الأسد يصف اتهامات بغداد بأنها «غير أخلاقية».. والمالكي يرد: 90% من الإرهابيين يتسللون عبر حدودكم

الرئيس السوري ذكر بغداد باحتضان أكثر من مليون لاجئ.. ورئيس الوزراء العراقي يؤكد مضيه بالمحاكمة

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ونظيره التركي أحمد أوغلو لدى لقائهما ببغداد أمس (أ.ب)
TT

صعد الجانبان العراقي والسوري، أمس، من حدة خطابهما حول الأزمة الدبلوماسية بين البلدين التي نشبت جراء اتهام بغداد لدمشق بإيواء متهمين بتفجيرات الأربعاء الدامي، ووصف الرئيس السوري بشار الأسد تلك الاتهامات بأنها «لا أخلاقية»، فيما جدد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مطالبته بتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة المتورطين بالتفجيرات التي أودت بحياة نحو مائة شخص. وجاءت هذه التطورات فيما تواصل أنقرة وطهران جهودهما لتطويق الأزمة. وقال الأسد في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره القبرصي ديمترس خريستوفياس في دمشق، أمس، «عندما تتهم سورية بقتل عراقيين وهي تحتضن مليونا ومائتي ألف عراقي فهذا اتهام لا أخلاقي، وعندما تتهم سورية بدعم الإرهاب وهي تكافحه منذ عقود، وكانت دول في المنطقة وخارجها تدعم الإرهاب، فهذا الاتهام سياسي ولكنه بعيد عن المنطق السياسي، وعندما تكون الاتهامات من دون دليل فهذا خارج منطق القانون، لذلك قامت سورية مباشرة بعد صدور الاتهامات بالطلب رسميا إلى العراق بإرسال وفد إلى سورية ومعه الأدلة حول هذه الاتهامات».

وأكد الأسد أنه «حتى هذه اللحظة لم يصلنا أي رد بعد مرور أيام على صدور الاتهامات، لذلك وبعيدا عن المزايدات السياسية في الإعلام، سورية حريصة على الشعب العراقي وعلى مصالحه كحرصها على مصالح ودماء وأرواح الشعب السوري». وكان الرئيس الأسد قد دعا الحكومة العراقية إلى «إرسال ما لديها من أدلة حول التهم التي وجهت مرارا إلى سورية حرصا من سورية للوقوف على حقيقة الاتهامات والحفاظ على حياة العراقيين وأمن واستقرار العراق». وجاء ذلك خلال استقباله وزير خارجية إيران منوشهر متقي الذي وصل دمشق مساء الأحد.

وجاءت زيارة متقي إلى دمشق بعد يوم من زيارته إلى العاصمة العراقية بغداد ولقائه عددا من المسؤولين العراقيين.

وفيما تشير التقارير إلى قيام إيران بدور وساطة لاحتواء التوتر الحاصل بين بغداد ودمشق، إلا أن الأوساط السياسية السورية لم تعول كثيرا على هذه الوساطات الإقليمية، «كون الجانب السوري ليس هو البادئ بالتصعيد مع بغداد، وأيضا هو مصر على تقديم الحكومة العراقية أدلة تشير إلى منفذي تفجيرات الأربعاء الدامي، وأنه خارج هذا الأمر لن يكون هناك بحث في أي شيء».

وفي غضون ذلك، من المتوقع وصول وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إلى دمشق في وقت لاحق من مساء أمس قادما من بغداد في مساع تركية لاحتواء الأزمة. ومن المتوقع أن يلتقي أوغلو الرئيس الأسد ووزير الخارجية وليد المعلم، لبحث المستجدات الأخيرة في العراق والاطلاع على وجهات نظر العاصمتين بالخصوص وإبداء موقف أنقرة حيال ذلك، بحسب وسائل إعلام تركية. وفي بغداد، جدد المالكي خلال استقباله وزير الخارجية التركي مطالبته بتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة المتورطين بالتفجيرات الأخيرة التي طالت البلاد. وقال المالكي إن «موقف العراق هو المضي بمطالبة الأمم المتحدة بتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم البشعة التي استهدفت أمن واستقرار العراق وسلامة شعبه وأودت بحياة العديد من الأبرياء».

وطالب المالكي «الجانب السوري بتسليم المطلوبين الرئيسيين في هذه الجريمة (محمد يونس الأحمد وسطام فرحان) وبقية المطلوبين الصادر بحقهم مذكرات قبض بواسطة الشرطة الدولية الإنتربول، كما نطالب بإخراج الإرهابيين والبعثيين والتكفيريين الذين يتخذون من الأراضي السورية مقرا ومنطلقا للقيام بأعمال إجرامية داخل العراق». وأكد المالكي «لقد قدم العراق لسورية منذ عام 2004 أسماء وعناوين ومعلومات ووثائق وأدلة على أنشطة الإرهابيين وبعض الجماعات التكفيرية المعروفة ومواقعهم وطرق تسللهم عبر الأراضي السورية وتلقيهم للدعم اللوجستي ومعلومات عن القيادات البعثية التي تلتقي على الأراضي السورية وتخطط وتعمل على إعادة الدكتاتورية عبر ارتكاب الجرائم البشعة ضد العراقيين»، مبينا «أن 90% من الإرهابيين من مختلف الجنسيات العربية تسللوا إلى العراق عبر الأراضي السورية». وكان وزير الخارجية هوشيار زيباري قد أكد في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني في بغداد أن مسألة المطالبة بمحكمة دولية قد تستغرق بعض الوقت، وربط الأمر بالمحكمة التي أنشئت للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. إلى ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر صحيفة عراقية مقربة من الحكومة أن وزير الخارجية التركي يحمل ثلاثة مقترحات لإزالة التوتر. وأوضحت الصحيفة نقلا عن مصادر مطلعة أن «الوزير أوغلو سينقل وجهة النظر السورية تجاه المطالب العراقية مع طرح مقترحات عدة من بينها عدم المضي باتجاه المحكمة الدولية وعقد لقاء عاجل بين وزير الخارجية هوشيار زيباري ونظيره السوري وليد المعلم برعاية تركية في أنقرة». أما الاقتراح الثالث، فيقضي «بعقد لقاء أمني بين مسؤولين من البلدين يتم خلاله عرض الأدلة والمستندات التي تثبت تورط بعض المقيمين في سورية بالعمليات التخريبية في العراق»، حسب الصحيفة نفسها.

وعلى صعيد متصل، قالت مصادر مصرية مطلعة إن تركيا ستعرض مقترحاتها لعلاج الأزمة الحالية بين سورية والعراق، على مصر، كما ستطلب أنقرة مساعدة القاهرة في احتواء التوتر بين بغداد ودمشق، فيما بدا أن تركيا تسعى للحصول على ضوء أخضر إقليمي لوساطتها بين البلدين. ويستقبل الرئيس المصري حسني مبارك غدا وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو الذي يبدأ زيارة لمصر اليوم التي تعد الأولى له منذ شغله مهام منصبه في 9 مايو (أيار) الماضي، ضمن جولة تهدف إلى تهدئة التوتر القائم حاليا بين بغداد ودمشق.