صنعاء تلوح بـ «قرارات صعبة» تجاه طهران.. والجيش يؤكد تقدمه الميداني ضد الحوثيين

المعارضة اليمنية تدين محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف وتفجيرات العراق

جندي يمني خلال معارك في صعدة أمس (أ. ف. ب)
TT

حذر اليمن، أمس، الحكومة الإيرانية مما سماها الانعكاسات السلبية على علاقات البلدين، وذلك جراء الانحياز الإعلامي الواضح لوسائل الإعلام الإيرانية إلى جانب الحوثيين في شمال اليمن، الذين يقودون تمردا مسلحا ضد النظام اليمني منذ خمس سنوات. وقال وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي إنه استدعى أخيرا السفير الإيراني بصنعاء «وأبلغناه احتجاج الجمهورية اليمنية كما احتججنا لدى وزارة الخارجية نفسها حول خطابهم الذي يشوه الحقائق».

وأضاف القربي، في تصريحات صحافية نشرت أمس في صنعاء «نحن نبهنا الحكومة الإيرانية بأن هذا الخطاب لا يخدم مصلحة العلاقات الثنائية بين البلدين، وإذا ما أرادت وسائل الإعلام الإيرانية أن تظل أداة بيد عناصر التخريب بصعدة، فذلك سيجعل اليمن تقدم على اتخاذ قرارات صعبة». ولاحقا قال مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية لـ «الشرق الأوسط»، رفض الكشف عن اسمه، إن لا تأكيد لديهم بوجود دعم إيراني رسمي للحوثيين، لكنه أكد أن الدعم يأتي من الحوزات العلمية والجماعات الشيعية بصورة عامة، وأضاف: «طبعا عبرنا للحكومة الإيرانية عن احتجاجنا على موقف الإعلام الإيراني وقلنا إن ذلك لا يخدم علاقات البلدين».

ومنذ اندلاع التمرد الحوثي في شمال اليمن منتصف 2004 م والعلاقات اليمنية ـ الإيرانية تمر بفتور واضح ومد وجزر، بعد اتهامات وجهت إلى طهران بدعم التمرد خلال جولات الصراع أو الحروب الخمس الماضية، وسبق لليمن أن استدعى سفيريه في طهران وطرابلس في ليبيا لـ«التشاور»، كما قيل حينها، وذلك على خلفية اتهامات يمنية وجهت إلى إيران وليبيا بدعم التمرد. وفي الجولة الأخيرة الدائرة حاليا، ووجه وزير الإعلام اليمني حسن اللوزي قبل أسبوعين وفي اليوم نفسه الذي استدعت فيه الخارجية اليمنية السفير الإيراني، دون إعلان رسمي، اتهامات مباشرة للإعلام الإيراني الرسمي، وتحديدا إذاعة طهران الرسمية وقناتي «العالم» و«الكوثر» بدعم المتمردين إعلاميا والانحياز بصورة غير مهنية في التغطية الخبرية، خاصة بعد أن بثت تلك الوسائل مزاعم بتورط المملكة العربية السعودية في الحرب الدائرة في اليمن من خلال قيام الطيران السعودي بقصف لمعاقل الحوثيين، كما قالت تلك الوسائل، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة اليمنية التي اعتبرت تلك التسريبات الإعلامية، بأنها تهدف إلى الزج بالسعودية في الصراع، هذا عوضا عن الانزعاج اليمني السابق والمعلن من تقديم جهات إيرانية معروفة لأنواع متعددة من الدعم للحوثيين في اليمن.

إلى ذلك جددت أحزاب المعارضة اليمنية المنضوية في إطار تكتل «اللقاء المشترك» دعوة الحكومة اليمنية والحوثيين إلى «سرعة إيقاف الحرب الدائرة في محافظة صعدة والكف عن ربط الاقتتال بإرادة المتصارعين». وقال بيان صادر عن المجلس الأعلى للقاء المشترك، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه يؤكد على «مواقفه السابقة بضرورة إيقاف الحرب واستعداده للمشاركة في أي جهد وطني لحل هذه المشكلة»، داعيا إلى «تشكيل لجان شعبية لجمع التبرعات لصالح النازحين» وإلى «عدم استغلال هذه اللجان سياسيا وإعلاميا لأي من أطراف الحرب».

وأضاف «المشترك» مؤكدا أن «ما يتعرض له المواطنون الأبرياء من قتل وتشريد يعزز من ثقافة الكراهية والتي يدفع ثمنها الوطن بأكمله»، مطالبا بوقف الاعتقالات للمواطنين في كافة محافظات الجمهورية وإطلاق سراح المعتقلين خارج إطار القانون والدستور.

ودانت المعارضة اليمنية في بيانها محاولة الاغتيال التي تعرض لها الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية السعودي وكذا التفجيرات التي شهدتها المدن العراقية أخيرا، ودعت إلى ضرورة تكاتف الجهود لإنهاء الحروب وأعمال العنف التي تغذي الإرهاب في المنطقة. على الصعيد الميداني، أعلن مصدر عسكري يمني أن سلاح الجو واصل توجيه «الضربات الموجعة لعناصر التمرد والتخريب الحوثية» في محافظة صعدة، ونجح في دك مواقع وأوكار تلك العناصر في ضحيان والنقعة وساقين وهجرة قطابر. وقال المصدر إن وحدات من الجيش والأمن «شنت هجوما باستخدام أسلوب تكتيكي جديد يتناسب وحرب العصابات ضد عناصر التمرد الحوثية ونجحت في إلحاق خسائر فادحة في صفوف تلك العناصر في كل من مفرق ذويب ومجمع شدا وكوزان وفروة»، مؤكدا «وقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف عناصر التمرد والإرهاب»، وأن وحدات من قوات الجيش والأمن واصلت هجومها على «الإرهابيين الحوثيين في مواقع الظهرة» وأن تلك العناصر منيت بهزيمة قاسية في مديرية شدا. ويعتقد مراقبون أن الأسلوب التكتيكي الجديد الذي لجأ إليه الجيش اليمني هو نفس أسلوب وطريقة حرب العصابات التي يستخدمها الحوثيون ضد القوات الحكومية.

واتهمت وزارة الدفاع اليمنية الحوثيين بإجبار الأسر على توجيه أطفالها لحمل السلاح بالقوة وإرسالهم إلى جبهات القتال للالتحاق بـ«صفوف عناصر التمرد»، وأن «عصابات الحوثي تستخدم أبشع أساليب التهديد والوعيد التي تصل إلى حد القتل والتصفيات الجسدية ضد المواطنين الذين يخالفون أوامرهم». وأضافت الوزارة «إن المعلومات الميدانية تشير إلى أن عناصر التمرد والإرهاب الحوثية أصبحت متهالكة ومعنوياتها منهارة خاصة بعد أن تلقت ضربات موجعة في أكثر من مكان وآخرها ما تلقته في كل من ساقين وشدا وضحيان والنقعة وأن العشرات منهم يستسلمون للجيش أو يفرون من المواجهات الجارية معهم».

في هذه الأثناء، نفى الحوثيون استسلام عناصر مسلحة منهم للسلطات، وقال بيان صادر عن عبد الملك الحوثي، القائد الميداني للحوثيين، إن السلطة «تحاول دائما تغطية فشلها الذريع في ميادين المواجهات عبر نشر إشاعات وأباطيل لا أساس لها من الصحة»، مشيرا إلى أنهم يحققون تقدما ميدانيا بأسلوب «النفس الطويل» وإلى أن المواقع العسكرية تتوالى في السقوط في أيديهم «واحدا تلو الآخر، كما حدث لموقع طيبان العسكري في مركز مديرية الظاهر حيث سقطت المنطقة بالموقع كاملا، إضافةً إلى الاستيلاء على المعدات والمؤن العسكرية الموجودة في المنطقة». وعرض الحوثيون مقاطع فيديو لما قالوا إنها «غنائم» استولوا عليها من بعض المواقع العسكرية التي سيطروا عليها.