270 نائبا في البرلمان الإيراني يقاطعون حفل استضافة أحمدي نجاد

اعتراضا على تشكيلة حكومته الجديدة

TT

تغيب أغلب النواب الإيرانيين في البرلمان عن حفل استضافه الرئيس محمود أحمدي نجاد يوم الأحد الماضي، وذلك في إظهار علني للاستياء من قبل غالبية النواب من تشكيلة حكومته الجديدة التي قدم احمدي نجاد أعضاءها للبرلمان الأسبوع الماضي وتضم في غالبيتها الساحقة مقربين منه، ومحسوبين على الحرس الثوري الإيراني، وهو ما أزعج غالبية نواب البرلمان الذين طلبوا منه اختيار حكومة تتسم بالكفاءة. ونقلت صحيفة «اعتماد» الإيرانية وهي صحيفة إصلاحية يومية عن نواب في البرلمان لم تذكر أسماءهم قولهم إن غيابهم عن حفل احمدي نجاد «يدل على شعورهم بخيبة الأمل من تشكيلة الحكومة» التي اقترحها الرئيس بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع على نتائجها والتي أجريت في يونيو (حزيران). ولم يتسن على الفور الاتصال بالمستشار الإعلامي لأحمدي نجاد للتعليق. وتقدم أحمدي نجاد بقائمة الحكومة المقترحة في الأسبوع الماضي ولكنه ربما يواجه معركة حامية بعد أن لمح بعض النواب إلى أنهم سيرفضون على الأرجح عددا من المرشحين. وقالت صحيفة اعتماد «من بين 290 نائبا وجهت إليهم دعوة لحضور حفل تحت ضيافة الرئيس ليل الأحد حضر 20 فقط. يقول النواب انه مع الحكومة التي يقترحها أحمدي نجاد ليس هناك سبب يدعو لعقد اجتماعات ومحادثات». ولمح محمد رضا باهنر نائب رئيس البرلمان إلى احتمال رفض ما يصل إلى خمسة من أعضاء الحكومة التي اقترحها أحمدي نجاد وتضم 21 مرشحا. ومن المقرر أن يبدأ البرلمان التصويت على المرشحين في 30 أغسطس (آب).

وحث أعضاء البرلمان أحمدي نجاد على عدم ترشيح وزراء بلا خبرة والتشاور مع النواب قبل تشكيل الحكومة ولكن كثيرين يقولون إن طلبهم لقي تجاهلا. ويقول أحمدي نجاد الذي انتقده البرلمان في فترة ولايته الأولى لإجرائه تعديلات وزارية مفاجئة انه سعى للحصول على مشورة بشكل واسع فيما يتعلق بتشكيلة الحكومة التي تتضمن الكثير من الوزراء الجدد. وجاء في تقرير «اعتماد»: «قال نواب بارزون إنهم لم يحضروا الحفل لأنهم.. عندما أصروا على الاجتماع مع الرئيس ومناقشته بشأن المرشحين وجدوا استجابة فاترة» من أحمدي نجاد. ومن أصل المرشحين الـ21 للحكومة، احتفظ خمسة وزراء بالحقائب التي يتولونها في الحكومة الحالية. ومن الوزراء الخمسة الذين احتفظوا بحقائبهم، يبرز منو شهر متقي في الخارجية الذي لن يواجه مشكلة، ومثله شمس الدين حسيني في الاقتصاد، وفق صحيفة «خبر» المحافظة. في المقابل، يمكن أن يحصل وزير الصناعة والمناجم علي أكبر محرابيان على ثقة ضعيفة، علما بأن أحمدي نجاد واجه صعوبة كبيرة في طرحه عام 2007 بسبب صغر سنة وقلة خبرته. وكان المعسكر المحافظ دعا احمدي نجاد إلى إعطاء الأولوية للكفاءة على حساب الولاء لشخصه. ولكن يبدو أن أحمدي نجاد غير مستعد للعمل بنصائح المحافظين. وفي هذا الإطار، طرح اسم مسعود مير كاظمي لتولي حقيبة النفط رغم أنه لا يتمتع بخبرة كافية في هذا القطاع الاقتصادي الرئيسي، مستندا إلى علاقاته الواسعة مع الحرس الثوري الإيراني. ويتولى مير كاظمي حاليا وزارة التجارة. والأمر نفسه ينطبق على وزارة الطاقة التي رشح لها الرئيس الإيراني محمد علي عبادي الذي يترأس منظمة التربية البدنية. واستبعدت صحيفة «خبر» أن يحوز عبادي ثقة البرلمان. وأثار الرئيس مفاجأة عبر إعلانه أنه سيرشح ثلاث نساء. وتعرض ترشيح فاطمة اجورلو (43 عاما) لوزارة المساعدة والشؤون الاجتماعية لانتقاد كبير. وتساءل أحمد توكلي أحد الوجوه المحافظة في البرلمان «كيف يمكن إسناد وزارة بهذه الأهمية إلى شخص لا يمت اختصاصه بصلة إليها؟». وتربط المرشحة، وهي ممرضة، علاقات واسعة بميليشيا الباسيج الإسلامية التي تعتبر رأس حربة الدفاع عن أحمدي نجاد. وقد يواجه أحمدي نجاد صعوبة كبيرة أيضا في فرض مرشحيه لوزارتي الاستخبارات والداخلية. وللحقيبة الأولى، يقترح الرئيس الإيراني حيدر مصلحي مستشاره للشؤون الدينية. لكن حسن صبحانيان العضو النافذ في لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى لاحظ أنه «بحسب القانون فإن وزير الاستخبارات ينبغي أن يكون من المجتهدين (رجل دين قادر على تفسير الشريعة)، لكن اختيار الرئيس لا يفي بهذا الشرط». أما مصطفى محمد نجار الجنرال في الحرس الثوري الإيراني الذي يرشحه الرئيس الإيراني للانتقال من وزارة الدفاع إلى وزارة الداخلية، فكتبت صحيفة «خبر» أنه قد لا ينال ثقة البرلمان. ولا يرحب بعض المحافظين بإضفاء طابع عسكري على وزارة الداخلية، ويبدون قلقهم حيال تنامي نفوذ الحرس الثوري الإيراني داخل السلطة.

وأدت إعادة انتخاب أحمدي نجاد في 12 يونيو (حزيران) إلى أسوأ اضطرابات تشهدها البلاد منذ الثورة الإسلامية عام 1979. ويهيمن المحافظون على البرلمان ولكن بعضا من أنصار أحمدي نجاد تخلوا عنه منذ الانتخابات حتى رغم أنه يحظى بمساندة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الذي يمثل أعلى سلطة في إيران. وتقول المعارضة المعتدلة إن الانتخابات تم التلاعب فيها لضمان إعادة انتخاب أحمدي نجاد وتعتبر الحكومة المقبلة غير شرعية.