السودان: ارتفاع ضحايا الأمطار.. وولاية الخرطوم تعترف بوجود خلل في التصريف

انهيار 68 مدرسة.. و21 ألف أسرة تأثرت.. وخطة طوارئ صحية.. وتوزيع خيام للمتضررين

TT

اعترفت حكومة ولاية الخرطوم بوجود خلل في تصريف مياه الأمطار التي ضربت العاصمة السودانية، على مدى ثلاثة أيام، بمعدلات كبيرة، وخلفت قتلى وجرحى وخسائر مادية كبيرة لم يكتمل حصرها بعد. وصدمت الخرطوم بمصرع 5 أطفال أشقاء، بعدما انهار عليهم سور منزل مجاور، حين كانوا في نوم عميق ليلا.

فيما أشارت آخر التقرير إلى ارتفاع عدد القتلى بسبب الأمطار والسيول إلى 36 قتيلا، وعدد المنازل المنهارة إلى 21534 منزلا. وحذرت جمعية «الهلال الأحمر السوداني» من كارثة صحية محتملة في العاصمة جراء المياه الراكدة على مدى البصر في الأحياء والميادين العامة وداخل بعض المرافق العامة الطرفية.

ولقي 5 أشقاء مصرعهم عندما انهار عليهم حائط منزل مجاور عليهم وهم نائمون أثناء هطول الأمطار ليل أول من أمس، فيما أصيب شقيقهم السادس، وتراوحت أعمار المتوفين ما بين عامين وسبعة عشر عاما، كما لقيت خالة الأشقاء الخمسة مصرعها حيث كانت تنام إلى جوارهم في المكان ذاته في حي «الدوحة» وسط مدينة أم درمان. كما لقي مواطن مصرعه بصعقة كهربائية في منطقة الأزهري جنوب الخرطوم، ليرتفع عدد الذين قتلوا بصعقات كهربائية أثناء الأمطار إلى 9 أشخاص في مواقع متفرقة من العاصمة الخرطوم.

ونسب إلى مصادر مطلعة أن عدد المدارس المنهارة بلغ 68 مدرسة بمحليات الولاية المختلفة، جراء السيول والأمطار العنيفة التي ضربت الولاية في الأيام الماضية. وقالت المصادر إن انهيار المدارس مستمر ومتزايد بصورة يومية حتى بعد توقف الأمطار. وأضافت أن دمار المدارس شمل الدمار الكلي والجزئي، وعزت الأسباب إلى إحاطة المياه الكثيرة حول المدارس والفصول، وعدم تصريفها حتى الآن. وفي مؤتمر صحافي عقده في الخرطوم، حذر الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر السوداني عثمان جعفر من وقوع كوارث صحية وبيئية بالخرطوم جراء الأمطار والسيول التي ضربت الولاية، وأطلق الهلال الأحمر السوداني نداء استغاثة دولية للمجتمع الدولي لدعم المنكوبين بالأمطار والسيول، وحدد قيمة الاحتياجات الأولية بمبلغ 500 ألف دولار، غير أنه نوه بأن النداء يستهدف مبلغ 50 مليون دولار، وتوقع ازدياد معدل الأمطار في مقتبل الأيام حسب توقعات الأرصاد الجوية. وحددت الجمعية السودانية الاحتياجات المطلوبة التي تتمثل في ناموسيات، وخزانات مياه شرب، وأدوية أساسية منقذة للحياة، وخيام إيواء، ومبيدات حشرية، بجانب عربات إسعاف.

وأعلن الهلال الأحمر السوداني عن نفاد المخزون الموجود لديها من مواد إيواء وأدوية، وأحصى أن عدد الأسر المتأثرة بالسيول والفيضانات بالخرطوم والمتضررة ضررا كليا وجزئيا بلغ 21534 أسرة، منها 5350 أسرة بمدينة الفتح «1، 2، 3» في أم درمان، وهناك 5800 منزل دمرت دمارا كليا بمنطقة سوبا جنوب الخرطوم، بجانب 5600 منزل انهارت انهيارا جزئيا، بجانب دمار 4 مدارس بالكامل و6 مراكز صحية. وقال إن الجمعية تقوم بمسح لحصر الاحتياجات الصحية المطلوبة، بجانب تشكيل شبكة من المنظمات الوطنية لتلافي آثار مياه الصرف الصحي، والعمل على إصحاح البيئة. وأمسك جعفر عن تحديد أعداد الوفيات، عازيا الأمر لعدم وجود إحصائية كاملة. وتوقع وصول دعم مالي من الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر استجابة لنداء الاستغاثة، بينما طالب جمعيات الهلال والصليب الأحمر العربية بالتدخل السريع لمواجهة الموقف.

فيما كشف أبو القاسم عبد الله أبو راس، مدير التخطيط العمراني بـ«محلية شرق النيل»، شرق الخرطوم، أن المحلية شهدت أمطارا غير مسبوقة خاصة في مناطق «عِد بابكر، رام الله، الكرياب، الحاج يوسف، المايقوما، حلة كوكو»، إضافة لـ«الجريفات». وقال إن السيول غمرت الشوارع كافة، وأضاف أنها غمرت منطقة الشارع الدائري «الخرطوم ـ بور سودان» بالكامل، وأن السيول بدأت تتجمع في ممرات داخل الأحياء السكنية، مما أدى لحدوث انهيارات في المنازل في مناطق رام الله والكرياب وسوبا شرق. وأشار إلى خطورة انهيار المراحيض على الوضع الصحي، وكشفت جولة قامت بها في قرية «الكرياب» عن تردي الأوضاع البيئية والصحية، وبلغ عدد المتضررين بالمنطقة نحو 300 أسرة. وأكد عبد الرحمن مبلول سكرتير اللجنة الشعبية بالمنطقة وصول 125 مشمعا من وزارة الرعاية الاجتماعية. وقالت مصادر في وزار الصحة إن الوزارة بدأت حصر أماكن التوالد في المصارف والبرك، مضيفا أن الوزارة بدأت عمليات المكافحة البيئية لتخفيف المياه. وناشد المصدر منظمات المجتمع المدني تجفيف البرك والمصارف منعا لتوالد البعوض.

من جانبه، تعهد والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر بتكثيف عمل أجهزته لسحب كل مياه الأمطار في الأحياء والميادين والمدارس خلال أسبوع حتى يتسنى استئناف الدراسة، بجانب تجهيز فصول بديلة لاستئناف الدراسة في حالة استمرار هطول الأمطار. واعترف والي الخرطوم بوجود خلل في كيفية تصريف المياه «وذلك لأن بنيتنا الأساسية للصرف السطحي غير مكتملة»، وحمل الوالي في هذا الخصوص المواطنين «جزءا كبيرا من المسؤولية جراء ما لحق من سوء تصريف للمياه»، وقال إن جولة ميدانية كشفت له عن أن بعض السكان يغلقون المصارف والشوارع لخلق معابر لمنازلهم.

وكشف الوالي عن اعتمادات مالية لخطط الطوارئ الصحية، وتوفير عدد خيمتين لكل أسرة منكوبة. وأعلن والي الخرطوم عن تكوين «هيئة عليا للصرف السطحي والطرق» تتبع وزارة البنى التحتية، وتقوم بتنفيذ مشروعات الطرق والصرف السطحي، وتضع الخطط الخاصة بالمشروعات الجديدة والإشراف على تصميمها، وسيتم رصد موازنة معتبرة تمكن الهيئة من القيام بأعمالها. وقال إن الهيئة الوليدة كلفت بتجميع كل الجهود وإمكانيات العمل الهندسي بالولاية، والتخطيط لعمل هندسي وعلمي لتشييد شبكة الطرق والجسور ومصارف الأمطار، على أن تبدأ الهيئة عملها فورا بتصريف مياه الأمطار بأحياء الولاية.