رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركي ينتقد التركيز على الرسائل الإعلامية لكسب الحرب في أفغانستان

مولين: تصرفاتنا هي رسالتنا.. مشاكلنا في المصداقية

TT

يعتبر التعامل مع الإعلام والتواصل مع الشعوب في أفغانستان والعراق ودول إسلامية جزءا أساسيا من عمل الإدارة الأميركية اليوم، وخاصة في ما يخص كسب التأييد للعمليات العسكرية الأميركية. ومنذ سنوات، أصبح مصطلح «التواصل الاستراتيجي» مرادفا لعمل وحدات متعددة في وزارة الخارجية والدفاع الأميركية بالإضافة إلى الجيش الأميركي. وتركز إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على التواصل مع العالم الإسلامي من خلال وسائل عدة على رأسها إلقاء أوباما خطابه للعالم الإسلامي في القاهرة في يونيو (حزيران) الماضي وبثها من خلال تقنيات حديثة مثل موقع «يو تيوب» الالكتروني، بينما لدى الجيش الأميركي مواقع الكترونية عدة والعشرات من الضباط المخصصين للتواصل مع الإعلام. وبعد أن أصبح «التواصل الاستراتيجي» عنصرا من أبرز عناصر عمل الجيش وخاصة بعد نشر آخر كتيب للجيش العام الماضي، يثير رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مولين جدوى التركيز على «التواصل الاستراتيجي»، ومشتكيا من عدم تمتع الأميركيين بالمصداقية. وفي مقال رأي نشر أمس في مجلة «القوات المشتركة الفصلية»، يقول مولين «غالبية المشاكل في التواصل الاستراتيجي ليست مشاكل في التواصل على الإطلاق، بل هي مشاكل في السياسة والتنفيذ، فكل مرة نفشل في الالتزام بمبادئنا أو لا نلتزم بأحد وعودنا، نبدو أكثر فأكثر كأننا الأميركيون المتعجرفون مثلما يدعي العدول». وكتب مولين أن «المجتمع الإسلامي عالم دقيق لا نفهمه كليا ـ ولا نحاول دائما فهمه»، مضيفا: «فقط من خلال احترام مشترك لثقافة الناس واحتياجاتهم وآمالهم للمستقبل يمكننا أن نضعف النهج المتطرف». واستخدم مولين مصطلحا اشتهر في زمن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وهو «كسب القلوب والعقول»، ليقول: «لا يمكننا كسب القلوب والعقول، علينا التواصل معهم والاستماع إليهم، كل قلب وعقل على حدة وعلى مر الزمن». وانتقد مولين، الذي عرف بإبداء رأيه الصريح من دون تردد، مصطلح «التواصل الاستراتيجي» تحديدا في مقاله، قائلا: «لا أحبه كثيرا.. نحن نركز على كلمة استراتيجي أكثر من الملزوم، وإذا لم نتعلم شيئا من السنوات الثماني الماضية، علينا أن نتعلم أن الخطوط بين الاستراتيجي والعملي والتكتيكي غير واضحة، وهذا الأمر صحيح بشكل أخص في عالم التواصل» الإعلامي. وأضاف: «علينا العودة إلى الأسس ويمكننا أن نبدأ بالوقف عن جلد أنفسنا»، موضحا: «المشكلة ليست أننا سيئين في مجال التواصل أو أن رجالا في الكهوف يتغلبون علينا، فالكثير منهم لا يعيش حتى في الكهوف».

وعرض مولين شرحا لرؤيته للأوضاع في أفغانستان وباكستان، محذرا أن فشل الولايات المتحدة في تحسين الحياة اليومية للعامة يؤثر على جهودها الاستراتيجية في المنطقة. وقال إن عناصر «الطالبان والقاعدة يعيشون مع الناس، إنهم يخوفون ويسيطرون على الناس ويتواصلون معهم من الداخل وليس من الجوانب». وأضاف: «كبرى مشاكلنا ليست الكهوف بل المصداقية، رسائلنا تفتقد المصداقية لأننا لم نستثمر في ما فيه الكفاية لبناء الثقة والعلاقات ولم نلتزم دائما بوعودنا». ركز مولين في مقاله أن «جوهر التواصل الجيد هو أن يكون لدينا النية الصالحة منذ البداية وأن ندع أعمالنا تتحدث عن نفسها، يجب ألا نهتم أن الناس يحبوننا، هذا ليس هدفنا، الهدف هو المصداقية وعلينا أن نكتسبها مع الوقت». وحذر مولين من الجهود لتحديد الرسائل الإعلامية فقط للحصول على دعم الناس، قائلا: «نحن نؤذي أنفسنا والرسالة التي نريد أن نوصلها عندما تظهر وكأننا نفعل شيئا فقط للحصول على التأييد»، مضيفا: «ونؤذي أنفسنا أكثر عندما لا تتماشى كلماتنا مع تصرفاتنا، أعداؤنا يراقبون الأخبار ليظهروا نية التحالف والأميركيين كأنها ضد جهود قواتنا.. علينا أن نلزم أنفسنا بمستويات أعلى من التصرف وان نغلق أي فجوات بين ما نقوله عن أنفسنا وماذا نفعل لدعم ذلك». وشدد مولين في الوقت نفسه على أهمية التقنيات الجديدة، مشيرا إلى صفحته الخاصة على موقع «تويتر»، الذي يكتب فيه شخصيا بشكل يومي. ويذكر أن لدى مولين صفحة خاصة أيضا على موقع «فيسبوك» وأطلق أخيرا حملة للتواصل مع الأميركيين من خلال قناة خاصة في موقع «يو تيوب». وأنهى مولين مقاله بالتعبير عن «آمل أن نتعلم كيف نكون أكثر تواضعا وان نستمع بشكل أكثر، لأن في النهاية يجب أن تتحدث أعمالنا بالنيابة عنا وان أكثر ما نحتاجه المصداقية» التي قال إنها لا تثبت من خلال التصريحات المحضرة مسبقا للإعلام.