وزير الاتصالات اللبناني يتهم وزير العدل بـ «الدفاع عن إسرائيل»

قال إن التهديد بعدم توزيره لا يهمه و«السلطات العليا» تعرقل الكشف عن المخالفات

TT

دعا وزير الاتصالات اللبناني جبران باسيل القضاء إلى التوسع بالتحقيقات في ملف محطة الباروك للإنترنت التي ضبطت فيها أجهزة إسرائيلية الصنع، وهاجم زميله وزير العدل إبراهيم نجار قائلا إن الأخير يتصرف وكأنه يدافع عن إسرائيل، مشيرا إلى أن ثمة جهات (سياسية) ساندت إسرائيل وأن القضاء مستخف بهذه القضية».

وإذ رفض وزير العدل التعليق على اتهامات باسيل قال لـ «الشرق الأوسط» هذا «كلام لا يستحق الرد عليه، وأرفض الدخول في مزايدات من هذا النوع»، لكن سرعان ما صدر بيان عن المكتب الإعلامي لنجار فنّد فيه هذا الملف قانونيا.

وكان باسيل قد عقد أمس مؤتمرا صحافيا خصصه للحديث عن محطة الباروك التي ما زالت قيد السجال بينه وبين وزارة العدل فدعا «لتوسيع التحقيقات بملف محطة الباروك»، وأوضح «أن الصحن اللاقط الموجود في المحطة هو موجه إلى إسرائيل، وهي الجهة الوحيدة المستفيدة منه». وقال «إذا ما فتح تحقيق جدي في هذا الموضوع سنصل إلى معرفة كل التفاصيل، وكيف تم شراء المعدات وكيف تم تركيبها»، مؤكدا «أن هناك شقا تجاريا في هذا الموضوع أيضا، والبعض منهم محمي سياسيا من بعض الشخصيات». وكشف أن «هناك أسئلة كبيرة تتطلب إجابات. وأنا شخصيا لا يمكنني أن أتخيل وزيرا للعدل في لبنان كالوزير إبراهيم نجار يتصرف وكأنه يدافع بشكل غير مباشر عن إسرائيل».

وأشار إلى أن «هذا الكلام ليس انتقاصا من القضاء، ونحن نريد قضاء يحاسب ويراقب ويحاكم ولا يقتصر عمله على تسجيل المعاملات»، وأكد «أن الأجهزة القضائية لديها الإمكانات لكشف أي ملابسات، وباستطاعتها أن تفعل ذلك». ولفت إلى أن «هناك الكثير من الملفات التي أرسلناها إلى مجلس الوزراء ولم تناقش»، موضحا أن «هناك عرقلة من السلطات العليا تقف أمامنا لمواجهة هذه المخالفات، لذا نطالب بعدم ممارسة الاستنسابية السياسية».

أما في مجال الإنترنت، فأشار إلى أن «الوزارة وضعت خطة لتوسيع شبكة الإنترنت، وقد غطينا 200 منطقة في لبنان»، لافتا إلى أنه «عند توفير الخدمة والتغطية المطلوبة، لا يحق بعدها للمخالفات والاشتراك غير الشرعي من بعض المحال، وقد حققنا تقدما ملحوظا في هذا المجال». وأكد باسيل أن «التهديد بعدم التوزير لا يهمه، إلا أن هناك بابا غير شرعي يفتح في السوق اللبنانية لذا علينا العمل على مواجهة كل هذه المخالفات»، لافتا «إلى أننا نعطي المعلومات التي نحصل عليها للقضاء كي يستطيع أن يتوصل إلى الحقائق ولكن ليس ليحجمها، ومن ركّب شبكة الباروك يدرك تماما إلى أي جهة وجهها».

وأوضح أن دوره «ليس التشهير بأي جهة»، مطالبا «القضاء بأن يساند الوزارة في هكذا إجراءات». وأعرب عن اعتقاده «أن القضاء بدأ بالتحرك في هذه القضية»، لافتا «إلى أن هناك شبكات كاملة غير شرعية في البلد، ولكن في هذه المحطة بالذات هناك من استغل الموضوع سياسيا وساند الجهات الإسرائيلية». وأوضح «أنه عندما يكون القضاء مستخفا بقضايا كبيرة كهذه من الطبيعي أن تزداد المخالفات».

وسرعان ما رد المكتب الإعلامي لوزير العدل على ما ورد في المؤتمر الصحافي لباسيل فقال «إن الذي يريد أن يسعى إلى حدث إعلامي عليه على الأقل أن لا يقصّر في تزويد القضاء بالمعلومات المجدية في الوقت المناسب عوضا عن توجيه الاتهامات جزافا لتغطية التقاعس في توفير الإثباتات المطلوبة ووضع المعلومات في متناول القضاء، أما الغمز من قناة الدفاع عن إسرائيل بشكل غير مباشر فلا يستحق التعليق لشدة ذهوله عن الواقعية والجدية وحقيقة الأمور. وفي الواقع أن هذه الاتهامات الباطلة لا تعدو كونها أكثر من مشاوفة سياسية ومزايدات. ولا حاجة للتأكيد أن وزارة العدل هي الطرف الأساسي الحريص على فصل السياسة عن القضاء».

وفي هذا السياق، قالت مصادر قضائية رفيعة المستوى «إنه لا بد من إطلاع الرأي العام على بعض المعلومات التي تثبت حتى اليقين مدى تعمد المزج في المعلومات واستعمالها لأهداف سياسية لا تخفى على أحد»، مشيرة إلى أن النيابة العامة التمييزية «وضعت تقريرا مفصلا حول الوضعية القضائية لملف محطة تلة الباروك. وذكر هذا التقرير أن الكلام على وجود محطة في تلة الباروك يقوم من خلالها العدو الإسرائيلي بالتنصت على مراكز أمنية ومدنية لبنانية بدأ من خلال وسائل الإعلام في شهر أغسطس (آب) 2009 متهما القضاء بأنه قد أعلم بالأمر منذ أوائل أبريل (نيسان) 2009 ولم يتحرك».

وأكدت المصادر أن النيابة العامة التمييزية «لم تتلقَ في أوائل (نيسان) أي شكوى في هذا الصدد، بل ما تلقته بتاريخ 2 أبريل 2009 هو كتاب موجه من وزير الاتصالات جبران باسيل إلى النيابة العامة المالية»، حول وجود شبكة إنترنت تجري اتصالات غير شرعية.

وأشارت المصادر القضائية إلى أنه وفي 14 أغسطس (آب) الحالي و«لدى معاودة الحديث الإعلامي عن محطة الباروك، فقد طلبت النيابة العامة التمييزية من جميع الأجهزة الأمنية إيداعها ما لديها من معلومات، كون الملف المحال من وزير الاتصالات خاليا من أي معلومة أو تقرير فني يشير إلى التعامل مع العدو الإسرائيلي».

أضافت: «وفي الثامن عشر من الشهر نفسه، أرسل وزير الاتصالات كتابا تضمن تقرير فريق فني تابع لوزارة الاتصالات من دون أن يحمل تاريخا أو توقيعا أشار للمرة الأولى إلى أن بعض المضبوطات على برج الباروك من صنع شركة Networks Ceragon الإسرائيلية فأحيل الكتاب على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لإجراء المقتضى، فردت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني على النيابة العامة التمييزية بكتاب أكدت بموجبه أن تحقيقاتها أظهرت أن محطة الباروك قد فككت في 4 نيسان (أريل) 2009 من قبل فريق متخصص في وزارة الاتصالات من دون أي علم لمديرية المخابرات بالأمر مما جعل من المستحيل معرفة كيفية عمل هذه المحطة لناحية الالتقاط والبث».

ولفتت إلى «أن تحقيق مديرية المخابرات واستقصاءاتها توصلت إلى أن المحطة تعمل بطريقة غير شرعية لتأمين خدمة الاتصالات للزبائن ودون ترخيص من وزارة الاتصالات». وبعد الانتقال إلى وزارة الاتصالات ومعاينة أجهزة المحطة، تبين لمديرية المخابرات «أن أجزاء المحطة الرئيسية لا تحمل أرقاما تسلسلية مما يجعلها مع نوع العتاد وأسماء الشركات المصنعة موضع شبهة، ولكن لا يمكن الجزم بما إذا كان هذا العتاد قد تم صنعه بامتياز إسرائيلي أو أجريت عليه بعض التعديلات خدمة للعدو الإسرائيلي، كما لا يمكن الجزم بما إذا كانت هذه المحطة قد قدمت خدمات لصالح جهات خارجية أو إسرائيلية كون أجزاء المحطة قم تم تفكيكها منذ حوالي خمسة أشهر».

وختمت المصادر أنها تضع «هذه المعلومات برسم الرأي العام»، وتمنت لو «أن من يوجه الاتهامات كان حريصا ليس فقط على تزويد القضاء بالمعلومات الصحيحة بل على عدم تفكيك المحطة بعد يومين فقط من الإشارة إليها».