السودان: قيادي في حركة متمردة محكوم عليه بالإعدام.. يبدأ رسالة الدكتوراه من سجنه

عبد العزيز عشر شقيق زعيم حركة العدل والمساواة نال «الدبلومة العليا» في العلوم السياسية من معتقله

TT

بعد أن نال درجة «الدبلومة العليا» في العلوم السياسية والاستراتيجية من جامعة الزعيم الأزهري، بامتياز، من داخل سجنه، يعكف المسؤول الأمني لحركة العدل والمساواة المتمردة في إقليم دارفور عبد العزيز عشر المعتقل في سجن بالخرطوم، على خلفية مشاركته في هجوم شنته حركته على العاصمة السودانية العام الماضي، على إعداد رسالة الدكتوراه في العلاقات الدولية من داخل سجنه، بانتظار تنفيذ حكم الإعدام عليه. وكانت السلطات ألقت القبض على عشر في شرقي السودان بعد نحو أسبوع من هجوم نفذته حركة العدل والمساواة على الخرطوم، في مايو (أيار) العام الماضي وشارك فيه عشر أدى إلى مقتل العشرات من الجانبين، واعتبر أجرأ وأول هجوم تشنه حركة متمردة في دارفور على العاصمة. وواجه عشر محاكمة في الخرطوم وصدر ضده حكم بالإعدام، نقل على أثره إلى سجن «كوبر» الشهير في الخرطوم بحري.

ويحمل مقترح رسالة الدكتوراه عنوان: «العلاقات السودانية الصينية»، يقوم فيه بتحليل مضمون مسار العلاقة منذ عام 1989 إلى عام 2000. وحكمت الخرطوم بالإعدام شنقا حتى الموت على نحو 70 آخرين من قوات حركة العدل والمساواة، التي هاجمت الخرطوم، فيما يخضع 10 آخرون للمحاكمة حتى الآن. وتتشكك حركة العدل والمساواة في الأحكام القضائية الصادرة ضد عناصرها الذين شاركوا في الهجوم الذي أسفر عن مقتل نحو 200 شخص من المواطنين والقوات النظامية المختلفة.

وقال البروفسور حسن الساعوري الأستاذ المشرف على رسالة عشر لـ«الشرق الأوسط» إن عشر، وهو الأخ غير الشقيق لزعيم الحركة الدكتور خليل إبراهيم، طلب من معتقله مواصلة دراسته و«نحن وافقنا»، وقال إن عشر بدأ رسالة الدكتوراه قبل أن «يتمرد» على الحكومة وينضم إلى حركة العدل والمساواة، منذ خمسة أعوام مضت، وقال إنه جمع معظم مواد البحث وبدأ يكتب فصوله «وقطع فيه شوطا بعيدا». وكشف أن عشر، 42، عاما، بعث إليه من معتقله بشخص نقل طلبه في مواصلة البحث مستفيدا من وجوده داخل المعتقل. وقال إن الشخص، الذي لم يشأ ذكر اسمه، حمل قائمة من المراجع والبحوث لعشر.

وقال الساعوري إن «الاتصالات بيننا تتم بصورة عادية عبر شخص، يقوم هو (عشر) بإعداد وكتابة الفصول ويقدمها للشخص الوسيط، وأقوم بمراجعتها وإبداء الملاحظات المعروفة عليها وإعادتها له لوضعها في الصورة النهائية». وقال إن قانون الجامعة يسمح للسجناء والمعتقلين بمواصلة دراستهم، وأضاف: «كثيرا ما نقوم بالإشراف في الامتحانات على طلاب معتقلين أو سجناء وهم في الأصل طلاب في الجامعة». وقال إن «الجامعة لم تتحرج من مواصلة عشر لدراسته» على الرغم من أنه «موقوف على ذمة قضايا سياسية كبيرة»، وأضاف أن «الجامعة تعمل على مساعدته في إيصال الكتب والمراجع التي يحتاجها في بحثه».

ورسالة الدكتوراه ليست المهمة الوحيدة التي انشغل بها عشر الذي ينتظر حسب الحكم الصادر ضده حكم الإعدام، بل واصل عشر دراسته لنيل الدبلومة العليا في العلوم السياسية والاستراتيجية في جامعة الزعيم الأزهري، حيث خضع للامتحان وهو في المعتقل واجتازه بامتياز. وذكرت المصادر أن إدارة السجن العمومي في كوبر، وفرت بيئة أكاديمية مناسبة لعشر وخصصت له مكتبا للمذاكرة ومواصلة دراسته.

ولد عشر في مدينة «الفاشر» كبرى مدن دارفور في عام 1967، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة «باسوي» في بلدة «الطينة» أقصى شمال دارفور، والثانوي في «مدرسة الفاشر الثانوية»، ومنها إلى جامعة النيلين في الخرطوم، حيث درس في كلية القانون وتخرج عام 1993، وحصل فيما بعد على دبلوم في العلاقات الدولية من جامعة الخرطوم، كبرى الجامعات السودانية، وعلى الماجستير في الدراسات الدبلوماسية في جامعة النيلين عام 1999، قبل أن يلتحق بالجامعة ذاتها لدراسة الدكتوراه. ويعتبر عشر من قيادات الطلاب الإسلاميين في الجامعة، وكان أحد عناصر الجبهة الإسلامية التي يقودها الدكتور حسن الترابي قبل أن يتمرد على الحكومة.

ويرى المراقبون أن عشر واحد من الذين يعقدون عملية المفاوضات بين الحكومة وحركة العدل والمساواة عبر الوساطة القطرية في العاصمة الدوحة، حيث تصر حركة العدل والمساواة على الإفراج عن معتقلين في الخرطوم من بينهم عشر، مقابل الإفراج عن الأسرى الحكوميين لدى الحركة، كخطوة لحسن النوايا بين الطرفين، ولكن الحكومة السودانية ترى أن خطوة الإفراج عن الأسرى سابقة لأوانها وأنها ستتم في المراحل اللاحقة من مفاوضات السلام حول قضية دارفور. وكان الخلاف حول قضية الأسرى أدى إلى فشل الجولة الثانية من المفاوضات في يونيو (حزيران) الماضي في الدوحة. وينفي زعيم الحركة إبراهيم خليل أن يكون شقيقه عشر من بين من تلح الحركة على الإفراج عنهم، ويقول «أفرجوا عن الآخرين عدا عشر».