واشنطن متخوفة إزاء إمكانية نصب خيمة القذافي الشهر المقبل في نيوجيرسي

بسبب إقامة أقارب ضحايا سقطوا في اعتداء لوكربي بها

TT

غالبا ما يصطحب الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي خيمته البدوية في رحلاته الخارجية، وقد نصب واحدة في القاهرة وروما وفي قصر الإليزيه بباريس. لكن التقارير التي أفادت بأنه ينوي نصب واحدة في بلدة إنغلوود بنيوجيرسي خلال زيارته الشهر المقبل لأميركا أثارت غضب المشرعين في الولايات المتحدة كما أثارت أزمة دبلوماسية في واشنطن. وقال النائب ستيفين آر روثمان (ديمقراطي عن نيوجيرسي)، الذي تشمل مقاطعته إنغلوود، أول من أمس، إنه قد أحال الأمر إلى وزارة الخارجية والبيت الأبيض، وقد «حث بقوة الحكومة الليبية على أن يبقى القذافي في مدينة نيويورك فقط»، عندما يزور المدينة لإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

واحتل هذا الموضوع الأخبار اليومية لوزارة الخارجية، حيث قال المتحدث الرسمي إيان كيلي إن المسؤولين يحاولون الاتصال بأعضاء في الكونغرس والسلطات المحلية بشأن الخيمة.

وأضاف كيلي: «نحن نتحدث أيضا إلى الليبيين لتوضيح مخاوفنا وتوضيح الحساسيات أو المخاوف التي قد تعتري العائلات في هذه المنطقة».

وبعد عقود من العداء، فإن ليبيا الغنية بالنفط والولايات المتحدة، طبعتا العلاقات خلال السنوات الأخيرة، حيث أعلنت حكومة القذافي عدم دعمها للإرهاب وقامت بتفكيك برنامج الأسلحة النووية لديها. وقد التقى المعتصم نجل القذافي بوزيرة الخارجية هيلاري رودهام كلينتون في أبريل (نيسان) الماضي في إطار محاولة إعادة العلاقات بين البلدين. لكن المسؤولين الأميركيين شعروا بالضيق الشديد نظرًا إلى الاستقبال الحافل الذي أقامته ليبيا الأسبوع الماضي للترحيب بقدوم المفجر المدان بالهجوم على طائرة «بان أميركان» رقم 103، فوق لوكربي باسكوتلندا عام 1988. وحذر المسؤولون من أن العلاقات بين البلدين سوف تتضرر إذا استمر الترحيب الحكومي الليبي بعبد الباسط علي المقراحي، الذي أطلق سراحه من سجن اسكوتلندي أخيرا. وكان 38 من بين ضحايا حادث لوكربي، الذين بلغ عددهم 270 يعيشون في نيوجيرسي. وسوف تكون هذه الزيارة في الشهر المقبل هي الأولى من نوعها التي يقوم بها الزعيم الليبي إلى الولايات المتحدة منذ توليه السلطة عام 1969. وقد طلب نصب خيمته في الحديقة المركزية بنيويورك خلال جلسة الأمم المتحدة، بيد أنه نقل عن جاسون بوست، وهو المتحدث الرسمي باسم عمدة نيويورك مايكل آر بلومبرغ، قوله «إننا قلنا لا». وبعد تقارير وردت في الصحف المحلية عن أن الحاكم العربي بدلا من ذلك سوف ينصب الخيمة على أرض خاصة بمنزل تمتلكه بعثة ليبيا في الأمم المتحدة في إنغلوود، وهي مدينة يقطنها نحو 29 ألف نسمة وتقع على بعد 12 ميلا من مانهاتن، كتب السيناتور فرانك لوتنبرغ (ديمقراطي من نيوجيرسي) إلى كلينتون يوم الاثنين الماضي قائلا إن تأشيرة القذافي «تقتصر على المناطق المحيطة بمقر الأمم المتحدة فقط».

وقال روثمان إن الليبيين اشتروا منزل إنغلوود عام 1982 عندما كان عمدة للمدينة. وفي هذا الوقت أرسلت وزارة الخارجية إلى الحكومة الليبية خطابا تقول فيه إن هذا المنزل سوف يُستخدم فقط من قِبل عائلة السفير الليبي لدى الأمم المتحدة لا من قِبل القذافي. وقال عضو الكونغرس الأميركي إنه أكد للمسؤولين الفيدراليين على أن هذه الشروط «يجب أن لا يتم التنازل عنها تحت أي ظرف من الظروف».

وتنبع هذه الاعتراضات بصورة جزئية من المخاوف بشأن أمن الرؤساء، ومن ناحية أخرى بسبب أن «القذافي له سمعة مستحقة كدكتاتور قاتل تلطخت يداه بدم الأميركيين»، كما يقول روثمان. وقال كيلي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أول من أمس، إن الحكومة الليبية لم تقرر بعد مكان إقامة القذافي. وأفادت المتحدثة الرسمية باسم السفارة الليبية نيكول ديكوكو، لوكالة «أسوشييتد برس» أنه قد يتم نصب خيمة القذافي في إنغلوود، ولكن من أجل المناسبات الاجتماعية فقط، لا النوم». وعند الاتصال بها يوم الثلاثاء من قِبل «واشنطن بوست»، قالت ديكوكو «علينا الاتصال بإحدى شركات العلاقات العامة. وقد رفض نائب هنا وهو مولي كونروي التعليق». وقال حاخام أرثوذكسي يعيش بجوار المنزل الليبي إنه يخطط لجمع السكان المحليين في منزله يوم الأحد من أجل التظاهر ضد زيارة القذافي. وقال شمولاي بوتيتش: «لقد أظهر القذافي صورته الحقيقية. لقد رحب بالمقراحي كرمز على الرغم من اقترافه جريمة جماعية نكراء».

وأُطلق سراح المقراحي، الذي يعاني من سرطان البروستاتا، من قِبل السلطات الاسكوتلندية في الأسبوع الماضي لأسباب إنسانية بعد قضاء ثماني سنوات من العقوبة المقررة وهي 27 عاما.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»