دمشق ردا على مطالبة بغداد بمحاكمة دولية للتحقيق في تفجيرات: نريدها لكل جرائم ما بعد الغزو

الأسد يدعو إلى مصالحة وطنية بين العراقيين ويؤكد: أمن العراق من مصلحة سورية

TT

فيما تشهد المنطقة تحركات إيرانية ـ تركية لتطويق الأزمة الدبلوماسية بين بغداد ودمشق التي اندلعت إثر دعوة الحكومة العراقية إلى إجراء محاكمة دولية للمسؤولين عن تفجيرات بغداد الأخيرة، والتي اتهمت عناصر من حزب البعث المنحل المتواجدين في سورية بالتخطيط لها، أكد الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، أن لبلاده «مصلحة مباشرة» في أمن واستقرار العراق. ومن المتوقع أن يصل وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى بغداد اليوم، حاملا وساطة تركية لترطيب الأجواء مع سورية. وذكرت وزارة الخارجية التركية في بيان لها، أن «أوغلو سيزور دمشق ويلتقي بالرئيس السوري بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم قبل زيارته للعراق»، مبينة أن وزير الخارجية التركي سيلتقي في العراق برئيس الوزراء نوري المالكي ووزير الخارجية هوشيار زيباري. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد هاتف، أخيرا، كلا من رئيس الحكومة نوري المالكي والرئيس السوري بشار الأسد، متناولا التوترات الأخيرة بين البلدين.

وجدد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، أول من أمس، لدى زيارة نظيره الإيراني منوشهر متقي إلى بغداد للتوسط في احتواء الأزمة العراقية ـ السورية، تصميم حكومة بلاده على طلب إنشاء محكمة دولية، على غرار المحكمة التي أنشئت للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، لملاحقة ومحاكمة أركان النظام العراقي السابق المقيمين في سورية والمتهمين بتنفيذ الهجمات الإرهابية الأخيرة في العراق والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى. وكان من المتوقع أن يصل متقي إلى دمشق في وقت لاحق أمس، وقالت مصادر دبلوماسية إيرانية لوكالة الأنباء الألمانية «يلتقي متقي كبار المسؤولين السوريين لإجراء مباحثات تتعلق بالشأن الثنائي والأوضاع المستجدة في المنطقة ولا سيما في العراق».

إلى ذلك، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن لقاء الرئيس السوري بشار الأسد بالممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، في دمشق أمس تطرق إلى الأوضاع في العراق و«أهمية تحقيق المصالحة الوطنية لما في ذلك من انعكاسات إيجابية على إرساء الاستقرار والأمن للشعب العراقي».

ونقلت الوكالة عن الأسد تأكيده أن «لسورية مصلحة مباشرة في أمن واستقرار العراق». وشدد الأسد أيضا على موقف بلاده «الثابت من تحقيق السلام العادل والشامل بناء على قرارات الشرعية الدولية»، بحسب المصدر نفسه.

ومن جانبه، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال مؤتمر صحافي مشترك مع سولانا في رد على تصريحات المسؤولين العراقيين فيما يتعلق بتشكيل محكمة دولية «هذا شأن عراقي، لكن أعتقد أننا نعيش في هذه المنطقة ونريد أن نرى أي إجراء يتخذ من قبل مجلس الأمن يجب أن يراعي كل الجرائم التي عانى منها الشعب العراقي منذ احتلال أراضيه وكل المجازر الجماعية خاصة أن البيانات التي صدرت عن الأمن العراقي تشير إلى مليون ضحية».

وشدد الوزير السوري على أن موقف سورية من العلاقات مع العراق «واضح»، وقال «نحن مع علاقات حُسن الجوار وعلاقات أخوية مع العراق الشقيق، لكن كلكم يعرف من أساء إلى هذه العلاقة ومن يتحمل مسؤولية التدهور».

واندلعت أزمة دبلوماسية الثلاثاء الفائت بين العراق وسورية إثر استدعاء بغداد سفيرها في دمشق ومطالبتها بتسليم اثنين من قادة حزب البعث العراقي المحظور، متهمين بالضلوع في التفجيرات الدامية التي شهدتها بغداد أخيرا. وردا على هذه الخطوة، قررت سورية استدعاء سفيرها في بغداد.

إلى ذلك، أكدت الحكومة العراقية، أمس، «جديتها» في متابعة ملفات المطلوبين لديها والمتواجدين في سورية، في حين أكد الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، أن لبلاده «مصلحة مباشرة» في أمن واستقرار العراق، وجاءت هذه التطورات في وقت شهدت فيه العلاقات بين البلدين أزمة دبلوماسية اندلعت إثر دعوة بغداد إلى إجراء محاكمة دولية للمسؤولين عن تفجيرات بغداد الأخيرة والتي اتهمت عناصر من حزب البعث المنحل المتواجدين في سورية بالتخطيط لها. وأكد علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الإعلامي، بأن هناك جدية من قبل الحكومة العراقية في متابعة ملفات المطلوبين المتواجدين في سورية مع السلطات السورية.

وحول ما أوردته تقارير عن دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما للمالكي بتطويق الأزمة مع سورية، قال الموسوي إن «الأدلة ضد تورط عناصر البعث السابق ليست بالقليلة وبالإمكان تشخيصها، ولكن المطلوب من سورية الإرادة الصادقة لتسليم هؤلاء المطلوبين». وقال الموسوي لـ«الشرق الأوسط» إن «اتصالاتنا مستمرة مع الدول المجاورة ومع مجلس الأمن للوصول إلى حل مشكلة المسلحين المتواجدين في تلك الدول والذين يتسللون إلى البلاد من أجل تقويض الأمن فيها». يشار إلى أن الحكومة طالبت الأسبوع الماضي، مجلس الأمن الدولي بتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب، في وقت حضت فيه دمشق على تسليم محمد يونس الأحمد وسطام فرحان لدورهما المباشر في تنفيذ العمليات الإرهابية. وقالت مصادر برلمانية في تصريحات صحافية «إن وزارة الخارجية وممثل العراق الدائم في مجلس الأمن الدولي سيقدمان طلب الدعوى وتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب ومنفذي التفجيرات التي استهدفت العراقيين الأبرياء».