مسؤول أميركي: هولبروك «عنَّف» كرزاي على خلفية الانتخابات

واشنطن تتخوف من تحالفات كرزاي مع المارشال فهيم وزعيم الحرب الأوزبكي دوستم

صورة التقطت في العاصمة كابل يوم 25 يوليو (تموز) الماضي لدى استقبال الرئيس حميد كرزاي لريتشارد هولبروك المبعوث الأميركي لباكستان وأفغانستان (أ. ف. ب)
TT

كشف مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية عن قيام المبعوث الأميركي لأفغانستان، ريتشارد هولبروك، بتوجيه انتقادات عنيفة إلى الرئيس الأفغاني المنتهية ولايته، حامد كرزاي، على خلفية التقارير التي ترددت أخيراً بشأن حدوث أعمال تزوير شابت الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وصرح مسؤول على اطلاع بما دار في الاجتماع لوكالة الصحافة الفرنسية، أن هولبروك، الدبلوماسي الأميركي، ضغط على كرزاي بخصوص اتهامات التزوير في الانتخابات التي جرت الأسبوع الماضي. وقال المسؤول طالبا عدم كشف اسمه «إن هذا اللقاء كان صعبا وجرى خلاله نقاش حاد»، مضيفا أن هولبروك سأل الرئيس الأفغاني عن المزاعم الواردة بشأن حصول عمليات تزوير انتخابية. وقال المسؤول الأميركي أول من أمس: «لقد كان هناك شد وجذب» حول بعض القضايا المتعلقة بالانتخابات، مضيفاً قوله: «نحن لسنا بصدد إنكار حدوث ذلك»، إلا أنه نفى صحة التقارير التي أشارت إلى أن هولبروك طلب إجراء جولة إعادة للانتخابات الرئاسية في أفغانستان. والتقى هولبروك بكافة المرشحين في انتخابات الرئاسة الثانية في تاريخ البلاد، واجتمع بكرزاي في كابل في 21 أغسطس (آب)، غداة الانتخابات التي دعي خلالها 17 مليون أفغاني لاختيار رئيسهم ومجالسهم المحلية.

واوضح المصدر «أن محور الاجتماع كان احترام العملية الانتخابية، والسماح لها بأن تأخذ مجراها والصبر واحترام النتائج مهما كانت». وقال المسؤول إن هولبروك أعاد التأكيد أمام كل مرشح على أن سياسة الولايات المتحدة تستند إلى الحياد في السباق الانتخابي وانتظار النتائج النهائية. وتشير النتائج الجزئية الاولى للانتخابات الرئاسية الصادرة عن اللجنة الانتخابية الافغانية بعد فرز 17% من الأصوات، إلى تقدم متزايد لكرزاي الذي تولى السلطة بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2001، على منافسه الرئيسي وزير الخارجية السابق عبد الله عبد الله. وندد عبد الله عبد الله بحصول عمليات تزوير ومخالفات كثيفة نظمتها الدولة لصالح كرزاي. وكانت العلاقات بين كرزاي والرئيس الاميركي السابق، جورج بوش، جيدة. وكان الزعيمان يتصلان عادة من خلال دائرة تلفزيونية مغلقة. كما كان السفير الاميركي في كابل، زلماي خليل زاد، يزور كرزاي باستمرار. إلا أن العلاقة بين كرزاي وادارة الرئيس الاميركي الجديد، باراك أوباما، ليست على نفس الدرجة من التقارب. وأبدى أعضاء من إدارة أوباما قلقهم مما يعتبرونه تقصيرا في تصدي الحكومة للفساد، كما أبدوا استياء من التحالفات التي أقامها كرزاي مع زعماء حرب متهمين بانتهاكات لحقوق الإنسان خلال الحرب المتواصلة في أفغانستان منذ نحو ثلاثة عقود. وتتخوف الولايات المتحدة بشكل خاص من مرشح كرزاي لمنصب نائب الرئيس القائد السابق المعادي لطالبان المارشال، محمد قاسم فهيم، واثارت تساؤلات حول كيفية تعامل واشنطن معه في حال أصبح نائبا للرئيس. وذكر مسؤول بارز في وزارة الخارجية أن الإدارة أجرت «العديد من المحادثات» مع الحكومة الأفغانية بشأن تشكيلتها المقبلة. ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش فهيم بأنه واحد من «أسوأ أمراء الحرب سمعة» وقالت إنه يعتقد على نطاق واسع بأنه لا يزال يدير ميليشيات مسلحة تقدم غطاء لتجار المخدرات وغيرهم من المجرمين. ودافع كرزاي عن فهيم ووصفه بأنه بطل حرب وعنصر توحيد. وفهيم هو من الطاجيك، ثاني أكبر مجموعة عرقية في أفغانستان بعد البشتون، التي ينتمي اليها كرزاي. وكان أوباما أمر الشهر الماضي بالتحقيق في مزاعم بأن حليفا آخر لكرزاي هو زعيم الحرب الأوزبكي، عبد الرشيد دوستم، قتل نحو 2000 سجين عام 2001 وأن إدارة بوش لم تحقق في تلك الاتهامات. وقال بروس ريدل المسؤول في معهد بروكينغز الذي قاد فريق أوباما لمراجعة السياسة الأميركية في المنطقة، إن دوستم «يعرف بوحشيته - حتى بالمعايير الأفغانية». وأضاف «الفكرة هنا هي أنه إذا عاد كرزاي إلى الرئاسة بسبب دعم دوستم، فإن الآمال بمكافحة الفساد وارساء الحكم الرشيد ستضعف في الولاية التالية لادارة كرزاي». وجعل أوباما من القضاء على التطرف الإسلامي من المنطقة أولوية رئيسية لولايته، وأرسل تعزيزات من 21 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان. وتظهر النتائج الأولية للانتخابات، التي جرت في العشرين من الشهر الجاري، تقدم طفيف للرئيس كرزاي على أبرز منافسيه، عبد الله عبد الله، وزير الخارجية السابق، الذي اتهم الحكومة الأفغانية بـ«سلب» الانتخابات، التي من المنتظر أن تُعلن نتائجها الرسمية منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل، كما دعا ستة مرشحين آخرين، خاضوا الانتخابات الرئاسية إلى جانب كرزاي وعبد الله، إلى إجراء تحقيق في مزاعم بحدوث تزوير للانتخابات، إلا أنهم، على خلاف وزير الخارجية السابق، لم يوجهوا أي اتهامات مباشرة للرئيس الأفغاني بالتورط في عمليات التزوير.