خاتمي: اعترافات محاكمات متهمي احتجاجات الانتخابات أكاذيب

القوى الكبرى تتجه لفرض عقوبات جديدة ووكالة «فيينا» تشير إلى تباطؤ البرنامج النووي الإيراني

عدد من الصحافيين يشاهدون كميات من الاسلحة تمت مصادراتها من جماعة «جند الله» المتمردة في زهدان على بعد 1000 كيلومتر جنوب شرق طهران (رويترز)
TT

قال الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي أمس إن الاعترافات التي أدلى بها محتجزون أثناء محاكمة جماعية لإصلاحيين بينهم مساعدون سابقون له متهمون بإثارة اضطرابات بعد انتخابات الرئاسة، لا أساس لها من الصحة.

ونقلت وكالة الأنباء العمالية عن خاتمي قوله في بيان صادر عن مكتبه بعد يوم من بدء المحاكمة الجماعية الرابعة في إيران في أعقاب الانتخابات التي جرت في يونيو (حزيران) والمتنازع على نتيجتها: «هذه الاعترافات لا أساس لها من الصحة وتم استخلاصها في ظل أوضاع غير عادية.. مثل هذه المزاعم أكاذيب وتخلو من الصحة». وكانت جلسة محاكمة أول من أمس مثل فيها سعيد حجاريان وهو إصلاحي بارز ومساعد سابق لخاتمي عندما كان رئيسا ونسب إليه حسب البيانات الرسمية الإيرانية أنه ارتكب أخطاء كبيرة خلال الانتخابات عندما قدم تحليلات خاطئة وأنه يقدم اعتذاره للشعب الإيراني عن ذلك. وطلب الادعاء توقيع أقصى عقوبة له على التهم التي تضم التصرف ضد الأمن القومي الإيراني، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى حد الإعدام.

وكان في قفص الاتهام أيضا أول من أمس عدد من الإصلاحيين البارزين بينهم مساعد وزير الداخلية الأسبق مصطفى تاج زاده ومساعد وزير الخارجية الأسبق محسن أمين زاده. ونسب في جلسة المحكمة إلى الأكاديمي الإيراني ـ الأميركي كيان تاجبخش أن خاتمي التقى في نيويورك الملياردير العالمي جورج سوروس الذي وصف بأنه يحرض على ثورة مخملية في إيران. ووصف خاتمي هذا الادعاء بأنه كذبة أخرى. وقد نفى أيضا مهدي رفسنجاني نجل الرئيس الأسبق ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني الادعاءات التي ذكرت في المحكمة عن أنه كان يحض الإصلاحيين على الإعلان بأن انتخابات الرئاسة التي أعلن أن أحمدي نجاد فاز بها مزورة.

وفي إطار الجدل بين الإصلاحيين بزعامة المرشح الرئاسي الخاسر موسوي والمحافظين حول تعذيب المحتجزين ودفن بعضهم في مقابر سرية، نفى الرئيس السابق لأكبر مقبرة في طهران أمس أن يكون هناك أي دفن جماعي قد تم في المقبرة وذلك بعد أن قال نائب في البرلمان إن لجنة تحقق في شائعات عن أن محتجين قتلوا خلال المظاهرات دفنوا في هذا الموقع.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن محمود رضايان قوله: «لم يحدث أي دفن جماعي.. في مقبرة جنة الزهراء». وكان النائب حامد رضا كاتوزيان قال أول من أمس إن لجنة شكلها البرلمان للوقوف على الأحداث التي أعقبت انتخابات الرئاسة المتنازع على نتائجها والتي أجريت في يونيو (حزيران) تحقق في شائعة بخصوص مقبرة جنة الزهراء إلى الجنوب من طهران.

وقال موقع «نوروز» الإصلاحي على الإنترنت الأسبوع الماضي إن «العشرات» دفنوا في مقابر لا تحمل شواهد يومي 12 و15 يوليو (تموز) بعد نحو شهر من الانتخابات التي أشعلت احتجاجات في الشوارع. ولم يحدد «نوروز» أسماء الذين دفنوا أو كيفية موتهم.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن كاتوزيان قوله أمس: «يتولى البرلمان التحقيق في شائعة بشأن دفن جماعي لمحتجزين بعد الانتخابات». وقال رضايان الذي نفى أيضا تقريرا صحافيا عن عزله أن جزءا من أحد قطاعات المقبرة الذي أشار إليه تقرير «نوروز» ويحمل رقم 302 استخدم لدفن أشخاص مجهولين قتلوا في حوادث سيارات أو بسبب جرعات زائدة من المخدرات.

وأكد: «دفنوا وفقا للعادات القانونية والدينية... كل المدفونين في القطاع 302.. لديهم وثائق طبية من مكتب الطب الشرعي أو المستشفيات المعنية وتلك الوثائق متاحة للجميع». ويقول مرشحون هزموا في الانتخابات إن 69 شخصا قتلوا في الاضطرابات التي اندلعت بعد الانتخابات التي يقولون إنه تم التلاعب فيها لصالح الرئيس محمود أحمدي نجاد.

ودفعت الانتخابات والاضطرابات التي أعقبتها بإيران إلى أكبر أزمة داخلية منذ الثورة الإسلامية عام 1979 وكشفت عن انقسامات شديدة بين النخبة الحاكمة.

وألقي القبض على الآلاف خلال الاضطرابات واسعة النطاق في شوارع طهران بعد الانتخابات. وما زال 200 على الأقل رهن الاحتجاز وبينهم ساسة معتدلون بارزون ونشطاء ومحامون وصحافيون.

في غضون ذلك أعلن علي بنائي العضو في مجمع علماء الدين النواب في مجلس الشوري الإسلامي بأن أعضاء المجمع التقوا الرئيس محمود أحمدي نجاد مساء أول من أمس، وتم البحث وتبادل وجهات النظر حول تشكيله الحكومة العاشرة. وأضاف: أن علماء الدين النواب في مجلس الشوري الإسلامي طرحوا في اللقاء وجهات نظرهم حول تخصصات وکفاءات وماضي أعضاء الحكومة المقترحة.

وتابع قائلا: إن رئيس الجمهورية طرح في اللقاء أيضا بعض الأمور بشأن تشکيل الحكومة وکيفية اختيار أعضائها وتناول النقاط التي أخذها بنظر الاعتبار في عملية الاختيار. على صعيد الملف النووي الإيراني من المقرر أن يعلن مفتشو الأمم المتحدة أن إيران أبطأت من التوسع في برنامجها النووي وأنها أصبحت أكثر تعاونا معهم في الوقت الذي تستعد فيه قوى كبرى لبحث فرض عقوبات أشد على طهران.

وقالت «رويترز» في تقرير لها: أيا كان قرار القوى الكبرى النهائي فسوف يعتمد على كيفية تفسير تقرير المفتشين.. هل بدأت إيران تبتعد حقا عن سياسة التحدي فيما يتعلق ببرنامجها النووي وبدأت تفتح الباب للمفاوضات أم أنها تتخذ مجرد خطوات مؤقتة بهدف الإبقاء على معارضة روسيا والصين لفرض عقوبات أشد وكسب الوقت حتى تتمكن طهران من تحسين برنامج تخصيب اليورانيوم.

ويميل دبلوماسيون من قوى غربية متشككة إلى التصور الثاني بينما ينتظرون تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة المقرر صدوره اليوم الخميس أو يوم غد الجمعة في فيينا.

وصرح دبلوماسي غربي لـ«رويترز»: «من الصعب اعتبار هذا الأمر أكثر من مجرد حيلة مكشوفة للظهور بمظهر متعاون في محكمة الرأي العام. للأسف فإن هذه الحيلة من المحتمل أن تنجح». وأضاف الدبلوماسي في إشارة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين: «يسيء الناس تفسير خطوة هي فنية على الأرجح من جانب إيران على أنها إشارة سياسية. إذا كانت إيران تريد بعث إشارة لنا فسوف توقف التخصيب أو على الأقل تقبل عرض مجموعة القوى الخمس الكبرى زائد واحد بعقد اجتماع». ومن المتوقع أن تحث الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا كلا من روسيا والصين الأسبوع المقبل على المشاركة في صياغة مجموعة رابعة من عقوبات الأمم المتحدة التي ربما تستهدف قطاع النفط الحيوي في إيران ما لم تتوقف طهران عن مراوغة مطالب بإجراء محادثات نووية بحلول نهاية سبتمبر (أيلول).

وقال دبلوماسيون إنه للمساعدة على استمالة روسيا والصين تريد قوى غربية من وكالة الطاقة الذرية أن تصدر مع التقرير ملخصا سريا لتحرياتها عن تقارير مخابرات غربية تزعم أن إيران درست كيفية تصميم قنبلة نووية.

وقال دبلوماسي مقرب من الوكالة إن هذا الأمر يجري بحثه بعد عام من إعاقة إيران للتحريات مع وصف طهران للمواد الاستخباراتية بأنها مزورة.

ولكنه أضاف أن وكالة الطاقة الذرية لا تملك دليلا يظهر بشكل لا يدع مجالا للشك أن إيران لديها نية لصنع قنبلة.

وذكر دبلوماسيون أن من المتوقع أن تقول الوكالة إن إيران لم تتوسع في عدد أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في محطة «نطنز» تحت الأرض منذ نهاية مايو (أيار) بعد أن كانت تعزز طاقة الإنتاج بشكل منتظم على مدى السنوات الثلاث الماضية.

ولكنهم قالوا إنه إلى جانب نحو خمسة آلاف جهاز طرد مركزي كانت تخصب اليورانيوم حتى 31 مايو (أيار) ركبت إيران أيضا أكثر من ألفي جهاز يمكن إضافتها لخط الإنتاج خلال أسابيع محدودة. وهذا يعني أن إيران يمكن أن تستأنف التوسعة سريعا إذا أرادت ذلك.

وقال دبلوماسي رفيع في فيينا إن تردد إيران في تركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي يبدو أمرا فنيا لأن بعض الآلات المستخدمة تجرى لها عمليات صيانة وإصلاح. وأضاف أن الوحدات المتبقية تعمل بشكل طبيعي.

ويقول بعض المحللين إن إيران لديها الآن ما يكفي من اليورانيوم المخصب بدرجة منخفضة لتحويله ليورانيوم عالي التخصيب اللازم لصنع قنبلة نووية. ولكن مدير المخابرات الأميركية قال إن من غير المرجح أن تكون إيران قادرة فنيا على تحويل اليورانيوم لأسلحة قبل عام 2013.

وقال دبلوماسيون إن إيران وافقت أيضا على مطالب من وكالة الطاقة الذرية بتحديث سبل جمع المعلومات وكاميرات المراقبة التي وضعتها الوكالة في محطة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم.

وكان مفتشون يشكون من أن توسع إيران الكبير في عمل الطرد المركزي منذ العام الماضي يفوق قدرتهم على التحقق من عدم تحويل أي مواد للأغراض العسكرية. بالإضافة إلى ذلك سمحت إيران بتفتيش موقع مفاعل «آراك» الذي يعمل بالماء الثقيل وهو موقع تحت الإنشاء يخشى مسؤولون غربيون أنه ربما يستخدم في إنتاج البلوتونيوم المستخدم في صنع الأسلحة بعد أن منعت الزيارات له لمدة عام.

وقال متحدث باسم الخارجية الإيرانية يوم الاثنين إن الأنشطة النووية ستظل خاضعة لمراقبة الوكالة بما يتوافق مع معاهدة حظر الانتشار النووي ولكنه لم يذكر الخطوات الجديدة.

وقالت واشنطن إن الخطوات الإيرانية لا ترقى إلى حد الشفافية الشاملة الملزمة اللازمة لإنهاء مشاعر الريبة.

بالإضافة إلى ذلك ذكر رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون يوم الاثنين أن إيران تواجه عقوبات أشد ما لم تتعاون على الفور للحد من برنامجها النووي.

إلى ذلك، قالت وكالة «اسوشييتدبرس» إن طهران حصلت على دعم من أكثر من مائة دولة من دول عدم الانحياز لمشروعها الذي قدمته إلى وكالة الطاقة الذرية في فيينا لمنع شن أي دولة هجمات على منشآت نووية. وأشارت «أسوشييتدبرس» إلى أنها اطلعت على الوثيقة التي تحمل توقيع 118 دولة من دول عدم الانحياز وستقدم إلى المؤتمر السنوي للوكالة الذي سيعقد يوم 14 سبتمبر (أيلول) المقبل. وتهدف إيران من هذا المشروع إلى محاصرة مخاطر أن توجه إسرائيل ضربة إلى منشآتها النووية. وسيتطلب الاقتراح الإيراني أغلبية بسيطة لإقراره. وستقدم إيران اقتراح الحظر في الاجتماع السنوي لأعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعددهم 150 دولة الشهر القادم.

وقالت مصر، في رسالة موجهة إلى مدير عام الوكالة محمد البرادعي، إن إيران لديها دعم 118 دولة أعضاء في حركة عدم الانحياز، وهي منظمة تؤيد حق إيران في امتلاك برنامج نووي مدني تحت مظلة منع الانتشار النووي، وإيران عضو في حركة عدم الانحياز. وأصدرت الدول الأعضاء بالوكالة الدولية للطاقة الذرية عدة قرارات كان آخرها عام 1990، وكان أيضا بناء على اقتراح إيراني، وهو قرار يحظر أي هجوم على أو تهديد لمنشآت نووية سلمية.

لكن إيران تقول إن قرارا ملزما بشكل قانوني أصبح مطلوبا في الوقت الحالي، لأن إسرائيل خرقت مثل هذا الحظر من قبل.