واشنطن تتهم باكستان بتعديل صواريخ اشترتها بغرض الدفاع.. وإسلام آباد تنفي

تطوير صواريخ «هاربون» المضادة للسفن يشعل التوتر بين البلدين

TT

تتهم الولايات المتحدة باكستان بإدخال تعديلات على صواريخ أميركية الصنع لزيادة قدرتها على ضرب أهداف برية، وهو التهديد المحتمل ضد الهند، وفقا لما ذكره مسؤولون رفيعو المستوى في الإدارة الأميركية والكونغرس.

وقد وجه الاتهام، الذي تسبب في إشعال توترات جديدة بين الولايات المتحدة وباكستان، في احتجاج دبلوماسي غير علني في نهاية شهر يونيو (حزيران) تم تبليغه إلى رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني ومسؤولين باكستانيين رفيعي المستوى.

وجاء الاتهام في وقت حرج للغاية، حيث تطلب الإدارة من الكونغرس الموافقة على تقديم 7.5 مليار دولار في صورة مساعدات إلى باكستان على مدار الأعوام الخمسة المقبلة، وفي الوقت الذي تضغط فيه واشنطن على الجيش الباكستاني المتردد من أجل تركيز انتباهه على قتال طالبان، بدلا من التوسع في قواته النووية والتقليدية التي تستهدف الهند. بينما يقول مسؤولون أميركيون إن السلاح محل الخلاف الأخير تقليدي، يعتمد على صواريخ «هاربون» المضادة للسفن التي بيعت إلى باكستان في عهد إدارة ريغان كوسيلة دفاعية في الحرب الباردة، إلا أن مضمون الخلاف هو القلق المتزايد من السرعة التي تحصل بها باكستان على أجيال جديدة من الأسلحة التقليدية والنووية.

وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة: «هناك جهود متضافرة لجعل هؤلاء الناس يقللون من سرعتهم. إن طاقاتهم يساء توجيهها».

وكانت القضية عند اكتشاف هيئات الاستخبارات الأميركية اختبار صواريخ مريبا في 23 أبريل (نيسان)، وهو الاختبار الذي لم يعلن عنه الباكستانيون مطلقا، والذي بدا أنه يقدم للبلاد سلاحا دفاعيا جديدا.

ويقول مسؤولون في الجيش والاستخبارات الأميركية إنهم يشتبهون في أن باكستان أدخلت تعديلات على صواريخ «هاربون» المضادة للسفن التي باعتها الولايات المتحدة لباكستان في الثمانينات، وهي الخطوة التي تعد انتهاكا لقانون مراقبة تصدير الأسلحة. وأنكرت باكستان الاتهام، قائلة إنها صنعت الصاروخ ذاته. وقال المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الباكستانية فى بيان موجز «لم يتم إجراء أى تعديلات على الصواريخ المذكورة». وتجدر الإشارة إلى أن إجراء أى تعديل فى أنظمة الاسلحة والمعدات العسكرية الاميركية يعد خرقا لقانون تصدير السلاح الاميركى.

واتهمت الولايات المتحدة باكستان أيضا بإدخال تعديلات على طائرة P-3C الأميركية الصنع من أجل القيام بمهمات هجوم بري، وذلك في انتهاك آخر لقانون الولايات المتحدة وهو ما عارضته إدارة أوباما.

وأيا كان مصدر تلك الصواريخ، فهي أداة جديدة مهمة في الترسانة الباكستانية ضد الهند. وهي تمنح القدرة للبحرية الباكستانية الصغيرة على ضرب أهداف برية، نظرا للترسانة الصاروخية البرية الكبيرة التي طورتها باكستان. وذلك بدوره من المرجح أن يثير جولة أخرى من سباق التسلح مع الهند، الذي تحاول الولايات المتحدة وقفه، ولكنها لم تنجح.

وصرح مسؤول أميركي آخر رفيع المستوى، اشترط عدم ذكر اسمه نظرا لتطرق الأمر إلى معلومات سرية: «إن محور اهتمامنا هو أن ذلك التعديل المحتمل غير المسموح به أضاف قدرة دفاعية بحرية مضادة للسفن لصاروخ الهجوم البري».

وأضاف المسؤول: «ونحن نراقب عن كثب إمكانية انتشار الأسلحة ووجود انتهاكات. وعندما تكون لدينا مخاوف، نتصرف بصرامة».

وصرح مسؤول باكستاني رفيع المستوى، اشترط أيضا عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية الموضوع وسريته، بأن الاتهام الأميركي «غير صحيح». وقال المسؤول إن الصاروخ الذي أجري عليه الاختبار طورته باكستان، تماما كما عدلت من تصميمات كوريا الشمالية من أجل صناعة صواريخ برية يمكنها أن تضرب الهند. وقال إن باكستان اتخذت خطوة غير معتادة بالسماح لمسؤولين أميركيين بتفتيش مخزن صواريخ «هاربون» لتثبت أنها لم تنتهك القانون، وهي الخطوة التي أثنى عليها مسؤولو الإدارة.

ويشكك بعض الخبراء أيضا في الادعاءات الأميركية. وقال روبرت هيوسون، محرر «جانز آير لانشد ويبونز» الدليل السنوي وخدمة البيانات على الإنترنت، إن صاروخ «هاربون» ليس له نطاق ضروري كصاروخ شن هجمات برية وهو ما سيمنح مصداقية للادعاءات الباكستانية بأنها تطور صاروخها الجديد الخاص. وبالإضافة إلى ذلك، قال إن باكستان بالفعل لديها صواريخ برية أحدث صنعتها بنفسها أو حصلت عليها من الصين.

وقال هيوسون في حوار عبر الهاتف: «لقد تجاوزوا الحاجة إلى إعادة هندسة معدات أميركية قديمة. إنهم أكثر حنكة من ذلك». وقال هيوسون إن صاروخ السفن إلى البر الذي اختبرته باكستان كان جزءا من جهود متضافرة لتطوير مجموعة من الصواريخ التقليدية التي قد تطلق من الجو أو البر أو البحر، لمواكبة ترسانة الصواريخ التقليدية الهندية الهائلة.

ويشير الخلاف إلى مستوى الشك الذي يستمر بين الولايات المتحدة والجيش الباكستاني الذي يفضل المسؤولون الأميركيون أن يصوروه على أنه شريك يعتمد عليه في الجهود المبذولة لاقتلاع قوات طالبان و«القاعدة» من الأراضي الباكستانية. ويعد جزءا محوريا في الجهود الأميركية وهو توجيه تركيز الجيش إلى التهديد الداخلي الذي يواجه البلاد، بدلا من التهديد الذي تعتقد البلاد أنها ما زالت تواجهه من الهند.

ويؤكد مسؤولون باكستانيون أنهم يقومون بهذا التحول. ولكن يشير الدليل إلى وجود استثمارات كبيرة في كل من الأسلحة النووية والتقليدية التي يقول الخبراء إنها من دون فائدة في الصراع ضد الإرهابيين.

وعلى مدار الأعوام، قدمت الولايات المتحدة 165 صاروخ «هاربون» إلى باكستان، من بينها 37 من الأسلحة ذات الطراز القديم والتي أرسلت بها من عام 1985 إلى 1988، كما يقول تشارلز تايلور، المتحدث باسم وكالة التعاون الأمني الدفاعي. ويتسع حجم الترسانة النووية الباكستانية بسرعة أكبر من أي دولة أخرى. وفي شهر مايو (أيار)، أجرت باكستان اختبار إطلاق صاروخ بابور متوسط المدى، وهو السلاح الذي يقول خبراء عسكريون إنه من الممكن أن يحمل رؤوسا نووية. وقد أجري الاختبار في 6 مايو (أيار)، في أثناء زيارة الرئيس آصف علي زرداري إلى واشنطن، ولكن لم يعلن عنه المسؤولون الباكستانيون إلا بعد انتهاء الاجتماعات بثلاثة أيام لتجنب إزعاج المحادثات. وعلى الرغم من أنه من الممكن تقنيا تسلح صواريخ «هاربون» بأسلحة نووية صغيرة، إلا أن خبراء من الخارج يقولون إنه قد لا يكون أمرا ضروريا.

وقبل أن يغادر أعضاء الكونغرس في إجازتهم الصيفية، أطلع مسؤولو الإدارة الكونغرس على الاحتجاج الذي تم تبليغه إلى باكستان. ومن الممكن أن يؤجل الخلاف أو يوقف التشريع الذي يقر بتقديم 7.5 مليار دولار إلى باكستان في صورة مساعدات مدنية على مدار خمسة أعوام. ومن المتوقع أن يصوت المشرعون على خطة المساعدات عندما يعودون من إجازتهم في الشهر المقبل.

ويحظى التشريع برعاية عضوي مجلس الشيوخ جون كيري من ماساشوستس وريتشارد لوغار من إنديانا، وهما أكبر عضوين ديمقراطي وجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية، بالإضافة إلى عضو مجلس النواب هوارد بيرمان الديمقراطي من كاليفورنيا الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس.

* خدمة «نيويورك تايمز»