حزب الله يرفض التدخل لـ«تليين» عون.. ويطالب الحريري بإيجاد «طريقة للاتصال المباشر»

الأزمة الحكومية في لبنان تتجه إلى مزيد من التأزم ومخاوف من انعكاسات أمنية

الحريري مستقبلا حسن خليل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

يتجه الوضع الحكومي في لبنان نحو مزيد من التأزم في ضوء الإغلاق التام لأبواب الحوار بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون الذي أقدم أمس على خطوة إضافية تمثلت بمقاطعة الإفطار السنوي الذي تقيمه رئاسة الجمهورية لأسباب وصفها وزير الاتصالات جبران باسيل بأنها «لوجستية»، بينما رأت فيها مصادر الأكثرية البرلمانية «قطعا للحوار مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلف». وقد عاد الملف الأمني ليضغط على عملية تأليف الحكومة مع تكرار الحوادث «الغامضة» وآخرها، فجر أمس، إلقاء قنبلة يدوية في محلة طريق الجديدة في بيروت لم تسفر عن إصابات. وتصاعدت في موازاة ذلك التحذيرات السياسية من «الانعكاسات الأمنية» للتعثر الحكومي.

ولم يخرج اللقاء الذي جمع الحريري ليل أول من أمس بحسين الخليل، المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، بجديد على صعيد تأليف الحكومة في ضوء بقاء عون على مواقفه السابقة المتعلقة بحصوله على وزارة الداخلية وإعادة توزير صهره الوزير باسيل على رأس وزارة الاتصالات. وقالت مصادر في الأكثرية لـ«الشرق الأوسط» إن موقف الحزب لا يزال على حاله لجهة القول بعدم قدرته على لعب دور في «تليين» مواقف عون، ودعوته الأكثرية والرئيس المكلف إلى «إيجاد طريقة لفتح اتصال مباشر مع عون» الذي كان قد رفض دعوة غداء من الحريري احتجاجا على الانتقادات التي وجهها إليه أعضاء من كتلة الأخير.

وكان الحريري قد تعهّد بـ«مواصلة الجهود لتشكيل حكومة الائتلاف الوطني من دون أن نفرط بالصوت الواضح المسموع الذي عبّر عنه الناخبون في 7 يونيو (حزيران)، ولا بالاستقرار الذي جعلناه خطا أحمر». وإذ كرر التزامه «سياسة الصمت والهدوء في وجه حملات التجريح والإساءة»، فقد شدّد أن «هذا لا يعني أبدا أن البلد يمشي من دون مجلس وزراء»، واعتبر أن مقولة كهذه «هي مغالطة وتعبير عن حد أدنى لا يبني وطنا ولا ينهض باقتصاد ولا يعزز دولة ولا مؤسسات». وقال: «نحن قررنا، منذ اللحظة الأولى للانتخابات النيابية أن نسلك طريق الحكمة والهدوء وأن نمد اليد إلى الأقلية، وندعوها بصدق إلى حكومة ائتلاف وطني تجتمع تحت برنامج واحد، عنوانه التصدي لمخططات العدو الإسرائيلي ومعالجة الأزمات الاجتماعية والمعيشية وتنمية الاقتصاد وخلق فرص العمل». وأعلن في دردشة مع عدد من ممثلي وسائل الإعلام موافقته على طرح الاستفتاء الشعبي شرط أن تعطى الجنسية وحق التصويت لكل المغتربين في مختلف الأقطار، تعليقا على ما يثيره البعض من أن الأكثرية البرلمانية في جهة في حين أن الأكثرية الشعبية في جهة أخرى. وأعلن وزير الاتصالات جبران باسيل، الذي زار أمس رئيس الجمهورية للبحث في الملف الحكومي، أن عدم مشاركة عون في الإفطار الرئاسي المقرر في الأول من سبتمبر (أيلول) في القصر الجمهوري يعود إلى أسباب لوجستية لا سياسية، مؤكدا أن محاولات البعض افتعال مشكلة بين عون والرئيس ميشال سليمان لن تنجح. ولفت إلى أن قطار التأليف متوقف ولا جديد في الاتصالات مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في انتظار اتصال من الحريري بعون، منتقدا حركة البعض الذين «يطلعون وينزلون» دون أي جدوى.

وكرر حزب الله أمس على لسان عدد من نواب كتلته وقوفه وراء عون في مطالبه. وأكد عضو كتلته النائب حسين الحاج حسن «أن المعارضة الوطنية اللبنانية متماسكة وصلبة في تحالفاتها»، وأنها في «إدارة قضاياها في ما بينها متكافلة متضامنة تستطيع أن تخرج مواقفها إلى العلن، وواهم من يراهن على تناقض داخل صفوفها». وقال: «نحن في حزب الله والمعارضة قدمنا كل ما نستطيع من إيجابية لتشكيل حكومة الشراكة والوحدة، لكن وجدنا أن هناك محاولات لنقل حقيقة المشكلة من مكان إلى آخر. فالمشكلة ليست عند المعارضة وحزب الله، والرئيس المكلف معني بالتواصل والحوار والنقاش مع الكتل والقوى السياسية للتفاهم على الحقائب والأسماء، ومن البديهي أن يتم ذلك بعيدا عن الحملات السياسية الإعلامية». ولفت إلى أن من «واجب القوى السياسية دون استثناء أن لا توتر الأجواء، خاصة أن الأحداث المتنقلة في الآونة الأخيرة تبعث على الريبة والتساؤل، وقد تكون هذه التوترات وجدت البيئة الملائمة أو أن أحدا حركها لغايات سياسية وحسابات معينة». واتهم عضو حزب الله النائب حسين الموسوي «أناسا في الخارج وأناسا في الداخل مرتبطين بالخارج» بعرقلة تأليف الحكومة. وشدد على أن الحزب لن يسمح «بإضعاف العماد عون وكسره أبدا لأننا نعرف الهدف من ذلك، وبالتالي فإننا في حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وكل المعارضة، إما أن نكون معا في الحكومة أو أن يشكلوها دوننا، كما يتحدث البعض في لبنان عن حكم الأكثرية». وأبدى المرجع الشيعي اللبناني السيد محمد حسين فضل الله خشيته من من أن يكون الهدف من وراء كل هذه التجاذبات السياسية وهذه التوتيرات المقصودة، تمديد الوضع الحالي، وإضافة شيء من الاهتزاز في الساحة الداخلية لإيجاد نوع من الصلة بين الأوضاع الداخلية ومواعيد سياسية خارجية، بما يدفع المسألة نحو مزيد من التأزم والتعقيد. وقال: «إننا أمام هذا الواقع ندعو جميع المسؤولين إلى تحمل مسؤولياتهم، وعدم وضع العصي في دواليب الحل لحسابات ذاتية أو حزبية أو خارجية، لأن الناس لا يمكن أن تصبر على آلامها المعيشية ومشكلاتها الحياتية إلى ما لا نهاية، وأصبح الكثيرون يخشون أن يكون التأجيل المستمر ترحيلا للحل وتحضيرا لفتنة يراد للبنانيين أن يكونوا وقودا لها لحساب جهات دولية وإقليمية لا تضمر الخير للبلد، ولا تتطلع إليه إلا بعيون الحقد والضغينة والفرقة». وفي المقابل، أبدى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني حرصه على أن «تشكل الحكومة في أجواء سياسية مريحة بعيدة عن التشنجات والطروحات الدستورية». وانتقد بعض السياسيين الذين «يسعون لممارسة دور الأكثرية النيابية تحت عناوين التوافق والشراكة وصيغة العيش المشترك، وهم يخوضون حربا ضروسا لتفكيك الأكثرية في إطار سياسة الضغوط والتعطيل وفي غياب الممارسة الديمقراطية الحقيقية».

ولفت ممثل الجماعة الإسلامية في البرلمان النائب عماد الحوت إلى أن «ليس هناك مؤشرات حول تقدم جدي لتشكيل الحكومة الجديدة نتيجة الاتصالات التي تمت البارحة، لكنها تمهد لحلحلة بعض العقد، والنقطة الأساسية في هذا الموضوع هي حصة الفرقاء المشاركين في هذه الحكومة، والآن يجري العمل للبحث عن حل خلاق لمشكلة المطالب المتعددة».