القضاء الإيراني يشكل لجنة لمراقبة التحقيقات في الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات

محللون سياسيون: خامنئي يعمل على إذكاء الخلافات بين تابعيه كوسيلة للمحافظة على سلطته

TT

استمر منافسون محافظون للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في خلق تحديات أمام حملته من أجل تعزيز سلطته، وتم تشكيل لجنة لمراقبة التحقيقات الجارية بشأن الاضطرابات التي اجتاحت البلاد بعد إعلان الرئيس أحمدي نجاد فوزه في الانتخابات الرئاسية المتنازع على نتائجها والتي جرت في يونيو (حزيران). وقبل ظهور أحمدي نجاد أمام البرلمان الإيراني للدفاع عن مرشحيه للمجلس الوزاري بيوم واحد، أعلن رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني عن تعيين لجنة لمراقبة التحقيقات التي يجريها حلفاء للرئيس في اضطرابات نشبت في أعقاب الانتخابات الرئاسية. ونقلت وكالة «فارس» الإخبارية شبه الرسمية عن لاريجاني قوله إن اللجنة طُلب منها «ضمان صيانة حقوق المتهمين وضمان أنهم يحصلون على معاملة لائقة».

ويقول محللون سياسيون إن إعلان لاريجاني، وهو منافس للرئيس، يعكس خطوة أخرى من جانب منافسي الرئيس المتشددين والأكثر برغماتية من أجل الحد من دعواه لإلقاء القبض على قيادات إصلاحية وطلبه توقيع أقصى عقوبة على من تجري محاكمتهم. ويبدو أن ذلك يأتي في إطار استراتيجية للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي تهدف إلى استعادة مصداقيته بين النخبة الدينية ووضعه كحكم حيادي بين المواطنين.

وعلى الرغم من أن المعسكر المنافس لا يختلف عن الرئيس في المنحى الأصولي للدولة، فإنه اختلف معه في الطريقة التي تعامل بها مع الأزمة.

وكلّف البرلمان الإيراني، الذي يسيطر عليه المحافظون، لجنتين من المشرّعين بالتحقيق في اتهامات بوقوع عمليات تعذيب واغتصاب على يد عملاء للحكومة في أعقاب الانتخابات. وكان الرئيس أحمدي نجاد قد سعى إلى إسكات المنتقدين عن طريق عمليات اعتقال وترويع ومحاكمات. ويقول مصطفى علاني، مدير دراسات الأمن والدفاع بمركز الخليج للأبحاث في الإمارات: «أرى أننا نشهد خطوة تجاه المصالحة، ولا أعتقد أن المصالحة سوف تتضمن مراجعة للانتخابات أو نزع الشرعية عن أحمدي نجاد، ولكنها سوف تبحث في اتهامات بوقوع تعذيب مع تذليل الإجراء القضائي بهدف التخلص من جميع التهم المتشددة».

وفي الوقت الذي أعلن فيه لاريجاني عن تشكيل لجنة جديدة، رفضت قيادات الحرس الثوري وشرطة طهران القول بأن أفراد تابعين لهما ارتكبوا انتهاكات خلال تعاملهم مع الاضطرابات. وقد بدأت الخطوات البسيطة من أجل تلطيف الوضع بإعلان آية الله خامنئي الأسبوع الماضي أنه لا يعتقد أن القيادات الإصلاحية تواطأت مع دول أجنبية قبل الأزمة، مثلما قال أحمدي نجاد وحلفاؤه. ولكن أعرب المرشد الأعلى عن اعتقاده بأن هذه الاضطرابات كان مخططا لها.

وكانت الإجراءات التي قام بها آية الله خامنئي في إطار رد على ضغوط من المؤسسة الدينية في قم والنجف بالعراق، والتي أعربت عن استيائها من «المحاكمات الصورية» واستيائها «الشديد من هجوم أحمدي نجاد على محافظين آخرين»، حسب ما قاله محلل سياسي درس وكتب كثيرا عن إيران وتحدث شريطة عدم ذكر اسمه لتجنب تعريض عمله في هذا المجال لمخاطر.

وأضاف المحلل السياسي: «يمكن أن يعتقد المرء أن ما يحدث عبارة عن تحرك مهم من جانب خامنئي لاحتواء أحمدي نجاد، ولكن بسبب أن الإصلاحيين تم سحقهم بالكامل، وهناك علامات على أن أحمدي نجاد يريد أن يحافظ على سيطرته على حساب المحافظين البرغماتيين. ولكن، تفضّل المؤسسة الدينية المحافظين البرغماتيين».

وقال المحلل السياسي المقيم في الولايات المتحدة إن آية الله خامنئي، الذي كان رجل دين من الطبقة الوسطى قبل أن يختار مرشدا أعلى، تحوّل إلى عائلة لاريجاني لطلب استعادة «الدعم له وللمؤسسة الدينية». ويقول إن عائلة لاريجاني ضمن المنتقدين لأحمدي نجاد ومن «الارستقراطية الدينية»، فأخو صادق لاريجاني، علي، رئيس البرلمان الإيراني وهو الممثل لقم، مركز التعليم الديني في إيران، وعمهما محقق داماد، من رجال الدين ورئيس سابق للسلطة القضائية. وللعائلة صلة قرابة بآية الله روح الله الخميني ومهدي هري يزدي، وهو رجل الدين شيعي برز خلال القرن العشرين.

وعلى الرغم من أن التكتيكات المعدّلة التي يستخدمها آية الله خامنئي لم تلطف من نظرته بصورة عامة للأحداث، فإنها تخدم هدفا سياسيا حسب ما يراه محللون سياسيون، وهو: إذكاء الخلافات بين تابعيه كوسيلة للمحافظة على سلطته. ومع ذلك لا يزال أحمدي نجاد عرضة للمخاطر على جبهات عدة، ومن بين المعارك التي ينتظرها معركة مع البرلمان بخصوص مرشحيه للمجلس الوزاري. ومع أن الرئيس قد يكون في موقف محرج إذا ما تم رفض ما يصل إلى ثمانية من مرشحيه، كما يتوقع بعض البرلمانيين، فإن الخلاف مع البرلمان يعطي آية الله خامنئي فرصة أخرى لإعادة ثقة الجمهور في الجمهورية الإسلامية. ويقول محللون سياسيون إنه يمكن أن يدلل على أن النظام ما زال قائما وأنه يحافظ على مجموعة من التوازنات.

وقال أحمدي نجاد أمام المجلس، البرلمان، يوم الأحد وقد بدا عليه الضعف: «هذا هو مطلبي المتواضع والأخوي من المجلس، أطلب منهم أن يضعوا ثقتهم في صديقهم وأخيهم، وأن يتركوا قضية كفاءة المجلس الوزاري للرئيس».

ولكن لم ينتظر أعضاء البرلمان طويلا ليبدأوا الهجوم، وقال البرلماني صدى الله ناصري خلال الجلسة التي كانت تنقلها مباشرة الإذاعة الحكومية: «ليس لدى معظم المرشحين الخبرة أو التعليم المناسبين»، حسب ما نقلته وكالة الأنباء «أسوشييتد برس».

* خدمة: «نيويورك تايمز»