عبد العزيز الحكيم.. واحد من اثنين فقط من 10 إخوة لم يموتا اغتيالا

تميز في الدراسة الحوزوية.. وتبنى في إيران الكفاح المسلح ضد صدام

عبد العزيز الحكيم («الشرق الأوسط»)
TT

برحيل عبد العزيز الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي، يكون قد مات آخر أبناء المرجع الشيعي الأسبق آية الله محسن الحكيم، بعد أن كان أبناؤه التسعة الآخرون قد قضوا اغتيالا على يد الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس العراقي السابق صدام حسين، مستثنين من ذلك النجل الأكبر للحكيم، يوسف، الذي توفي في النجف بصورة طبيعية، ومحمد باقر الحكيم الذي لم تغتله أجهزة النظام السابق وإنما قضى بانفجار في سبتمبر (أيلول) 2003 عند بوابة ضريح الإمام علي في النجف بعد أدائه صلاة الجمعة مباشرة، أما آخر من اغتالته المخابرات العراقية من أبناء المرجع الشيعي الأسبق فهو مهدي الحكيم في السودان الذي سافر إليه لغرض حضور مؤتمر «الجبهة الوطنية الإسلامية»، استجابة لدعوة الشيخ حسن الترابي بالخرطوم، وذلك في 17 يناير(كانون الثاني) 1988، لينضم إلى 64 شخصا من أبناء عمومة الحكيم تم اغتيالهم وإعدامهم على أيدي أجهزة أمن النظام السابق.

وعلى الرغم من أن عبد العزيز الحكيم، المولود في مدينة النجف عام 1950 من أم لبنانية مثل شقيقه محمد باقر بينما إخوته الثمانية من أم عراقية، كان ناشطا إسلاميا وسياسيا، فهو التلميذ المخلص لمبادئ محمد باقر الصدر، مؤسس حزب الدعوة الذي أعدمته سلطات نظام صدام حسين مع أخته بنت الهدى، رميا بالرصاص بعد تعذيبهما في 5 أبريل (نيسان) 1980، وذلك إثر إصداره لفتوى تأمر بالتصدي للنظام الحاكم. وكان(الحكيم) متميزا في دراسته في الحوزة العلمية بالنجف، إلا أنه بقي يعمل في ظل أخيه محمد باقر، والذي يكبره بثماني سنوات.

غادر عبد العزيز الحكيم العراق في نهاية السبعينات، واستقر فيما بعد في إيران بعد أن تحولت إلى جمهورية إسلامية شيعية، ملتحقا بشقيقه الأكبر محمد باقر الحكيم، وتبنى هناك أسلوب الكفاح المسلح ضد نظام صدام، مؤسسا مع مجموعة من المتصدين «حركة المجاهدين العراقيين» وذلك في الثمانينات، إضافة إلى أنه أصبح عضوا في الهيئة الرئاسية للمجلس الأعلى في أول دورة له، ثم مسؤولا للمكتب التنفيذي للمجلس الأعلى في دورته الثالثة، ثم أصبح عضوا في مجلس الشورى المركزية للمجلس الأعلى، وهو أعلى تشكيل في المجلس، منذ عام 1986، وحتى انتخابه رئيسا للمجلس الأعلى بعد مقتل رئيس المجلس.

في أواسط الثمانينات تبنى، إلى جانب مهماته ومسؤولياته، العمل في مجال حقوق الإنسان في العراق، بعد أن لاحظ وجود فراغ كبير في هذا المجال فأسس «المركز الوثائقي لحقوق الإنسان في العراق» وهو مركز يعني بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في العراق من قبل نظام صدام آنذاك، وقد تطور هذا المركز وتوسع حتى أصبح مصدرا رئيسيا لمعلومات لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والمقررّ الخاص لحقوق الإنسان في العراق والمنظمات الوطنية والدولية الحكومية وغير الحكومية، وقد حضر هذا المركز الكثير من المؤتمرات الدولية، ووثق عشرات الآلاف من حالات اختفاء العراقيين داخل العراق، وطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وسجناء العقيدة والرأي والمحجوزين من أبناء المهجرين العراقيين.

كما عمل في مجال الإغاثة الإنسانية وتقديم الدعم والعون للعراقيين في مخيمات اللاجئين العراقيين في إيران، وعائلات الشهداء العراقيين في داخل العراق، وكانت هذه المساعدات تصل إلى داخل العراق أيام النظام السابق.

وكان من أكثر المقربين لشقيقه محمد باقر الحكيم الذي كان يثق برأيه واستشارته في الأمور السياسية والعسكرية والاجتماعية، وكان يتعامل مع أخيه تعاملا يخضع للضوابط الشرعية فهو يعتبره قائدا له وأن طاعته واجب شرعي، قبل أن يتعامل معه كأخ تربطه به روابط الأخوة والأسرة والدم.

وترأس الكثير من اللجان السياسية والجهادية في حركة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وكان شقيقه، زعيم المجلس الإسلامي الأعلى (هكذا كان اسم الحزب) ينيبه عنه عند غيابه في رئاسة المجلس وفي قيادة فيلق بدر ثقة منه في كفاءته وإدارته.

ومنذ أن بدأت البوادر الأولى للعمل العسكري الدولي بقيادة أميركا ضد نظام صدام حسين، كلفه شقيقه بمسؤولية إدارة الملف السياسي لحركة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، فترأس وفد المجلس إلى واشنطن، وإدارة العملية السياسية في اللجنة التحضيرية لمؤتمر لندن 2002، ثم مؤتمر صلاح الدين، ثم في العملية السياسية بعد سقوط نظام صدام، حيث بادر بالدخول إلى العراق بعد أيام من سقوط النظام السابق.

أصبح عضوا في مجلس الحكم الذي شكله الحاكم الأميركي في العراق بول بريمر عام 2003، ثم عضوا في الهيئة القيادية لمجلس الحكم العراقي وترأس المجلس في دورته لشهر ديسمبر (كانون الأول)عام 2003.

انتخب بالإجماع من قبل أعضاء الشورى المركزية للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق رئيسا للمجلس في 4 سبتمبر (أيلول) 2003، وتم تغيير اسم الحزب إلى المجلس الأعلى الإسلامي في العراق، وترأس أول كتلة شيعية برلمانية خلال انتخابات عام 2005 باسم الائتلاف العراقي الموحد. عبد العزيز الحكيم متزوج من ابنة السيد محمد هادي الصدر، وله ولدان وثلاث بنات.