صنعاء تتهم الحوثيين بالتنصل من اتفاقية الدوحة وترديد الأكاذيب

السلطات تعتقل «خلية حوثية» والمتمردون يجددون الدعوة إلى العودة إلى الحوار

TT

أعلنت السلطات اليمنية أمس عن اعتقال «خلية إرهابية حوثية» في مدينة صعدة القديمة، وذلك بعد الاشتباكات التي دارت بين أفراد تلك الخلية ورجال الأمن مساء أول من أمس. في وقت دعا عبد الملك الحوثي السلطات إلى إيقاف الحرب والعودة إلى التفاوض. وقال مصدر في السلطة المحلية بمحافظة صعدة إنه ألقي القبض على الخلية بعد أن قام أفرادها باقتحام منزل أحد المواطنين والتمترس بداخله، وإن إلقاء القبض عليهم تم بتعاون المواطنين من أبناء المدينة، في حين لم تتوافر معلومات حول الوضع الميداني في جبهات القتال.

واتهم المصدر أفراد الخلية بإطلاق النار على رجال الأمن وقتل احدهم، وقال إن الاشتباكات التي تلت استهداف رجال الأمن، أسفرت عن مقتل عدد من «العناصر التخريبية» وإلقاء القبض على عدد، دون ذكر أرقام متعلقة بعدد أفراد الخلية الحوثية أو القتلى الذين سقطوا منهم. وأشار المصدر إلى أن الحوثيين القتلى والمقبوض عليهم في مدينة صعدة القديمة، حاولوا استخدام سكان المنزل الذي اقتحموه كدروع بشرية، وإلى أن أجهزة الأمن شرعت في التحقيق مع المعتقلين، وقال إن الوضع الأمني داخل المدينة «مستتب».

وكانت مناطق متفرقة من مدينة صعدة القديمة شهدت اشتباكات مساء الاثنين، وصفها بعض شهود العيان بأنها تشبه «حرب الشوارع»، وجاءت هذه الحادثة بعد محاولات متكررة لمسلحين حوثيين الدخول إلى المدينة من أكثر من مدخل، لكن الجيش اليمني تمكن ـ في كل مرة ـ من صد هجماتهم.

ودعا عبد الملك الحوثي، القائد الميداني للحوثيين في اليمن السلطات إلى إيقاف الحرب والعودة «إلى تفاوض حقيقي وجاد» معتبرا ذلك أنه هو الأمر «الطبيعي». وقال إن الملفات العالقة بين الطرفين «يمكن حلها عندما تكون هناك نية صادقة للحل» وإن جماعته كانت دائما «صاحبة مبادرات»، معلنا استعداد الحوثيين الكامل لتسهيل مهام لجان الإغاثة المحلية والدولية للعمل على إغاثة ومعالجة النازحين والجرحى. وأشار إلى أن الحرب التي تشنها السلطات اليمنية «لن تقدم لها أي شيء سوى المزيد من معاناة الشعب اقتصاديا وسياسيا وفي كل مقوماته الأساسية»، محذرا من أن الحرب ستنتج عنها «مخرجات كبيرة لن يتحملها الشعب»، جراء ما سماه بـ «تهور السلطة» التي اتهمها الحوثي بالسعي «لخدمة مشاريع خارجية بالدرجة الأولى مسترخصة دماء اليمنيين ومفرطة في سيادة بلده»، بحسب الحوثي.

وفي بيان صادر عنه، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، اعتبر الحوثي أن ما سماها «حقيقة الصراع» مع السلطة «ليس ما تدعيه من قطع الطرقات واحتلال المديريات وممارسة دور السلطة المحلية»، وإنما بسبب «موقفنا من أميركا وإسرائيل»، وهو الموقف الذي قال البيان إنه يتم التعبير عنه «بطريقة سلمية، بعمل ثقافي بحت والتثقيف بثقافة القرآن الكريم ومقاطعة البضائع الأميركية والإسرائيلية»، ردا على «اعتداءاتها المتكررة بحق الأمة الإسلامية». ونفى القائد الميداني الحوثيين أن تكون جماعته تقوم بقطع الطرق أو ممارسة دور السلطة المحلية، وقال «لا نعترض وجودها» وإنها تمارس دورها «وإنما تحاول التضليل حتى يتسنى لها ارتكاب مجازرها الوحشية»، حسب تعبيره.

في هذه الأثناء، اتهم مصدر في الحكومة اليمنية من وصفهم بـ «العناصر التخريبية الحوثية المتمردة الخارجة على النظام والقانون»، بترديد «الأكاذيب وتزييف الحقائق حول زعمها بالتمسك باتفاقية الدوحة». وقال المصدر في بيان، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن الجميع يعلم بأن «تلك العناصر أول من تنكر لتلك الاتفاقية وعملت على الالتفاف عليها ونسفها في إطار مساعيها لإشعال الحرب والاستمرار في مسلسل الفتنة التي أشعلتها في محافظة صعدة».

ووضح المصدر ما قال إنها «مصفوفة مقارنة»، تظهر مدى «مخالفة العناصر التخريبية المتمردة لاتفاقية الدوحة وتنكرها لها وزيف ادعاءاتها الباطلة حول تمسكها بتلك الاتفاقية»، وتوضح ما «اتخذته الحكومة من خطوات وإجراءات في إطار الالتزام الفعلي تنفيذ تلك الاتفاقية سواء ما يتعلق بالالتزام بوقف العمليات العسكرية في جميع المناطق أو إطلاق عدد من العناصر التخريبية المحتجزة على ذمة أحداث الفتنة التي أشعلتها أو سحب طلب تسليم المدعو يحيى الحوثي من الشرطة الدولية»، وكذا «تشكيل لجنة للتحري والتأكد من الخروقات المرتكبة والرفع بها وتشكيل لجنة من الطرفين للبحث عن المفقودين وتسليم الجثث الموجودة لذويها وتقديم كل طرف الكشوفات المتوفرة لديه.. بالإضافة إلى تشكيل لجنة من جمعيتي الهلال الأحمر اليمني والهلال الأحمر القطري ومديري المديريات ووجهات المناطق من أجل إعادة الحياة إلى طبيعتها وهو ما تم بالفعل».

وأضاف المصدر اليمني أنه وفي سياق الالتزام الرسمي باتفاقية الدوحة «تم تسليم الجانب القطري خطة وآلية حول بسط سلطة الدولة في المحافظة من قبل السلطة المحلية وكشفٍ بالأسلحة التابعة للجيش والأمن بالإضافة إلى كشوفات تتضمن السيارات والمعدات التابعة للدولة والمواطنين وتشكيل لجنة رئاسية للإشراف ومتابعة تنفيذ بنود الاتفاق».

وقال المصدر إنه وفي المقابل «ظلت العناصر الحوثية المتمردة تماطل في تنفيذ أي من البنود السابقة بالإضافة إلى رفضها النزول من جبل عزان وبقية الجبال والمواقع الأخرى»، رغم أن «ممثل الإرهابيين الحوثيين المدعو صالح هبرة قد التزم بنزول العناصر الحوثية من الجبال وكافة المواقع في ثماني مديريات هي (حيدان، ساقين، غمر، مجز، قطابر، سحار، كتاف، الصفراء) ولكنهم ظلوا يماطلون وأصروا على تأجيل خروجهم من منطقتي (مطرة ونقعة) ومن جبل عزان وأظهروا نوايا سيئة إزاء التعامل مع الاتفاقية بهدف إفشالها وتوتير الأجواء ونسف كل الجهود المبذولة من أجل إعادة الهدوء وتحقيق السلام».

وجدد المصدر الرسمي، دعوة الحوثيين إلى «الجنوح للسلم والتخلي عن نهج الحرب والقتل والتخريب والاستجابة غير المشروطة للدعوة الموجهة من فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية بالالتزام بالنقاط الست التي حددتها اللجنة الأمنية العليا لتلك العناصر لتحقيق السلام دون أي تلكؤ أو مكابرة». ويأتي اتهام صنعاء للحوثيين بعدم تطبيق اتفاقية الدوحة، بعيد أيام على تصريحات صحافية للنائب يحيى الحوثي، اتهم فيها السلطات اليمنية بالتنصل من تطبيق تلك الاتفاقية.

وفي إطار التصعيد الرسمي والتضييق على الحوثيين، بدأت نيابة أمن الدولة والإرهاب بصنعاء التحقيق مع 12 متهما بالانتماء لـ «فتنة التمرد». وقالت مصادر قضائية إن المتهمين الاثني عشر ألقي القبض عليهم في «الأعمال التخريبية الأخيرة في محافظة صعدة»، ويواجه المتهمون عددا من التهم المتعلقة «بالاشتراك في عصابة مسلحة للإضرار بالوطن، نتج عنها مقتل العديد من المواطنين الأبرياء وأفراد القوات المسلحة والأمن» وكذا «الاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة ونهب محتوياتها».

وكخطوة تهدف ـ على ما يبدو ـ إلى تأكيد السيطرة على مديرية حرف سفيان ومنطقة الملاحيظ ورفع معنويات الضباط والجنود المقاتلين، قام وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد يرافقه اللواء الركن سالم علي قطن نائب رئيس الأركان للقوى البشرية واللواء الركن علي صالح الأحمر مدير مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة ومدير دائرة الاستخبارات العسكرية، بزيارة إلى المنطقتين للاطلاع عن كثب «على سير تنفيذ المهام والأعمال المسندة للمقاتلين ومطاردتهم لفلول عصابة التخريب والإرهاب والتمرد الحوثية».

ونقل عن وزير الدفاع إشادته بـ «النجاحات النوعية المتميزة التي نفذها منتسبو القوات المسلحة والأمن في مديرية حرف سفيان وعدد من مديريات محافظة صعدة»، وتحيته لـ «الأدوار البطولية للمقاتلين الميامين الذين ألحقوا بعناصر عصابة الشر هزائم متلاحقة علها تعيدها إلى جادة الصواب بعد أن رفضت نداء السلام وعاثت في الأرض فسادا».