ملفات السلام وإيران ولبنان في خطاب ساركوزي أمام المؤتمر السنوي للسفراء اليوم

عباس يزور باريس 3 سبتمبر.. وتشاؤم في باريس إزاء توجهات طهران

TT

تستعيد الدبلوماسية الفرنسية اليوم نشاطها مع بدء أعمال المؤتمر السنوي لسفراء فرنسا في العالم وذلك في الخطاب التقليدي الذي يلقيه الرئيس نيكولا ساركوزي بعد الظهر في قصر الإليزيه والذي سيكون بمثابة جردة شاملة للقضايا والبؤر العالقة عبر العالم والتوجهات الفرنسية إزاءها.

وبالإضافة إلى خطاب ساركوزي، يقدم كل من رئيس الحكومة فرنسوا فيون ووزير الخارجية برنار كوشنير مداخلة. وستقدم الخارجية يوم الخميس «أطلس الأزمات في العالم». ورغم أن التوجه العام للمؤتمر يتناول الأزمة الاقتصادية والمالية وتبعاتها، فإن المؤتمر سينكبّ على معالجة الملف النووي عشية افتتاح المناقشات الخاصة بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية كما يعالج موضوع المخابرات والدبلوماسية. ويتوقع أن تكون المسائل المرتبطة بالشرق الأوسط «معاودة إطلاق مفاوضات السلام، والملف اللبناني، والملف النووي الإيراني، والاتحاد من أجل المتوسط...» حاضرة بقوة في خطاب ساركوزي. واستبق الأخير خطابه بسلسلة من الاتصالات منها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وذلك قبل وصول الأخير إلى لندن في جولة تشمل بريطانيا وألمانيا. وقالت مصادر الإليزيه أمس إن الرئيس الفرنسي «شدد على أهمية إعادة إطلاق مسار السلام بقوة»، كما تناول مع نتنياهو «تفاصيل» خطوات ما يمكن القيام به على هذا الصعيد.

وفي السياق عينه، علم في باريس أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيقوم في الثالث من الشهر القادم بزيارة إلى فرنسا يلتقي خلالها الرئيس الفرنسي لتقويم ما آلت إليه جهود السلام على المستويين الإقليمي والدولي وتطور الأوضاع الفلسطينية الداخلية والوساطة مع حماس.

وما زالت باريس تعتقد أن أحد المخارج من المراوحة الحالية يمكن أن يكون عبر مؤتمر سلام دولي على أرفع المستويات يعطي دفعة سياسية قوية من أجل كسر الحلقة المفرغة التي تدور ضمنها الاتصالات. غير أن باريس تترقب ما ستؤول إليه الجهود الأميركية وما سيطرحه الرئيس الأميركي باراك أوباما في مبادرته المنتظرة بمناسبة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. غير أنها في الوقت عينه تريد أن يكون لها دور فاعل. وترجح باريس أن يقترح الرئيس الأميركي محادثات سلام متوازية على المسارات الثلاث الفلسطينية والسورية واللبنانية مع الالتزام بأن تلعب واشنطن دورا فاعلا فيها وأن لا تكتفي بدور «الوسيط» والتأكيد على أهمية قيام العرب بـ«إجراءات حسن نية» من شأنها «تشجيع» إسرائيل على التزام مواقف أكثر مرونة.

وبموازاة ملف السلام، تتابع باريس في الوقت عينه الملفات اللبنانية والسورية والإيرانية بما لها من تقاطع وتداخل مع موضوع السلام والجهود المبذولة من أجله. وما زالت باريس تشدد على أهمية قيام حكومة لبنانية تضم جميع الأطراف وعلى استعدادها لمد يد العون «من غير التدخل في شؤون لبنان الداخلية». غير أنها في الوقت عينه تبدي «عدم فهمها» للجمود الذي يضبط إيقاع الحركة السياسية في لبنان خصوصا أنها ترى أن «اللعبة الخارجية» كما يقول الوزير كوشنير قد تراجعت لصالح «اللعبة الداخلية».

وفيما يبرز اهتمام باريس بتطوير علاقاتها مع دمشق كإحدى الركائز الأساسية للدبلوماسية الفرنسية في المنطقة، وهو ما ظهر في موضوع الإفراج بكفالة عن الجامعية الفرنسية كلوتيلد ريس بوساطة سورية، تتابع فرنسا تطور العلاقات السورية ـ الإيرانية. وإذا كانت باريس تمتنع عن الحديث علانية عن المساعي الهادفة إلى إبعاد سورية عن إيران كوسيلة لعزل طهران عربيا وإقليميا والحد من تأثيرها السياسي في الشرق الأوسط، فإنها تعتبر أن أحد الأهداف المتوخاة من الانفتاح إلى دمشق هو «توفير خيارات سياسية إضافية» للقيادة السورية وإظهار المنافع التي يمكن جنيها من الابتعاد عن طهران واتباع سياسة «مجزية» اقتصاديا وسياسيا على الصُّعُد العربية والإقليمية والدولية. وتقول المصادر الدبلوماسية الفرنسية إن باريس «لا تنتظر تحولات» ذات معنى في هذه المرحلة على الأقل قبل أن يظهر مآل الحوار السوري ــ الأميركي وقبل أن تكشف واشنطن عن خطتها للسلام في الشرق الأوسط وتعرف سورية ما «حصتها» من هذه الخطة مقابل الخطوات المطلوبة منها في الملفات اللبنانية والفلسطينية والإيرانية. ويرى وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين أن ابتعاد دمشق عن طهران «يمكن أن يكون نهاية مسار» يتوّج عملية التقارب ولا يسبقها ويضمن لسورية مكاسب سياسية واقتصادية.

وتبدو باريس «متشائمة» مما ستحمله الأيام القادمة في ما خص الملف النووي الإيراني وتتوقع أن تجد إيران نفسها أواخر الشهر القادم أمام استحقاق مفصلي إذ ستنتهي المهلة التي أعطتها الدول الغربية ومجموعة الثماني لها حتى تعطى مؤشرات على رغبتها بحل مقبول لملفها النووي وتوفير ضمانات بخصوص طبيعته وغاياته. وسبق للرئيس الأميركي أوباما أن أعطى إيران مهلة حتى نهاية العام الجاري تصبح بعدها كل الخيارات مطروحة على الطاولة.

وتعتبر باريس أن مصلحة دمشق تكمن في القيام بـ«الاختيار الصحيح» وعدم ربط عربتها بالحصان الخاسر والمحافظة على مصالحها. وقالت الخارجية الفرنسية إن إيران التي تصم أذنيها على العروض التي قدمتها الدول الست (الخمس دائمة العضوية وألمانيا) لا تترك لهذه الدول خيارات أخرى غير «تشديد الضغوط» عليها من خلال عقوبات دولية إضافية مشددة.