اليمن: قصف جوي كثيف لمعاقل الحوثيين وأنباء عن مقتل أحد القيادات البارزة

اللجنة الأمنية اليمنية: لا هدنة أو تعليق للعمليات العسكرية دون التزام الحوثيين بالنقاط الـ6

صورة بالفيديو لمجموعة من الحوثيين فوق دبابة للجيش اليمني (رويترز)
TT

كثف سلاح الجو اليمني أمس من قصفه لمعاقل الحوثيين الشيعة في محافظتي صعدة وعمران، في حين تجددت الاشتباكات بين القوات اليمنية والمسلحين الحوثيين في جبهات قتال كثيرة، وذلك بعيد ساعات على خطاب شديد اللهجة ألقاه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، في مقاتلين بأحد المعسكرات في صنعاء. جاء ذلك بينما أعلنت اللجنة الأمنية اليمنية العليا إنه لا يمكن أن تكون هناك هدنة أو تعليق للعمليات العسكرية في الحرب الدائرة في محافظة صعدة ومديرية حرف سفيان، دون أن يقبل الحوثيون بالنقاط الـ6 التي كانت اللجنة قد أعلنتها بعد نشوب الحرب ضد الحوثيين يوم الخميس قبل الماضي وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن الطيران الحربي اليمني منذ صباح أمس الباكر، بدأ بشن غارات جوية على مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، شمال صنعاء، ومناطق كثيرة في محافظة صعدة منها: منطقة دماج التي استولى الحوثيون على مواقع فيها أمس الأول، وقالت مصادر رسمية إن سلاح الجو اليمني «كبد المتمردين خسائر فادحة قرب ضحيان ومناطق رهوة المدرج والعند». وأكد الجيش اليمني أنه قصف بالقرب من مدينة ضحيان المجاورة لمدينة صعدة، تجمعا كبيرا لعناصر حوثية، حيث كان يوجد عدد كبير من السيارات التي «تحمل الأسلحة والذخائر ومؤن للعناصر التخريبية»، مؤكدا أنه تم تدمير تلك السيارات وإلحاق خسائر كبيرة في «صفوف الإرهابيين». وتحدثت مصادر غير رسمية عن مقتل أحد القيادات الحوثية البارزة في الغارات الجوية التي استهدفت مناطق قرب المدينة، وهو صالح هبرة، الممثل الشخصي للقائد الميداني للحوثيين، عبد الملك الحوثي، وممثله في توقيع اتفاق الدوحة بين الطرفين قبل عامين، غير أنه لم يتسن التأكد من صحة الخبر حتى اللحظة.

وذكرت وزارة الدفاع اليمنية أن فرقة من مكافحة الإرهاب «أجبرت مجاميع من عناصر التمرد على الفرار من مواقعها في منطقة محضة»، وأن وحدات عسكرية أخرى تصدت في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان لهجمات من قبل «عناصر التمرد» وأنها قتلت عددا منهم وكبدتهم خسائر كبيرة. وجاء في بيانات الوزارة أن الجيش قام بتطهير عدد من المنازل بمحافظة صعدة وإخلاء عدة مزارع «من المتمردين» الذين كانوا يتمركزون فيها، وأن القوات الحكومية تقوم بملاحقة مجاميع ممن تسميهم السلطات اليمنية بـ«عناصر الإرهاب والتمرد» وتقوم بعمليات تمشيط لتعقبهم والقبض عليهم في عدة مناطق، فيما يجري حاليا تمشيط بقية المناطق الواقعة على خط حرف سفيان ـ صعدة.

وكانت اللجنة الأمنية اليمنية العليا التي يرأسها الرئيس علي عبد الله صالح، بصفته قائدا أعلى للقوات المسلحة والأمن، أعلنت أن الحرب لن تتوقف إلا بالتزام «عناصر التخريب» بالنقاط، أو الشروط الستة التي وضعتها اللجنة أمام الحوثيين، التي يرفضها الحوثيون ويعتبرونها «استسلاما».

وقال مصدر في اللجنة إنه «إذا لم تقبل العناصر التخريبية المتمردة بتلك النقاط الست دون أي قيد أو شرط من أجل حقن الدماء وتحقيق السلام فإنه لا يمكن أن تكون هناك هدنة أو تعليق للعمليات العسكرية، وأن العمليات العسكرية والأمنية سوف تستمر لملاحقة تلك العناصر وحتى تنصاع للسلام». وأضاف أنه جرى «إبلاغ عناصر الإرهاب والتخريب بضرورة إعلان التزامها بتنفيذ النقاط الست التي تم إعلانها كشرط لإيقاف العمليات العسكرية وتحقيق السلام في محافظة صعدة»، لكنه أردف أن «أن تلك العناصر الإرهابية لم تستجب لنداءات القيادة السياسية، التي أكدها فخامة الرئيس علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية في خطابه الموجه للشعب اليمني والأمة العربية والإسلامية بمناسبة شهر رمضان المبارك».

وقال المصدر إن «اللجنة الأمنية العليا تأسف لعدم استجابة عناصر الإرهاب والتخريب لنداء السلام والأمن والاستقرار» وإن «وحدات القوات المسلحة والأمن وكافة المواطنين الشرفاء من أبناء محافظة صعدة سيقومون بواجباتهم لملاحقة تلك العناصر الإرهابية وحماية المواطنين من شيوخ ونساء وأطفال، وفتح الطرق بالقوة لإيصال الإمدادات والأغذية والمتطلبات الخاصة بالمواطنين في محافظة صعدة، وبخاصة مخيمات المواطنين النازحين المتضررين من فتنة العناصر الإرهابية المتمردة». وحمل المصدر «عناصر الإرهاب والتخريب كامل المسؤولية لما تعرضت له محافظة صعدة من أضرار وأبنائها الشرفاء من قتل وجرائم بشعة ومروعة ارتكبتها تلك العناصر فضلا عن عملياتها التخريبية وتدمير ونهب المنازل والمرافق العامة والممتلكات الخاصة»، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية «ستقوم طبقا لمسؤولياتها القانونية بملاحقة تلك العناصر وتقديمها للعدالة جراء الجرائم البشعة واللاإنسانية التي تقوم بارتكابها ضد المواطنين وأمن الوطن وسكينته العامة».

في هذه الأثناء أعلنت وزارة الدفاع اليمنية أن وحدات عسكرية وأمنية بمحافظة صعدة ومديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، تمكنت من تأمين عدد من الطرق في أكثر من منطقة وفتح طرق أخرى كانت «عناصر التخريب والتمرد قد أغلقتها في وجه إمدادات الغذاء والتموين لأبناء المناطق المحيطة بها». وأشارت الوزارة إلى أن تأمين وفتح تلك الطرق، جاء بعد «تطهير المناطق المحيطة بها من العناصر الإرهابية المتمردة، حيث عملت تلك الوحدات على تأمين تلك الطرق ومنها خط محضة وجنوب شرق المقاش بمحافظة صعدة».

وقال مصدر عسكري بوزارة الدفاع إن الوحدات العسكرية والأمنية أمنت عددا من الطرق في أكثر من منطقة بصعدة، وفتحت طرقا كان الحوثيون المتمردون قد أغلقوها أمام الإمدادات الغذائية والتموينية للمواطنين في هذه المحافظة، وقال المصدر العسكري إن عملية فتح الطرق تمت بعد تطهيرها من العناصر الإرهابية المتمردة، حيث عملت وحدات الجيش على تأمين هذه الطرق، ومن هذه الطرق الخط الخاص بمنطقة محضة، والطريق الجنوبي لشرق المقاش من محافظة صعدة، وتواصل قوات الجيش ملاحقتها لمجاميع من الحوثيين وتقوم بتمشيط خط الطريق بسفيان بمحافظة عمران. وقال المصدر ذاته، إن الطيران الحربي وجه ضربات موجعة للحوثيين المتمردين في منطقة تقع بالقرب من ضحيان بقصف عدد كبير من السيارات التي كانت تحمل الأسلحة والذخائر والمؤن حيث تم تدمير هذا العدد من السيارات، وألحقت هذه الغارات الجوية بالحوثيين خسائر في صفوف الإرهابيين، وقصف الطيران أوكارا عدة في مناطق رهوه والمدرج والعند، ولحق الحوثيين من هذه الغارات خسائر كبيرة بتدمير عدد من السيارات التي كانت محملة بالأسلحة وتسبب القصف الجوي للطيران اليمني في قتل الكثير من المتمردين، وقال المصدر العسكري إن فرق مكافحة الإرهاب أجبرت مجاميع من الحوثيين على ترك مواقعهم في منطقة محضة، وتصدت قوات الجيش وقوات الأمن لهجمات للحوثيين في منطقة الجبل الأسود من مديرية سفيان من محافظة عمران، وقتلت قوات الجيش في هذه الهجمات عددا من الحوثيين، وبحسب البيان العسكري عبر موقع وزارة الدفاع، فقد طهرت الوحدات العسكرية والأمنية الكثير من المنازل في محافظة صعدة من المتمردين، وأخلى الجيش مزارع من الحوثيين كانوا يتمركزون فيها.

وتعهدت الحكومة اليمنية بتسهيل وصول منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية إلى مناطق تجمع النازحين في محافظات صعدة، عمران وحجة.

وقال مصدر مسؤول في الحكومة إن «الجهات المعنية تبذل حاليا كل جهودها من أجل تسهيل وصول المواطنين النازحين إلى مناطق آمنة وتقديم كافة المساعدات لهم في المخيمات التي تم إنشاؤها لهذا الغرض»، وذلك بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى التي أبلغتها الحكومة باستعدادها لتسهيل تلك المهام من إغاثة قرابة مائتي ألف نازح يتوزعون في عدد من المخيمات داخل ثلاث محافظات. ومع تصاعد العمليات العسكرية في صعدة، كشف وزير الصحة والسكان اليمني الدكتور عبد الكريم راصع، عن استحداث ثلاثة مخيمات نزوح جديدة في عدة مناطق، الأول في منطقة المزراق في مديرية حرض بمحاذاة مديريات شدا والظاهر والملاحيظ، أما الثاني ففي منطقة خيوان بمحاذاة حرف سفيان والثالث في منطقة باقم.

وإلى جانب تصعيد السلطات اليمنية لعملياتها العسكرية ضد المتمردين الحوثيين وتصعيد خطابها الإعلامي التحريضي، فقد عمدت القيادة اليمنية وفي مقدمتها الرئيس علي عبد الله صالح، إلى قيادة نشاط بث الروح المعنوية لدى المقاتلين، بصورة مباشرة، ففي الوقت الذي كان الرئيس صالح، يتحدث أمس الأول الأربعاء إلى اللواء 29 ميكا (حرس جمهوري) ويحثهم على حسم المعركة وتلقين المتمردين درسا قاسيا كما يفعل «نسور الجو»، كان وزير دفاعه اللواء محمد ناصر أحمد وعدد من القادة الكبار في الجيش اليمني، يقومون بزيارات ميدانية إلى مدينة صعدة، مركز المحافظة، وتفقد بعض معسكراتها ووحداتها القتالية المتاخمة للمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وفي الوقت الذي قال الرئيس اليمني، إن قواته المسلحة سوف تغير من إستراتيجيتها العسكرية في الحرب مع الحوثيين، فقد أعلن الحوثيون أن الحرب من جانبهم لم تبدأ بعد. وقال مصدر في جماعة الحوثي لـ«الشرق الأوسط» إن القائد الميداني للحوثيين يعد أتباعه لخوض حرب طويلة الأمد مع النظام وأنه يجري الترتيبات النهائية اللازمة للقيام بما يلزم من أجل الدخول في «حرب استنزاف». وتوقع المصدر أن يعلن الحوثي «بدء الحرب من جانبهم» خلال الساعات القليلة المقبلة، مرجعا ذلك إلى «فشل الوساطات». إلى ذلك ذكر موقع «الاشتراكي نت» أن اتفاقا كان قد تم بمساع من لجنة الوساطة في صعدة، يتكون من 3 نقاط اتفق الطرفان عليها بوقف العمليات العسكرية من قبل الجيش والحوثيين. وعودة جميع المسؤولين في السلطة المحلية والأمنية إلى جميع المراكز والمديريات التي استولى عليها الحوثيون، أما النقطة الثالثة تنص على رفع النقاط العسكرية التي استحدثها الطرفان في الطرق العامة، وفتح جميع الطرق المؤدية إلى صعدة والسماح للمواطنين بالتنقل ووصول لجان الإغاثة المحلية والدولية إلى المناطق التي يتجمع فيها النازحون.