع قراصنة آخرين لبيعنا وهؤلاء هم الذين تم التفاوض معهم عن طريق الحاج حسن خليل حتى تم إتمام المهمة وتحرير المركبين. وعن تفاصيل المعركة التي تمت بين الصيادين المصريين والقراصنة المدججين بالأسلحة قال عادل إن الحاج حسن خليل طلب من القراصنة أن يطمئن على أبنائه ووقتها أعطى لأحدنا شريحة تليفون محمول لإحدى شركات الاتصال الصومالية ليسهل التواصل بيننا وبينه وكنا قد حصلنا على شريحة أخرى من القراصنة وبعد أن غادر الحاج حسن المركب بنحو ساعة تلقينا إشارة منه بأن الوضع آمن من الخلف وأنه يمكننا الإبحار بسرعة.

وفي هذا الوقت التصق المركبان في أقل من خمس دقائق وهجمنا على القراصنة المتواجدين على المركبين بشكل مفاجئ مما أفقدهم القدرة على المواجهة واستمرت معركة بالأيدي، دون أية أسلحة لمدة 35 دقيقة حيث كان عدد الصيادين ضعف عدد القراصنة مما سهل السيطرة عليهم وإرباكهم بعنصر المفاجأة. ويقول عبد السلام عمارة وهو صياد عائد من عزبة البرلس على متن المركبة «سمارة» أنه بعد 14 يوما من خروج المركبين للصيد تمكن القراصنة من السيطرة عليهما.

وأضاف أنه أثناء المعركة أطلق القراصنة الرصاص في الهواء لإخافتنا، مشيرا إلى أن الصيادين ظلوا في حالة توتر خوفا من ملاحقة اللنشات الصومالية لهم حيث كانوا عزل من السلاح. وقال «رفضنا الدخول إلى أي ميناء يمني وفضلنا مواصلة الإبحار إلى مصر، وأنه لم يكن معهم أي طعام أو شراب يكفيهم وأنهم قضوا نحو 72 ساعة دون طعام أو شراب». وأضاف الصياد حجازي صابر من كفر الشيخ «أن القراصنة قفزوا في البحر خوفا منا وقت المعركة، وتمكنوا من أسر القراصنة الثمانية، ثم قاموا بتوثيق أيديهم وأرجلهم واحتجازهم في إحدى غرف المركب إلا أنهم بعد ذلك قرروا فك وثاقهم وتركوهم على سطح المركب يتحركون بحرية تامة.

وقال إنهم عاملوا القراصنة معاملة الإسلام واتبعوا جميع التعاليم الإسلامية في معاملة الأسرى حيث كانوا يأكلون من أكلهم ولم يتعرض أحد منهم للأذى رغم أن القراصنة أذاقوا الصيادين الذل والهوان أثناء فترة أسرهم حيث كانوا يطلقون الرصاص علينا للاستيقاظ من النوم والأمر بالنوم. وأضاف أن القراصنة كانوا يتعمدون الاستحمام بالمياه في الوقت الذي تتناقص فيه مياه الشرب لنا فضلا عن تهديدهم في كل الأوقات بإحراق المركبين إذا لم يتم دفع الفدية. وتابع أنهم أقدموا على المجازفة بالهروب بعد أن شعروا بالإحباط الشديد بعد الإفراج عن السفينة الإيطالية المحتجزة والتي قاموا بخطفها بعد أربعة أيام من اختطافهم.

وكان في استقبال الصيادين العائدين المئات من ذويهم والمسؤولين والتنفيذيين والشعبيين بمحافظات السويس ودمياط وكفر الشيخ. وتم استقبالهم وسط هتافات من أهاليهم منها «بالطول بالعرض جبنا القراصنة الأرض» «سالمة يا سلامة رحنا وجينا بالسلامة». وامتزجت هتافات الأهالي بأنغام السمسمية والمزمار البلدي التي ملأت أرجاء ميناء الأتكة بالسويس، وقام أطفال السويس بتوزيع باقات من الورود على الصيادين العائدين.

وبات واضحا على مركبي الصيد سوء حالتهما وتصنع هذه المراكب الخشبية بقرية عزبة البرج بمدينة دمياط المصرية، واستقبل أهالي الصيادين ذويهم بالدموع والأحضان.

وقالت نجوى عبد العاطي شقيقة الصياد عادل إن زوجة شقيقها توفيت بعد احتجازه في الصومال بشهر تقريبا وأنه لا يعلم بوفاتها وأنها لا تدري كيف ستخبره بالأمر خاصة أن لديه ستة أطفال وأنها كانت طوال الفترة الماضية تتولى رعاية الأطفال ورغم فرحتها بعودة أخيها فإن الحزن على وفاة زوجته سيطر عليها.

وقالت زوجة أمين صابر الصياد إن لديها أربعة أطفال وإنها طوال الفترة المتغيب فيها زوجها لم تكف عن البكاء ولم تكن تعلم شيئا عن مصير زوجها.

ويقول رجب مرزوق والد الصياد الشحات إن نجله يبلغ من العمر 17 عاما وأنها المرة الأولى التي يخرج فيها للصيد للسواحل الأفريقية، مشيرا إلى أن نجله هو الذي كان يتولى الإنفاق على شقيقاته الأربع وعلى والديه.

وقالت شقيقة الصياد محمد العربي إن شقيقها كان على متن المركب سمارة وأنه طوال فترة اختطافه لم تتلق أية مساعدات لأن بطاقة شقيقها صادرة من بورسعيد مما تسبب في وقف صرف أية إعانات لها كباقي أسر الصيادين الذين تلقوا إعانات بلغت نحو 3000 جنيه و300 جنيه إعانة شهرية.