وفاة السناتور كنيدي بعد مرض عضال.. وأحد أبنائه مرشح لحمل مشعله في الكونغرس

أوباما: لقد انتهى فصل مهم من تاريخنا وبلدنا خسر قائداً عظيماً

توقيعات تعاز أمام صورة حديثة لإدوارد كنيدي، كما تبدو أمس أمام مدخل متحف جون اف كنيدي في هيانيس بولاية ماساتشوستس (ا.ف.ب)
TT

توفي السناتور الديمقراطي الأميركي ادوارد «تيد» كيندي احد كبار وجوه السياسة الأميركية مساء أول من أمس عن 77 عاما بسرطان في الدماغ. وبوفاته انتهى فصل مهم من تاريخ الولايات المتحدة وعلاقتها مع آل كيندي التي تعتبر اقرب شيء لعائلة مالكة في البلاد. فادوارد، شقيق الرئيس المغتال جون كيندي وشقيق مرشح الرئاسة المغتال بوبي كيندي، كان يمثل آخر أعضاء ذلك الجيل من آل كيندي الذي ادخل ثورة على الحزب الديمقراطي. وأعلنت عائلة كيندي في بيان أن «ادوارد م. كينيدي، الزوج والأب والجد والشقيق والعم الذي كنا نحب ونعز، توفي في وقت متأخر مساء الثلاثاء في منزله في هيانيس بورت» بولايته مساتشوستس، مضيفة أن «خسارتنا لا تعوض بفقدان ركيزة عائلتنا ونورا كان يضيء حياتنا ويبهجها، لكن إيمانه وتفاؤله ومثابرته ستبقى حية في قلوبنا إلى الأبد». وأكدت العائلة أن الفقيد «كان يحب بلده وكرس حياته لخدمته» مشددة على «نضاله الذي لم يعرف الكلل» من اجل العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر.

وعلى الأثر توالت ردود الفعل المعزية بالراحل والمشيدة به سواء من داخل الولايات المتحدة أم من خارجها. فقد عبر الرئيس الأميركي باراك اوباما عن حزنه الشخصي والحزن الأوسع في الأوساط الديمقراطية الأميركية لوفاة كيندي، وقال: «لقد انتهى فصل مهم من تاريخنا». وأضاف اوباما في بيان أن زوجته «ميشيل وأنا انكسر قلبنا لنسمع هذا الصباح بوفاة شقيقنا العزيز السناتور تيد كندي»، مضيفاً انه «لخمسة عقود، تقريباً كل تشريع أساسي لدعم الحقوق المدنية والوضع الصحي والاقتصادي للأميركيين حمل اسمه وجاء نتيجة لجهوده».

ويذكر أن علاقة قوية تربط اوباما وكيندي الذي قرر دعم اوباما عند ترشحه للرئاسة وكانت مبايعته لاوباما ليقود الحملة الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية العام الماضي جزءاً أساسيا في فوز اوباما في الانتخابات الداخلية للحزب الديمقراطي أمام منافسته السابقة هيلاري كلينتون. وصرح اوباما في البيان أمس أن «فصلا مهما من تاريخنا انتهى وبلدنا خسر قائدا عظيما حمل شعلة إخوانه الذين سقطوا وأصبح أعظم سناتور أميركي في تاريخنا». وكرر اوباما هذه المشاعر في خطاب مقتضب ألقاه من مقر إجازته أمس، قائلاً إن كيندي كان «مدافعا عن حلم» الولايات المتحدة. وبدأ اوباما خطابه بالقول: «خلال السنوات الماضية الأخيرة، كان لي الشرف في أن أنادي تيدي زميلاً ومستشاراً وصديقاً». وتوفي ادوارد بعد 15 شهراً من اكتشاف إصابته بسرطان الدماغ. وقال اوباما أمس إن «اسم كيندي يرادف الحزب الديمقراطي وأحيانا تيد كان هدفاً لهجمات حزبية ولكن في مجلس الشيوخ الأميركي، لا استطيع أن اذكر أحدا. كان محل احترام ومحبة من كلا الحزبين».

وبينما تنعي الأوساط الديمقراطية وفاة كيندي، كانت أيضا تفكر في مسألة خلافته في مجلس الشيوخ الأميركي. فبعد وفاة السناتور عن عمر 77 عاماً، والذي دخل مجلس الشيوخ للمرة الأولى عام 1962، برزت تساؤلات عن الشخصية التي ستمثل ولاية ماستشوستس بعده. وهناك تكهنات بأن يملأ احد أبناء تيد كيندي، إما ادوارد جونير أو باتريك، مقعد والدهما في مجلس الشيوخ، بينما زوجته فيكتوريا عبرت عن عدم رغبتها في تولي المنصب. لكن السؤال الأكبر هو حول قدرة الديمقراطيين على تمرير القوانين التي يريدونها في الكونغرس بعد غيابه. فبعد انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سيطر الديمقراطيون على البيت الأبيض والكونغرس، ليكون هناك 60 سناتوراً ديمقراطياً في مجلس الشيوخ، وهو العدد الذي يكفل للديمقراطيين الأغلبية الضرورية لتمرير أي قانون من دون الاعتماد على المعارضة. ويطلق على هذا العدد تسمية «الأغلبية السوبر»، إذ 60 من 100 مقعد في مجلس الشيوخ بحوزة الديمقراطيين. إلا أن القوانين الخاصة بولاية ماستشوستس تعني أن أشهراً قد تمر قبل تعيين خلف لكيندي. وكان السناتور المخضرم على دراية بهذه المعضلة، وخشي أن تكون وفاته سبباً في عرقلة تمرير أجندة الرئيس الديمقراطي الجديد. ففي 2 يوليو (تموز) الماضي، كتب رسالة يطالب فيها محافظ ماساتشوستس بتعديل قوانين الولاية لتعيين خلف فور وفاته. وبموجب القانون الحالي، يجب إجراء انتخابات خاصة بالولاية خلال فترة ما بين 145 و160 يوماً بعد فراغ مقعد في مجلس الشيوخ، ومن يفوز بالانتخابات، يملأ الفراغ إلى حين انتهاء ولاية السناتور. ونشرت الرسالة الأسبوع الماضي بعد الكشف عن مضمونها، إذ كان كيندي يريد أن يبقي مشاوراته مع قادة الحزب الديمقراطي حول تعديل القانون سرية إلى حين الانتهاء منها. وكان كيندي يطالب بتعيين خلف مؤقت له بعد وفاته ولكن توفي من دون تعديل القانون. ويعتبر ملء المقعد الديمقراطي في مجلس الشيوخ أمراً أساسيا لحماية الأغلبية الديمقراطية لتمرير قوانين يعارضها الجمهوريون وعلى رأسها قانون إصلاح الرعاية الصحية في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن اوباما قال انه يرغب في تمرير القانون من خلال توافق بين الحزبين، إلا أن أغلبية الـ60 مقعدا تحمي قدرته على تمرير القانون بدعم حزبه فقط في حال واصلت الجهة الجمهورية معارضتها للقانون المثير للجدل. وكان كيندي قد قال إن منح الرعاية الصحية لكل الأميركيين «قضية حياتي» وكان يأمل بأن يرى تشريعا «يضمن لكل أميركي رعاية صحية جيدة كحق أساسي» في خطابه أمام الحزب الديمقراطي العام الماضي. بدوره، بدا نائب الرئيس الأميركي جو بايدن متأثراً برحيل كيندي، وقال، إنه عمل إلى جواره لأكثر من 30 عاما في مجلس الشيوخ. وبينما كان يرتقب أن يلقي بايدن خطابا حول الطاقة البديلة في واشنطن أمس، قال انه من غير الممكن عدم التطرق إلى وفاة كيندي. مضيفاً، «تيدي عاش حياته يعمل لأميركا منصفة وأكثر عدالة». وكان بايدن يجلس بجوار كيندي في مجلس الشيوخ وعملا في اللجنة القضائية للمجلس معاً، وكان يعمل عن قرب معه بشكل يومي. وعبر بايدن عن امتنانه الشخصي لكيندي، إذ مثل اوباما وكثير من الديمقراطيين، نجح بايدن في مسيرته بناء على الدعم الذي تلقاه من كيندي. وقال بايدن: «لم أكن أقف هنا لو لا تيدي كيندي، وإنني أعني ذلك حرفياً». ورغم انتقاد كثير من الجمهوريين لمواقف كيندي السياسية خاصة دعمه لنظام رعاية صحية لكل الأميركيين، فإنهم قدموا تعازيهم بوفاته. ووصف ميل مارتينيز، الرئيس السابق للحزب الجمهوري، كيندي أمس بـ«أسد مجلس الشيوخ». وعبر المرشح الجمهوري السابق لرئاسة الولايات المتحدة السيناتور جون ماكين عن أسفه لوفاة كيندي بإصدار بيان يقول فيه انه «لا يمكن استبدال» كيندي. ومشيداً بـ«إصراره الصادق في التوصل إلى أرضية مشتركة للتقدم في القضايا التي تهم الجميع».

كذلك، عبر الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر عن حزنه لوفاة كيندي الذي قال عنه، على قناة «سي إن إن»، انه صديق عزيز رغم خصومات سياسية سابقة بينهما. وبدورها، قالت زوجة الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، نانسي ريغان، في بيان ان زوجها وكيندي «استطاعا دائماً التوصل الى أرضية مشتركة وكان لديهما احترام كبير لبعضهما البعض».