فياض: الفكرة وراء خطة إعلان الدولة عام 2011 هي الخروج من خانة السلبية وتجاوز عوامل الإفشال الذاتي

رئيس الوزراء الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: الخطة لا تشكل تجاوزا لمنظمة التحرير ولا تتعدى صلاحيات أبو مازن

د. سلام فياض
TT

شدد سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني، على أنه لم يتجاوز حدوده في طرح خطته لإعلان الدولة الفلسطينية في أواسط عام 2011. وقال إنه بهذه الوثيقة لا يتجاوز أي خطوط ولا يتعدى على صلاحيات الرئيس محمود عباس (أبو مازن) أو منظمة التحرير الفلسطينية، وأكد أنه لا يختلف مع أحد في حقيقة أن منظمة التحرير الفلسطينية، هي المسؤولة عن الوضع السياسي بما في ذلك ملف المفاوضات وإعلان الدولة. وقال «ونحن كحكومة نقوم بالبناء من أجل تعزيز قدرة المنظمة على التحرك في المجال السياسي، وتقوية يدها». وبالنسبة للرئيس أبو مازن، قال فياض في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» إن مبادرته أو خطته ليست أكثر من برنامج لحكومة الرئيس أبو مازن. وأضاف أن الخطة سلمت رسميا للرئيس قبل حوالي الأسبوعين من إعلانها في مؤتمر صحافي في رام الله الأسبوع الماضي.

وطالب فياض الجميع بالتروي، داعيا إلى فتح باب النقاش حول خطته التي قال إن الهدف منها هو الخروج من السلبية في التفكير إلى الإيجابية والعمل من أجل توفير الإمكانات للمواطن الفلسطيني للصمود في أرضه، باعتبار الصمود الركيزة الأولى في إنهاء الاحتلال. وقال «باختصار فإن ما تنطوي عليه هذه الفكرة هو أن علينا أن نبادر ونبادر ونخرج من خانة المتلقي. حتى لو لم تتحقق الدولة في حينه نكون أيضا قد حسنا قدرات السلطة على تقديم الخدمات للمواطن، أمنيا وبنى تحتية، بما يعزز صمودهم وثباتهم على الأرض، وهو المربع الأول في إنهاء الاحتلال». وأضاف «يجب أن نقوم بعملية غزو لعقولنا، ونقنع أنفسنا بقدراتنا على إنجاز هذا المشروع لنضع العالم أمام واقع لا بديل أمامه سوى مساعدتنا في إعلان الدولة».

ونفى فياض أن تكون خطته كما يقول البعض، شبيهة بالسلام الاقتصادي الذي يدعو إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكدا أنها خطة متكاملة تنموية وطنية لإنهاء الاحتلال لا لتكريسه. وعن الخيارات في حال فشل الخطة ولم تعلن الدولة في موعده قال إنه لا بد وأن يؤخذ الفشل «بالحسبان.. نحن ندرك أن النجاح ممكن والفشل ممكن. ولكن إذا فشلنا يجب ألا يكون سبب الفشل هو عدم المحاولة أو قلة الجهد. نريد أن نتجاوز عوامل الإفشال الذاتي».

وفي ما يلي نص الحوار:

* تعرض الدكتور سلام فياض ومبادرته إلى انتقادات عنيفة وصلت حد التهجم الشخصي من قبل بعض الفصائل منها فتح والجبهة الشعبية وحركة حماس.. فلماذا كل ذلك؟

- أنا لا استطيع أن أوافقك الرأي أن هذا هو رد فعل الفصائل، إلا إذا جاء الكلام على لسان ناطق باسم كل فصيل. لا تستطيع القول إن حركة فتح وجهت انتقادا

* بعض قيادات فتح قالت إنها ستصدر بيانا ترفض فيه هذه المبادرة؟ - ما عنديش خبر في هذا الموضوع

* والجبهة الشعبية أصدرت بيانا وحماس أدلت بدلوها عبر ناطق باسمها؟

- لا أريد الخوض في ذلك. لكن دعني أقول إن الشعبية على سبيل المثال تحدثت في رد فعلها عن أن منظمة التحرير هي وحدها التي لها الحق في إعلان الدولة. وأنا شخصيا ليس لدي مشكلة في ذلك.. وما ورد في خطتنا لا يتعارض مع هذا الكلام، بل بالعكس نحن نقول إن هذا هو شأن من شؤون منظمة التحرير. وأنا أعتبر جوهر ردة الفعل الشعبية لا يتناقض مع ما قلته. وهذا شيء جيد. أنا لا أشكك، على الإطلاق في حقيقة أن المنظمة هي المسؤولة عن إعلان الدولة. ونحن كحكومة نقوم بالبناء من أجل تعزيز قدرة المنظمة على التحرك في المجال السياسي، ولتقوية يدها. أنا لا أعتبر ذلك نقدا، بل أرجع سببه إلى أن هؤلاء الناس لم يقرأوا الوثيقة بتمعن.

* من بعض الانتقادات أيضا أنك تتحدث عن دولة مؤقتة لا يدخل فيها موضوع القدس؟

- هذا كلام مردود على كل من يقوله. يا رجل مقدمة الخطة تتحدث عن دولة فلسطينية في حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.. إذن لا خلاف مع الشعبية. أما بالنسبة لحماس فإنها تركز على عدم شرعية هذه الحكومة، ولا تتطرق إلى جوهر الموضوع، وهم أحرار في موقفهم هذا. لذلك أنا غير مستعد للرد على كلام ليس له علاقة بجوهر الموضوع. كنت أود لو أثاروا نقاشا حول الأفكار المطروحة. بالنسبة لفتح فإنني لم أر موقفا رسميا إزاء هذا هذه المبادرة.

* صحيح ليس هناك موقف رسمي، لكن ما من مسؤول في فتح تحدثت إليه، إلا وانتقد المبادرة، واعتبرها تخطيا للحدود، واعتداء على صلاحيات الرئيس.. الخ؟

- كيف يعني. أنا مش فاهم.. وبارجع وباقول إنني لن أرد علي شيء لم أسمعه، لكني أستغرب مثل هذا الكلام.. أستغرب كثيرا. أساسا أنا سلمت رسميا نسخة من الوثيقة للرئيس قبل أسبوعين تقريبا من إعلانها وتحديدا في 17 أغسطس (آب) الجاري. وهذه الوثيقة عبارة عن برنامج عمل الحكومة يركز على بناء المؤسسات. إذن، أين التطاول على صلاحيات الرئيس. نحن متفقون على أن المنظمة هي المسؤولة عن التفاوض وإعلان الدولة.. إذن أين الخلاف.. لا خلاف مع الشعبية أو مع فتح في هذه المسألة. أطلب من الجميع التروي والتفكير في الأمر. بالنسبة لإسرائيل.. فيا سيدي متى كانوا يشعرون بالسعادة.. إلا عندما كانوا ينعتوننا باللصوص والإرهابيين أو العجزة.

* وهناك من نعت مبادرتك بخطة بنيامين نتنياهو الاقتصادية؟

- أجبنا عن ذلك أكثر من مرة. أرجو من الناس أن يراجعوا الكلام الذي أقوله يوميا في جولات الميدانية، بدلا من استجوابي المتواصل. خلينا نتحاكم على الكلام الذي نحكيه يوميا في الميدان في ظل الجدار العازل. لو قصرنا الكلام على البناء والتنمية، دون ربطه بالإطار السياسي الوطني المتمثل بإنهاء الاحتلال لكان الأمر كالسلام الاقتصادي. باختصار أنا لا أختلف مع أحد في أن الشأن السياسي هو شأن المنظمة وأبو مازن كرئيس للجنة التنفيذية للمنظمة هو المسؤول الأول.. ولا نقاش في ذلك.

* طيب، لنتحدث عن الوثيقة نفسها.. على ماذا تعتمد في تحديدك أواسط عام 2011 لقيام الدولة الفلسطينية؟.

ـ حكينا في هذا الموضوع سابقا وفي أكثر من مناسبة.. يعني ذكره الآن ليس مفاجئا. لقد طرحت الموضوع كفكرة في خطابي في جامعة القدس المفتوحة في يونيو (حزيران) الماضي، ردا على خطاب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الذي بدوره جاء ردا على خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في القاهرة). ويومها قلت على رؤوس الأشهاد، إن هذه الحكومة ستعكف خلال الأسابيع القادمة على وضع خطة تفصيلية لهذا التوجه. والفكرة ببساطة قائمة على أساس أننا لا نريد أن نبقى في وضع المتلقي إلى ما لا نهاية. يوجد لدينا واقع وهناك معطيات وهناك إجماع دولي على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية لإنهاء الصراع.. وهذا الإجماع تشكل في أواسط 2002. وأصبح هذا جزءا من الواقع الذي يجب التعامل معه.. ومنذ انتهاء الفترة الانتقالية (وفق اتفاق أوسلو) في مايو (أيار) 1999، ونحن ننتقل من جولة (مفاوضات) إلى أخرى، ومن مكان إلى مكان، لكن لم يكن لدينا موقف مبادر. في المعطيات المتوفرة لديك هناك عدة عناصر.. منها العملية السياسية، مفاوضات واجتماعات.. صحيح أننا جزء من هذه العملية، ولكننا لا نستطيع الادعاء بأننا اللاعب الوحيد فيها. هذا من جانب، وهناك جوانب أخرى للقضية. لكن من كل المتغيرات أمامنا، إذا تطلعت إلى المخرج الرئيسي لعملية السلام التي دخلنا فيها وأعيد التأكيد عليها في مؤتمر أنابوليس، فستجد أنه إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية. إنهاء الاحتلال يحتاج إلى جهد دولي فاعل وإلزام إسرائيل باستحقاقاته (السلام)، وعلينا أن نسعى في هذا الاتجاه بكل تأكيد. غير أن المتغير الذي لدينا، هو القدرة على التغيير فيه بل واجبنا التغيير فيه، وهو المخرج الثاني لعملية السلام أي قيام الدولة الفلسطينية. هذه هي مسؤوليتنا.. صحيح أن الاحتلال معيق ولن يفرش لنا الطريق بالورد ولن يسهلها علينا، وأنا أكثر من يعرف هذا الكلام. لكن ما أقوله هو أنه إذا ما وضعنا نصب أعيننا هذا الموضوع كهدف جادين في تحقيقه لأن هناك مبادرين. نقول إن الدولة هي هدف لهذا البرنامج السياسي الوطني الفلسطيني، والسعي لإقامة الدولة بجدية، يشكل رافعة للجهد الوطني الحثيث لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة. الحديث عن سنتين أو أكثر أو أقل، له عدة جوانب. الجانب الأول يتعلق بما هو المطلوب. بكل تواضع بإمكاني القول إن لدينا خبرة في السلطة، ونعرف المؤسسات الموجودة وكيفية تقديم الخدمات في المجالات المختلفة. ولدينا أيضا معرفة بالوضع الذي يجب أن تكون عليه المؤسسات عندما تقوم الدولة، من حيث القدرة على توفير الخدمات للمواطنين. والسؤال الذي نطرحه هو ما الذي تم أو أنجز من الأول للآخر.. حتى نسد أي ثغرات ويكون لدينا مؤسسات قوية قادرة على توفير الخدمات. هذا هو توجهنا. موضوع السنتين مهلة معقولة لتحقيق الهدف. وهي أيضا تشكل تحديا ولا بد من أن نبذل أقصى طاقاتنا حتى نصل إلى هذه النتيجة.. يعني أن هذه الدولة لن تحدث بنفسها ولا بكبسة زر. نحتاج إلى عمل حقيقي كي تقوم الدولة..

* لكن هل قيام الدولة يعتمد على العنصر الفلسطيني فحسب.. وإذا كان ذلك فلماذا التأخير في إعلان قيام الدولة؟.

ـ جاييك في الكلام والتفسير.. رايح ييجي لوحده. نحن نقول إنه يمكن إنجاز ذلك خلال هذه المدة.. ويجب أن نشد على أنفسنا. صحيح أنه سيكون هناك بعض التحدي لكن بإمكاننا أن ننجز هذا الشغل.. نحن لا نعمل في فراغ.. هناك عملية سياسية يجري بشكل جدي إحياؤها. وهذه العملية لا بد وأن توصلنا إلى إنهاء الاحتلال. ونحن من جانبنا علينا أن نعمل بشكل جدي في الاتجاه الذي نحن قادرون على إحداث التغيير فيه، وهو بناء مؤسسات الدولة والإعداد لقيام الدولة، وهذا يتزامن مع العمل على الصعيد الدولي. ومن خلال عملنا كسلطة وليس منظمة تحرير، عبر البناء وتقديم الخدمات، وإثبات قدرتنا على إنجاز هذا الموضوع، نقوي موقفنا السياسي. يعني بيكون عندك سلطة تقدم الخدمات للفلسطينيين في الضفة وغزة وتبني في اتجاه الدولة.. هذا يقوي يد المنظمة في المفاوضات، وبهذه الصيغة نعطي أنفسنا أحسن فرصة ممكنة لإنجاز الدولة وإنهاء الاحتلال.

* يعني أنت تدعو إلى أن يكون الفلسطينيون جاهزين في اللحظة التي يجري فيها الاتفاق السياسي، لإعلان الدولة من خلال بناء المؤسسات؟

- مائة بالمائة.. يا أخي منذ حديث الرئيس (السابق) جورج بوش عن الدولة الفلسطينية والإسرائيليون يحاولون أن يصنفونا في إحدى خانتين الأولى الفساد أو خانة الإرهاب.. بمعنى أننا لسنا جديرين بالدولة لأن نيتنا سيئة، وإذا كانت النية سليمة فنتهم بأننا غير قادرين على إقامة الدولة. إذن القصد من هذه الخطة هو إحلال الرؤية الفلسطينية أو يمكن القول الرواية الفلسطينية محل الرواية الإسرائيلية التي نجحت عالميا لفترة طويلة. نحن نقول بكل جدية.. نريد أن نبني مؤسسات بأعلى المستويات ليست الإقليمية فحسب بل الدولية، وذلك من أجل كسب التأييد العالمي. الآن. وصلنا إلى أواسط 2011 ويفترض أن تكون العملية السياسية قد أنجزت إنهاء الاحتلال، لأننا نحن نجحنا في الخروج من خانة الذرائع الإسرائيلية والعالم كله يشهد لنا في إدارة شؤوننا ولا سيما المالية ومن خلال العمل الدؤوب لبناء المؤسسات، مؤسسات الدولة وتقوية أنفسنا على الصعيد السياسي ودعم جهود المنظمة في التفاوض. وإذا لم ينته الاحتلال في هذا الوقت، ونظرت إلينا شعوب العالم من الصين وحتى تشيلي ومن أفريقيا حتى أستراليا، فإنها ستقول إن هذا الشعب لديه دولة جاهزة على الأرض. والمشكلة الوحيدة هي الاحتلال.. ولا بد أن ينتهي. وبذلك تكون القدرة على إنهاء الاحتلال مضاعفة. أنت تقول إن على الفلسطينيين أن يعملوا بجدية على جميع الصعد من بناء الأمن وفرض الأمن وتحسين الأداء الاقتصادي والسياسي، من الآن وحتى منتصف 2011. باختصار فإن ما تنطوي عليه هذه الفكرة هي.. علينا أن نبادر ونبادر ونخرج من خانة المتلقي. حتى لو لم تتحقق الدولة في حينه نكون أيضا قد حسنا قدرات السلطة على تقديم الخدمات للمواطن، أمنيا وبنى تحتية، بما يعزز صمودهم وثباتهم على الأرض، وهو المربع الأول في إنهاء الاحتلال. ولا تنسى وكما أكدت سابقا، فإن إعادة الوحدة للوطن مسألة أساسية، فالدولة لن تقوم إلا بإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته.

* مع أواسط 2011، يكون الفلسطينيون جاهزين لإعلان الدولة، في انتظار الحل السياسي.. طيب وإذا لم يأت هذا القرار أي إذا لم تتمخض المفاوضات عن شيء، ماذا سيحصل؟

ـ في هذه الحالة، نصل إلى نقطة أن العالم برمته يكون مسؤولا عن إنهاء الاحتلال لا أن تترك إسرائيل لتفعل ما تشاء

* يعني أنكم ستضعون العالم أمام أمر واقع؟

- بالضبط.. هذا كلام سليم مائة بالمائة.. وبإنجاز هذه الفكرة بالشكل الصحيح، سنحصل على كل تعاطف العالم.

* في حال لم يتحرك العالم، كما حصل في السابق على سبيل المثال في نهاية المرحلة الانتقالية عام 1999، ماذا سيكون الموقف.. هل ستعلن الدولة من جانب واحد رغم كل المشاكل.. الحدود والأجواء والمستوطنات والقدس والمياه واللاجئين إلى آخره؟

- لدينا ما يكفي من الوقت للتفكير بشأن البديل. لكننا نعمل ولا نضع نصب أعيننا الفشل. نحن نفكر بأجندة إيجابية قادرة على الإنجاز. وبصراحة فإننا نرى أنه إذا ما التزمنا نحن بهذه الرؤية وتوحدنا حولها، سنمسك بزمام المبادرة..

* احتمالات الفشل قائمة ولو كانت 1%.. ألا يجب أن تؤخذ بالحسبان؟

- طبعا يجب أن تؤخذ بالحسبان.. نحن ندرك أن النجاح ممكن والفشل ممكن. ولكن إذا فشلنا يجب ألا يكون سبب الفشل هو عدم المحاولة أو قلة الجهد. نريد أن نتجاوز عوامل الإفشال الذاتي.

* لكن ما هو الحل في حال الفشل.. يا سيدي أنتم قطعتم الـ 99 خطوة وباقي الخطوة الأخيرة المطلوبة من الطرف الآخر.. فإذا لم يقطعها ماذا سيكون الموقف؟.

- هذه قضية تقيم وفق المعطيات والتوجهات. هذه عبارة عن عملية متكاملة لا تتم بكبسة زر، كما لا ينتهي الاحتلال بكبسة زر. يجب أن تقيم الواقع باستمرار. نحن طرحنا هذه المبادرة وعلى منظمة التحرير الفلسطينية المعنية بالشأن الفلسطيني في الداخل والخارج.. وإذا كان هناك نقاش جدي بشأن مصير هذا الشعب ومصير القضية الفلسطينية، فاعتقادي أنه لا بد وأن يكون مرتبطا بهذا السؤال في ضوء المعطيات التي ستتمخض عن مبادرتنا نحن. إذا يجب أن نرعى هذه المبادرة وندعمها وفي نفس الوقت نكون مستعدين للتعامل مع الفشل إن حصل لا سمح الله.

* تتحدث في الخطة عن بناء مطار في منطقة الاغوار واستعادة مطار قلنديا وتعمير مطار رفح، وهذه مناطق لا تستطيع أنت أو أي مسؤول فلسطيني دخولها إلا بحماية الأمن الإسرائيلي.. فهل ستسمح لكم إسرائيل بتحقيق ذلك من دون أن يكون هناك توافق؟

- قصدك توافق سياسي مع إسرائيل

* أي من دون أن تتوصلوا إلى اتفاق مع إسرائيل.. هل تسلمتم مطار قلنديا؟

- لا.. طبعا لم نستلم مطار قلنديا، كما أن الاغوار منطقة لا يسمح لنا العمل فيها في الوقت الحاضر. لكن زمن أول حول، انقضى الزمن الذي نبقى فيه في دائرة طلب منا أن نبقى فيها. هذه الدولة التي يقولون إنها ستكون في مصلحة الاستقرار والأمن العالميين. إذا احنا ما عملناش في الأراضي المحتلة عام 1967 لا سيما الغور وانتظرنا الإذن الإسرائيلي، فسوف يتكرس أن الغور هو خارج الحسبة، كما أصبح الكثير يعتقد أن مناطق «ج» (المناطق من الضفة الغربية الخاضعة أمنيا وإداريا لإسرائيل حسب اتفاقات أوسلو) أصبحت في الوعي العام كأنها أراضٍ متنازع عليها وليست أراضي محتلة. نحن ومن خلال المشاريع العديدة التي ننفذها (أكثر من 800 مشروع حتى الآن) في أرياف فلسطين المتاخمة للجدار والاستيطان، نثبت واقعا على الأرض. ونحن بذلك هزمنا القول بأن هذه الأراضي متنازع عليها.. نحن نؤكد أن هذه هي أراضي السلطة الفلسطينية التي ستقوم عليها الدولة. ونقول للعالم إنكم تتحدثون عن أن الدولة هي في مصلحة العالم، ونحن أكثر من أي طرف آخر نريد هذه الدولة.. لكن ليس هناك دولة من غير مطار.. عندنا مطار في غزة يحتاج إلى تصليح فلا بد من إصلاحه. وعندنا مطار في قلنديا يحتاج إلى ترميم، لكن هذا لا يصلح لأن يكون مطارا دوليا.. ونريد مطارا في الغور.

* هل هذا الكلام موجه للدول الراعية للسلام والمعنية به أم لإسرائيل؟

- هذا موجه للجميع وأولهم الفلسطينيون.. وحتى يكون لدينا دولة يجب علينا نحن الفلسطينيين أن نصدق بإمكانية أن يكون لدينا دولة في كل الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967. ورؤيتنا نحن تكرس هذا.

* يعني مبادرتكم بمجملها ترتكز على فرضيات.. كيف ستبني مطارا في الاغوار وأنت كسلطة غير قادر على الوصول إليها بدون موافقة إسرائيل؟

- لا نستطيع أن نأخذ الواقع كقدر، لأننا بذلك سنكون عاجزين عن فعل شيء. أو في المقابل، أن ندخل في جدل بيزنطي.

* لكن هذا الواقع موجود ويواجهه الفلسطينيون يوميا.. الدكتور سلام فياض يستطيع أن يفتتح مصنعا لتعليب اللحوم في طولكرم مثلا.. لأن طولكرم منطقة «أ» (وهي المناطق التي يفترض أن تكون خاضعة أمنيا وإداريا للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاقات أوسلو) ومن غير حاجة للتصريح الإسرائيلي، لكن كيف يمكن ذلك في منطقة مثل قلنديا أو الاغوار الواقعة في مناطق «ج» التي لا تستطيع دخولها إلا بحراسة إسرائيلية؟.

- هذا صحيح.. لكن هل نقبل بذلك ونسلم به إلى ما لا نهاية؟!

* لا طبعا - إذا كان الجواب لا. فيجب أن تتقدم برؤية تؤكد ضرورة دخول هذه المناطق حتى يكون لدينا دولة؟.. فإذا لم أبادر وأطالب بمطار هنا أو هناك.. فهل أنتظر من العالم أن يطالب به نيابة عني.. لا، لن يطالبوا بذلك. نحن بحاجة للعالم وللموقف الدولي الداعم وبكل تأكيد الدعم العربي. وهذا كله موجود في مقدمة المبادرة. وإذا وصلنا إلى أواسط 2011 ولا يزال الاحتلال قائما، نريد من العالم أن يشعر أن الخلل الوحيد الموجود في الأراضي الفلسطينية هو بقاء الاحتلال، لأن كل القطاعات والمؤسسات في الأراضي الفلسطينية جاهزة تعمل بشكل جيد وهناك حقيقة قائمة على الأرض والأهم من ذلك أن ثقة المواطن الفلسطيني بنفسه تتعزز.

* يعني الهدف الأساسي هو الانتقال بالمواطن الفلسطيني من مرحلة السلبية إلى مرحلة الإيجابية؟

ـ نعم يجب أن نقوم بعملية غزو لعقولنا، ونقنع أنفسنا بقدراتنا على إنجاز هذا المشروع.