بريطانيا تعرب عن رغبتها بإقامة متحف في البصرة

المحافظ لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لإحياء تاريخ المدينة الحضاري والإبداعي

TT

تكاد البصرة تخلو من المتاحف التي لم يبق منها بعد دخول القوات الأجنبية العراق غير متحف واحد يهتم بالتراث أكثر من اهتمامه بالآثار، في الوقت الذي تستحق فيه المدينة أن يشيد فيها متحف لكل حقبة تاريخية، كونها من المدن الثرية بتاريخها الفكري والحضاري والإنساني منذ أن شيدت كأول حاضرة إسلامية خارج الجزيرة العربية في زمن الخليفة الراشد الثاني عام 14 هجرية.

وقال الدكتور شلتاغ عبود، محافظ البصرة، لـ«الشرق الأوسط»: إن من خطط المحافظة «إحياء تاريخها الحضاري والإبداعي، ومنها إنشاء متاحف ودار أوبرا، ومسارح، ودور عرض سينمائي، ومكتبات عامة، لا سيما أنها عاصمة للثقافة العراقية لهذا العام، وعلى موعد مع تظاهرة خليجية كبيرة باستضافة بطولة (خليجي 21) لكرة القدم، التي ستقام عام 2012». وأضاف: «هناك الكثير من الآراء والمقترحات، ومن بينها تحويل قسم القصور الرئاسية إلى متحف للمدينة، الذي اتفق عليه عندما زار الموقع خبراء دوليون برفقة عدد من المسؤولين في وزارة الثقافة، ورغبة الحكومة البريطانية وإدارة المتحف فيها بترك معلم حضاري لوجودها بالمحافظة خلال السنوات الست من احتلال العراق».

وكان عبود أعلن في وقت سابق رغبة بريطانيا في إنشاء متحف في البصرة، وقال في تصريح خص به القسم الصحافي في المركز الوطني للإعلام، على هامش زيارة القنصل البريطاني الجديد، أليس والبول، إلى مبنى محافظة البصرة الاثنين: «بحثنا مع القنصل البريطاني أربع نقاط مهمة، منها إنشاء متحف عراقي في البصرة، إذ تسلمنا من مدير المتحف البريطاني رسالة نقلها القنصل تتعلق بالموضوع المذكور». وأكد هاشم محمد علي (خبير آثار): «تميزت آثار البصرة عن المدن المجاورة كونها آثارا إسلامية، لكنها لم تأخذ حيزا من اهتمام المعنيين بوزارات الثقافة منذ عقود طويلة، وبقيت على حالها من دون تنقيب، إلا أماكن محدودة جمعت منها وعرضت في متحف للآثار والتراث، الذي اتخذ من البيوت التراثية مقرا له في منطقة البصرة القديمة». وأضاف: «لكن هذه المقتنيات تعرضت للنهب في عامي 1991 و2003، ولم يجمع منه إلا الشيء القليل الذي أعيد عرضه مرة أخرى بعد فرض سلطة القانون بالمحافظة». وأوضح أن «من بين المتاحف التي تم تدميرها، ولم تعد لحد الآن، هو متحف (كي لا ننسى) الذي يوثق ما تعرضت له البصرة من أحداث مهمة خلال الحرب العراقية الإيرانية»، مشددا على أنه «بغض النظر عن تداعيات تلك الحرب، فإنه كان يضم مئات الصور لمدنيين قضوا في القصف من الرجال والنساء والأطفال، إضافة إلى تدمير أجزاء من المدينة».

وأكد جاسم العايف (باحث) على أن البصرة «بقيت طوال عصور مختلفة مشاريع لإقامة متاحف منها ما بقي على الرفوف، ومنها لم يكمل إنجازه، ومن بينها تحويل مسكن الشاعر بدر شاكر السياب إلى متحف يرتاده الشعراء والمثقفون، ومزارا للمشاركين في مهرجان المربد السنوي، إلا أن المشروع ترك وسط الغارب بعد أن باشرت دائرة الآثار والتراث بإحيائه، وما زال مهملا لحد الآن». وأضاف: «كما تولت الإدارة المحلية أواسط الثمانينات تنفيذ مشروع لتراث المدينة يقام في الدُور التراثية التي هي جزء من المشروع، والتي تسمى بيوت الشناشيل، ومن أشهر تلك البيوت التي ما زالت قائمة بيت الشيخ خزعل، وطالب النقيب، والعبد الواحد، وهاشم النقيب، والباشا، والمنديل، وقد استخدمت تلك البيوت كمقرات لمنتديات أدبية ومسرحية وثقافية، ثم وزعت 41 دارا منها كسكن لموظفيها، حيث أخذت العثة تفعل فعلها في أخشاب تلك الدور التي لم تصمد طويلا بعد أن فقدت بريقها باعتبارها جزءا من الموروث الحضاري للمدينة».