الكوريتان تعززان تقاربهما عبر «دبلوماسية الجنائز»

أجريتا مباحثات عالية المستوى بمناسبة تشييع صاحب سياسة «الشمس المشرقة»

رهبان كوريون جنوبيون يصلون خلال جنازة الرئيس الجنوبي الكوري الراحل كيم داي جونغ في سيول أمس (ا.ب)
TT

شهدت جنازة الرئيس الكوري الجنوبي السابق، كيم داي جونغ أمس الذي ساعدته جهوده في توحيد شبه الجزيرة الكورية على الحصول على جائزة نوبل للسلام، إجراء أول محادثات على أعلى مستوى بين الكوريتين منذ نحو عامين. وكان كيم الذي توفي يوم الثلاثاء الماضي عن عمر 85 عاما، ساعد بقوة نحو تحول كوريا الجنوبية إلى الديمقراطية واستحدث سياسة «الشمس المشرقة» لمحاولة استمالة كوريا الشمالية وإخراجها من عزلتها مما أدى في عام 2000 لأول قمة على الإطلاق بين زعيمي الكوريتين.

وأرسل زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ ايل، وفدا من كبار المسؤولين إلى كوريا الجنوبية لتقديم التعازي وحمل الوفد رسالة إلى الرئيس الحالي لكوريا الجنوبية، لي ميونغ باك، الذي شهدت الثمانية عشر شهرا التي قضاها في السلطة تدهورا حادا في العلاقات بين البلدين. والتقى الوفد برئاسة أحد كبار مساعدي كيم جونغ ايل برئيس كوريا الجنوبية في أحدث دلالة على أن بيونغ يانغ تسعى لتخفيف موقفها بعد أن أجرت تجربة نووية في مايو (أيار) الماضي وتجارب لإطلاق صواريخ مما أدى إلى فرض عقوبات من الأمم المتحدة والمزيد من العزلة الدولية.

وقال المتحدث باسم الرئاسة في سيول، لي دونغ كوان، إن الوفد الكوري الشمالي نقل رسالة «تتناول إحراز تقدم في العلاقات بين الكوريتين»، رافضا إعطاء مزيد من التفاصيل حول مضمونها نظرا إلى طابعها «الحساس». واستمرت المباحثات زهاء الثلاثين دقيقة. وهذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيس، لي، وهو محافظ يؤيد انتهاج سياسة متشددة تجاه الجار الشيوعي، موفدين كوريين شماليين منذ توليه مهامه في فبراير (شباط) 2008. وفي أثناء المحادثات شرح الرئيس لي «المبادئ الراسخة والحازمة لسياسة الحكومة (الكورية الجنوبية) تجاه كوريا الشمالية وطلب من الوفد الكوري الشمالي نقلها» إلى الزعيم كيم جونغ ايل، على ما أوضح المتحدث الكوري الجنوبي في مؤتمر صحافي. ووصف اللقاء بأنه «كان صريحا ووديا». ونقل عن الرئيس قوله للوفد الكوري الشمالي «إذا قامت الكوريتان بمحاولة جدية لحل مشاكلهما عبر الحوار فلن يكون ثمة مشاكل غير قابلة للحل».

وقال كيم كي نام، وهو مقرب من الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ ايل، وعضو في الوفد بحسب وكالة الصحافة يونهاب «أغادر مع انطباع جيد». وهذا اللقاء ينعش الآمال بحدوث انفراج في العلاقات بعد أكثر من عام من التوترات الخطيرة بين البلدين الجارين اللذين ما زالا رسميا في حالة حرب منذ النزاع الدامي في 1950-1953.

وهذه العلاقات التي تدهورت أصلا مع وصول لي إلى الحكم، توترت بشكل خاص منذ أن قامت كوريا الشمالية في 25 مايو (أيار) الماضي بتجربتها النووية الثانية التي أدانتها الأمم المتحدة، وأعلنت أنها لم تعد مرتبطة بهدنة 1953 التي أنهت الحرب الكورية. وقد وصل الوفد الكوري الشمالي المؤلف من ستة مسؤولين كبار يوم الجمعة الماضي إلى سيول وكان الهدف الوحيد في البداية التعزية بالرئيس الكوري الجنوبي السابق الحائز جائزة نوبل للسلام، كيم داي جون، الذي توفي الثلاثاء عن 85 عاما، وهي بادرة غير مسبوقة من جانب بيونغ يانغ.

وقالت وكالة يونهاب إن نحو 20 ألفا من المعزين، وهو أكبر عدد يحضر أي جنازة في البلاد، تجمعوا أمام مبنى البرلمان لتشييع جنازة الرجل الذي كان شخصية بارزة في المعركة الرامية لإرساء دعائم الديمقراطية في رابع أكبر اقتصاد في آسيا حاليا. وأمضى كيم أغلب فترة عمله السياسي إما وراء القضبان أو رهن الإقامة الجبرية في المنزل. وحكم عليه بالإعدام وكان هدفا لعدد من محاولات الاغتيال. وقالت لي هي هو، أرملة الزعيم الراحل التي كانت شريكته في المعركة مع الحكم الشمولي: «عانى زوجي معاناة شديدة للحفاظ على الديمقراطية خلال حياته... لم يستسلم قط».

وأكثر ما يتذكره العالم عن كيم الأحضان والقبلات التي تبادلها مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ ايل في بيونغ يانغ خلال القمة التي توسط فيها عام 2000 وكانت الأولى بين الكوريتين وأدت إلى تحسن سريع في العلاقات بينهما.