كابل: تزايد الاتهامات بتزوير نتائج الانتخابات الأفغانية سيعمق الانقسامات العرقية

تقويض للجهود الأميركية للقضاء على حركة طالبان وبناء قوات أمنية أفغانية

TT

بعد أسبوع واحد على عقد الانتخابات الرئاسية الأفغانية، ورغم عدم الإعلان عن اسم الفائز بعد، تتزايد الاتهامات بوقوع أعمال تزوير وإكراه الناخبين، ما يهدد مصداقية النتائج ويعمق الانقسامات المحلية الخطيرة ويعوق أهداف إدارة أوباما داخل هذه البلاد المتوترة. في ظل تذبذب مستوى التأييد الشعبي الأميركي للحرب في أفغانستان، فإن نظر الكثير من الأفغان إلى الانتخابات الرئاسية الأخيرة باعتبارها غير شرعية سيعد بمثابة انتكاسة كبرى بالنسبة للرئيس أوباما، الذي عزز الجهود العسكرية والاقتصادية الأميركية في إطار هذا الصراع الذي يعده محوريا بالنسبة لسياسته الخارجية. ويساور القلق المسؤولين من أن وجود حكومة بكابل ملوثة بادعاءات سرقتها للانتخابات أو غير مستقرة جراء ردود الأفعال العنيفة المحتملة قد يقوض الجهود الأميركية للقضاء على حركة طالبان، التي استعادت قوتها، ولبناء قوات أمنية أفغانية. في إطار مقابلات أجريت هنا في عاصمة ولاية بلخ بشمال أفغانستان، وصف الحاكم ومسؤولون معنيون بالانتخابات وبعض السكان المحليين حوادث إضافة أصوات انتخابية وهمية وإرهاب الناخبين، خاصة من قبل مراقبي الانتخابات. وتأتي المزاعم الكثيرة بحدوث تزوير في الانتخابات لتضيف إلى الأصوات المشككة في نزاهة العملية الانتخابية والخاصة بمرشحين ومراقبين بأجزاء أخرى من البلاد. خلال مقابلة أجريت معه داخل أحد السجون، أكد أحد مراقبي الانتخابات، عبد الحكيم غافورزاي، 47 عاما، المراقب الانتخابي الأول في ضاحية تشيتمال خارج مزار شريف، بينما كان قابعا في زنزانته وظهرت على جسده آثار كدمات ودماء وإنهاك، أنه يدرك تماما ما الذي يعنيه التصدي لتزوير نتائج الانتخابات في أفغانستان. جدير بالذكر أن غافورزاي يدعي تعرضه للضرب وإلقاء القبض عليه بعد تقدمه بشكوى من إغلاق قوات الشرطة المرابطة خارج هذه المدينة الواقعة شمال البلاد أماكن الإدلاء بالأصوات الانتخابية بسبب تصويت المواطنين لصالح الرئيس حميد كرزاي. في السياق ذاته، قال عطا محمد نور، حاكم بلخ، الذي انفصل عن معسكر كرزاي قبل الانتخابات وساند منافسه الأكبر، عبد الله عبد الله، الذي يحظى بشعبية جارفة في الشمال: «وقعت أعمال التزوير على يد (اللجنة الانتخابية المستقلة)، وجرى أيضا إطلاق الكثير من التهديدات. وإذا فازت هذه الحكومة عن طريق التزوير، فلن أبقى جزءا منها». المعروف أن جميع المرشحين الخمسة الرئيسيين تقدموا بشكاوى حول إضافة أصوات انتخابية وهمية أو تدمير أصوات انتخابية شرعية، وتخويف وممارسة الضغوط على الناخبين داخل مراكز الاقتراع. وقدم أحد الناخبين، ميرويس ياسيني، المسؤول السابق بمجال مكافحة المخدرات، شخصيا صناديق ممتلئة بأصوات انتخابية ممزقة إلى «لجنة الشكاوى الانتخابية» التي يترأسها أجانب. علاوة على ذلك، أصدر ياسيني وخمسة مرشحين رئاسيين آخرين بيانا مشتركا هذا الأسبوع أعلنوا خلاله أن الانتخابات تشوهت جراء أعمال «تزوير وتخويف واسعة النطاق»، ما يهدد بتفاقم التوترات والعنف داخل البلاد. ولما تتسم به عملية النظر في الشكاوى من بطء، أعرب مسؤولون بمكتب «لجنة الشكاوى الانتخابية» في كابل عن توقعاتهم بألا تنتهي تحقيقاتهم قبل منتصف سبتمبر (أيلول)، أي بعد أسبوعين على الأقل من إعلان النتيجة الرسمية للانتخابات. من الممكن أن يثير ذلك توترا عاما، وربما قلاقل، خاصة إذا ما أعلن عن فوز كرزاي قبل الانتهاء من النظر بأمر الشكاوى العديدة المقدمة. من ناحية أخرى، نفى كل من كرزاي وعبد الله جميع المزاعم بتورط أنصارهما في عمليات تزوير انتخابي منظمة. في الأسبوع الماضي، عقد عبد الله مؤتمرين صحافيين ادعى خلالهما وقوع «تلاعب واسع النطاق» من جانب إدارة كرزاي، والمساعدين المعنيين بحملة الرئيس الحالي الانتخابية وموظفين في «اللجنة الانتخابية المستقلة». وعرض على المراسلين مقاطع مصورة لأشخاص يجلسون على الأرض داخل مراكز اقتراع مغلقة ويعمدون على نحو منظم إلى وضع علامات داخل أوراق الاقتراع واحدة تلو الأخرى. من ناحيتهم، وصف مراقبو الانتخابات شمال أفغانستان بأنها منطقة سارت فيها العملية الانتخابية على نحو سلمي بصورة نسبية، وشارك فيها ما يصل إلى نصف الناخبين المسجلين في الانتخابات ـ نسبة تفوق بكثير نظيرتها ببعض معاقل طالبان في الجنوب. إلا أن المقابلات التي أجريت مع مراقبي الانتخابات هنا المعنيين بالنظر في أمر التجاوزات المزعومة رسمت صورة أشد قتامة تدين أنصار كل من كرزاي وعبد الله. على سبيل المثال، قالت إحدى المراقبات الانتخابيات داخل مركز اقتراع بقرية بارغا الواقعة في هذه الولاية : «كنت شاهدة على التزوير، وعجزت عن فعل أي شيء لإيقافه». وأضافت المراقبة، رافضة الكشف عن هويتها، أن زملاءها صوتوا 100 مرة على الأقل لصالح عبد الله وأجبروا السكان المحليين على دعم الخيار ذاته. وأكدت: «انتابني الضيق بالفعل، ذلك أن نظام التصويت لم يكن جيدا. ولم يتمتع الناس بحق الاختيار». خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»